سومة كراء المرائب و«الكراجات» الواقعة أسفل البنايات السكنية، تحطم أرقاما قياسية في ارتفاع أثمانها هذه الأيام بمدينة فاس، بسبب شدة الإقبال عليها من قبل مربي الأضاحي و«الشناقة»، ومن قبل مرشحين محتملين للانتخابات القادمة.«الكراج اللي كان كيسوى 1500 درهم فالشهر، ولى الثمن ديالو حاليا 5000 إلى 6000 درهم... هناك إقبال كبير على هاذ المحلات، لأن الحاجة ليها كببرة فهاذ الأيام»، يقول عبد الله الساعدي، صاحب مرأب بزنقة عبد المومن أكومي بحي الأطلس. أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى، وعن الانتخابات البرلمانية ل 25 من نونبر الجاري. هناك سباق محموم في اتجاهين، في اتجاه البحث عن الكبش بالثمن المناسب، وفي اتجاه البحث عن أصوات الناخبين بأية وسيلة كانت. في مضمار هذا السباق المضني، يسارع «سماسرة» أضاحي العيد وسماسرة الانتخابات على إيجاد قواعد خلفية لتحقيق مآربهم، وتسهيل مهامهم. تزامن عيد الأضحى مع الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية، هذه السنة، جعلت سومة كراء العديد من «الكارجات»، تعرف بين عشية وضحاها ارتفاعا ملحوظا هذه الأيام، خاصة بالأحياء الشعبية بالعاصمة العلمية. إقبال مربي وتجار أضاحي العيد على كراء «الكارجات» ليس من قبيل الصدفة، ولكن بالنظر لكون مدينة فاس، على غرار المدن الكبرى، باتت تفتقد مع توالي السنوات لفضاءات فارغة لإقامة أسواق خاصة بأضاحي العدي، نتيجة الزحف العمراني المتواصل. ورغم أن كراء محلات لإيواء وبيع الأضاحي خلال هذه الفترة، أمر يستحسنه عدد من السكان الذين يتفادون مشقة التنقل إلى الأسواق القروية، ويفضلون اقتناء أضاحيهم، رغم الزيادة في الأسعار، فإن مواطنون آخرون يعبرون عن تذمرهم من انتشار مثل هذه المتاجر العشوائية للأغنام والماعز وسط أحياء سكنية، ما يثير امتعاض عدد من السكان من هذه المحلات التي تتحول في نظرهم إلى إسطبلات «هاذي راها كوارة ماشي محلات تجارية... الريحة ة كتخنقنا وأصوات الأغنام كتصدعنا بالليل والنهار». على الطرف الآخر، لجأ عدد من المترشحين للانتخابات القادمة ومن يدور في فلكهم بفاس، هم الآخرين، إلى كراء مرائب للشروع بعد أيام قليلة في حملاتهم الانتخابية. والسبب يعود إلى عدم توفر أغلب الأحزاب السياسية بفاس على مقرات حزبية قارة، ما جعل كراء هذه المحلات بمثابة حل مؤقت، شبيهة بدكاكين انتخابية، تخصص لعقد اجتماعات يومية وجمع الأتباع للانطلاق في الحملات الانتخابية ووضع منشورات الحزب وأوراق الدعاية الانتخابية. ظاهرة «الدكاكين» السياسية التي تظهر فجأة خلال الاستحقاقات الانتخابية المؤقتة، ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى عقود خلت، وهي من «العادات المشينة التي تسيء إلى الممارسة السياسية ببلادنا»، على حد قول عضو بالمكتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي. محمد الزوهري