باريس 31 ماي 2015 (ومع) أكد السيد أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة، أن المفكر الكبير حاييم زعفراني، استطاع التعبير بقوة عن عمق وتعقد ونموذجية تاريخ المغرب. وأضاف السيد أزولاي، خلال حفل نظم اليوم الأحد تكريما لحاييم زعفراني الذي ولد بالصويرة سنة 1922 وتوفي سنة 2004 بباريس ، والذي تخصص في ثقافة السفارديم والعلاقات بين اليهود والعرب، أن هذا الأخير يعد أحد الرجالات البارزين في عمق تاريخ المملكة، مبرزا في هذا السياق المسار الاستثنائي لهذا المثقف عالم الأنثروبولوجيا والتاريخ والاجتماع . وذكر السيد أولاي بالالتزام النضالي لزعفراني، وصرامته ونزاهته الفكرية، وتشبثه بمغربيته، مؤكدا أن "أعمال هذا المستكشف الذي لا يكل للذاكرة اليهودية العربية، ساهمت في نشر يهودية إنسانية وحداثية، رافضة للفكر الأحادي". وقال إن زعفراني، الذي ينحدر من أصول يهودية أمازيغية وعربية، "استطاع من خلال أعماله إبراز غنى تاريخنا" ، مذكرا بأنه شرع في التدريس منذ بلوغه السابعة عشرة من عمره . ومن جهة أخرى، أعلن السيد أزولاي أنه سيتم في ربيع 2016 إحداث مركز مخصص للعلاقات بين الإسلام واليهودية، سيطلق عليه اسم حاييم زعفراني. من جهته، أكد مصطفى صحا، الذي كان وراء مبادرة التكريم، أن حاييم زعفراني يعتبر بدون منازع المؤرخ والمفكر المرجعي للتنوع البنيوي والتعددية الثقافية البناءة في المجتمع المغربي منذ نشأته ، مبرزا أن زعفراني لم يتوقف طيلة حياته، ومن خلال أبحاثه العلمية، عن العودة إلى المنابع من أجل التأسيس لذاكرة المستقبل. وأضاف مصطفى صحا، وهو ايضا باحث في علم الاجتماع وفنان تشكيلي وشاعر، أن حاييم زعفراني أنجز عملا غزيرا، ومثيرا للإعجاب، شعاره في ذلك الصرامة الفكرية، والعلمية والأخلاقية، والمثابرة الهادئة. وقال مصطفى صحا، في مؤلفه "حاييم زعفراني: مفكر التنوع المغربي" الذي تم تقديمه بهذه المناسبة، إن زعفراني بصم حتى أخر حياته بعيدا عن الاعتراف العمومي والجوائز الأكاديمية ، على حضور بارز للباحث المواظب والمستكشف الذي لا يتعب لتنوع التراث الثقافي المغربي. وذكر صحا أن زعفراني عمل طيلة حياته على تحقيق هدف واحد يتمثل في إبراز الرأسمال التاريخي الاستثنائي والتراث الثقافي العريق الذي يجهل جزء كبير منه، وذلك لفائدة الاجيال الحاضرة والمستقبلية. وأبرز المؤلف ان حاييم زعفراني استدل، من خلال حجج مادية دامغة، على قدم اليهودية الأمازيغية، واليهودية العربية في الحضارة المغربية، من خلال آثار من الحقبة الرومانية، ونصوص مؤرخة وموثقة. وشكل اللقاء أيضا مناسبة للتذكير بأن المغرب كان عبر التاريخ أرضا للتسامح والتعايش بين الديانات، والتأكيد على الاندماج التام للطائفة اليهودية في المملكة. يذكر أن حاييم زعفرانيo وهو مؤرخ فرنسي من أصل مغربي، أنجز 15 مؤلفا وكتب أزيد من 150 مقالا حول اليهود بأرض الإسلام وخاصة في المغرب. وكان زعفراني، الحاصل على دكتوراه في العلوم الإنسانية وأخرى في الدراسات الشرقية، عضوا بمعهد الدراسات السامية بكوليج دوفرانس، وعضوا بلجنة الإشراف على مجلة (آفاق مغاربية)، وعضوا مراسلا لأكاديمية المملكة. واشرف على قسم اللغة العبرية والحضارة اليهودية بجامعة باريس الثامنة، التي أصبح أستاذا بها.