انتشرت على نطاق واسع بمراكش مشاهد مصورة "فيديو" تكشف عن مدى المعاناة التي تئن تحت وطأتها ساكنة زنقة تطوان بساحة جامع الفنا، جراء سيطرة حراس بعض المواقف والمراكن التي تحتكرها وجوه انتخابية، ونشرهم لذيول الفوضى، حيث باتت هذه الفضاءات مسرحا لمعارك يومية لحراس يستمدون قوتهم وتسلطهم من أصحاب هذه المحطات. أشخاص دخلوا مجال تسيير الشأن المحلي من بوابة معرفتهم الجيدة من أين تؤكل الكتف، مع إتقانهم للعبة ربط المصالح الشخصية بأموال الجماعة اعتمادا على طرق التفافية أصبحت معروفة لدى الخاص والعام، ومن ثمة بسط سيطرتهم على أغلب المراكن ومواقف السيارات والدراجات واحتكارها بعيدا عن مبدأ الشفافية وحرية المناسبة المفروض اعتمادها في كراء أزيد من 840 محطة وموقفا، والتي لا تستفيد منها مالية الجماعة سوى بمبلغ ملياري سنتيم. الطريقة التي ظلت معتمدة في تدبير وتسيير قطاع المراكن والمرائب التابعة للمجلس الجماعي بمراكش، ظلت ولازالت تشكل الجرح النازف في شرايين المداخيل المالية لبلدية مراكش، بعد أن حولها بعض المسؤولين المنتخبين الذين يتربعون على كراسي المكتب المسير، إلى بقرة حلوب لمراكمة الثروات والنفخ في الأرصدة المالية والعقارية. أصبحت بعض الأسماء معروفة لدى العام والخاص بمدينة الرجالات السبعة باحتكارها للقطاع، دون أن تكلف أي جهة نفسها عناء التصدي لهذا التطاول على المال العام مفضلة ترك حبل الاستغلال والاحتكار على غارب لوبيات المجال التي لا تتورع في استعمال نفوذها ومواقعها بالمجلس الجماعي للاستحواذ واحتكار العديد من هذه المواقف عبر ابتكار طرق ملتوية تمنحها إمكانية السيطرة. وإذا كان المنتخبون المعنيون قد ولجوا هذه الخدمة من باب مواقعهم الانتخابية، ضدا على بنود الميثاق الجماعي، وتفننوا في إيجاد "التخريجات" التي تمكنهم من البقاء بعيدا عن المساءلة، عبر تسخير بعض الأسماء المحسوبة عليهم، واتخاذها دروعا وغطاءات يحتمون بها لنشر ذيول احتكاراتهم للقطاع، والتي تمتد إلى تكييف عروض الأثمان الخاصة باستغلال هذه المحطات على مقاسات "أبطالها" من المنتخبين، واعتماد كافة السبل التي تمنحهم الانفراد باستغلال واحتكار جميع المواقف ذات المردودية المالية المرتفعة، ما مكنهم من النفخ في أرصدتهم المالية والعقارية بشكل لا يستقيم وظروفهم الاجتماعية والمهنية. تبرز خطورة الظاهرة من خلال حجم الاستنزاف الذي يطال المال العام بحكم سيطرة لوبي القطاع على تدبير الشأن المحلي، حيث أن نفوذ المتورطين وتربعهم على كراسي المسؤولية يمنحهم إمكانية تفصيل المزادات الخاصة بكراء هذه المراكن والمواقف على مقاساتهم الخاصة ووضع خارطة طريق لتمريرها اتجاه الوجهة المطلوبة، ما يؤكده استمرار احتكارهم لعشرات المواقع طيلة سنوات بل طيلة عقود من الزمن، لتبقى بذلك السمسرة وطلبات العروض السنوية مجرد إجراءات شكلية لرفع العتب ودر الرماد في العيون. أشخاص دخلوا مجال التدبير المحلي مسلحين بضعف المستوى التعليمي إن لم يكن انعدامه بالمرة، وتمكنوا بفعل تواطؤات سارت بذكرها الركبان من ضمان مواقع حساسة بهرم المكتب المسير، لينطلقوا بعدها في استغلال سلطاتهم ومواقعهم في حصد هذا النوع من الامتيازات دون رادع أو وازع، ودون أن يقدموا أي خدمة للمدينة وساكنتها أو يشكلوا قيمة مضافة تعكس كل هذا الإصرار على تبوؤ مراتب المسؤولية.