أكد وزير الصحة الحسين الوردي، أمس الأربعاء بالرباط، أن تشجيع المغاربة على التبرع بأعضائهم، مرتبط بإعادة الثقة في المؤسسات والكفاءات والتحسيس بأهمية التبرع كشكل من أشكال التضامن والتكافل الاجتماعيين. وأوضح الوردي، في كلمة بمناسبة لقاء وطني نظمته الوزارة حول تشجيع التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، تحت شعار "ومن أعضائي حياة"، أن من شأن قنوات التنشئة الاجتماعية، خاصة المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، أن تضطلع بدور أساسي في المساهمة في تعديل العديد من المواقف والقناعات التي كونها الناس حول هذه المسألة. وأبرز أن المغرب يتوفر على تجربة واستقلالية مهنية اكتسبهما من خلال التدخلات الناجعة والعمليات المثمرة، كما يتوفر على الكفاءات العلمية والبنيات التقنية والبيوطبية الحديثة، إسوة بالدول التي قطعت أشواطا متقدمة في مجال نقل وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية. وأضاف الوردي أن المغرب كان سباقا على المستوى المغاربي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، إذ أجريت أول عملية زرع الكلي على المستوى المغاربي سنة 1985 بالدارالبيضاء، وعملية زرع القلب سنة 1995 بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، كما أجريت أول عملية لزرع النخاع العظمي بالمركز الاستشفائي ابن رشد سنة 2004. أما زراعة القرنية فلم يبتدئ العمل بها إلا سنة 2009 رغم سهولتها التقنية. وعرف المغرب انطلاقا من سنة 2010 إنجاز أول عملية لزرع الأعضاء من مانحين في حالة موت دماغي بموافقة عائلاتهم، وذلك بالمستشفى الجامعي بالدارالبيضاء، قبل أن تعمم بالمستشفيات الجامعية الأخرى. كما أنجز المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش سنة 2014 أول عمليتين لزرع الكبد تلتها ثلاث عمليات أخرى في كل من الدارالبيضاء والرباط، وأجريت في المركز الجامعي الحسن الثاني بفاس عمليات معقدة لزرع الأطراف، الأولى من نوعها سنة 2014، كما عرفت نفس السنة إنجاز 50 عملية لزرع الكلي من طرف المستشفيات الستة المرخص لها بذلك. وأكد الوزير أنه نظرا لكون عمليات زرع الكلي والانسجة تتم تغطية تكاليفها من طرف نظام التأمين الاجباري على المرض، فقد عملت وزارة الصحة على تسهيل الولوج لحاملي بطاقة راميد للاستفادة من هذا النوع من العمليات الباهظة التكلفة، حيث تمت أول عملية زرع الكبد في المغرب لفائدة أسرة مستفيدة من نظام راميد، مشيرا إلى أن عدد المستفيدين من عملية زرع الأعضاء والانسجة في إطار هذا النظام بلغ 164 عملية. ولتلبية حاجيات المواطنين في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، يرى الوردي أنه لابد من الوصول الى إنجاز سنوي لأكثر من 1000 عملية لزرع القرنية، و250 عملية لزرع الكلي و300 عملية لزرع نخاع العظام، معلنا أنه تقرر جعل يوم 17 أكتوبر من كل سنة، الذي يصادف اليوم العالمي للتبرع، مناسبة وطنية لمواصلة التعبئة الاجتماعية والمدنية والرفع من أنشطة التحسيس والحث على التبرع بالأعضاء والأنسجة. واعتبر أن من مميزات القانون المغربي المنظم لزراعة الأعضاء في المغرب، الذي يشمل علاوة على القانون رقم 16- 98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها الصادر بتنÜفيذه الظهير الشريف رقم 1-99-208 بتاريخ 25 يناير 1999، مرسوم تنظيمي و 06 قرارات تطبيقية، هو أنه أكثر صرامة من بين القوانين الأخرى، حيث حسم في كل ما من شأنه التلاعب بأعضاء البشر من خلال المسطرة المتبعة. وعلى المستوى التنظيمي، أشار الوزير إلى أنه تم تفعيل مجموعة من الأجهزة من ضمنها المجلس الاستشاري لزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، ولجان زرع الأعضاء بكل من المستشفيات الجامعية الأربعة، والتنسيقيات الاستشفائية وشبكة المستشفيات التي تشتغل على زرع الأعضاء والتي تزايد أداؤها بشكل مضطرد سنة 2014، حيث تم إنجاز 6 عمليات نقل متعددة الأعضاء صاحبتها 11عملية زرع. ومن جانبه، اعتبر وزير العدل والحريات مصطفى الرميد أن التبرع بالأعضاء "نوع من أنواع الإحسان وأفضل الفضائل ومن أعظم أوجه الجهاد"، مبرزا روح العطاء والتضامن لدى المغاربة خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة إنسانية وأخلاقية. وبعد أن أشار إلى تجربته الشخصية المرتبطة بتسجيل اسمه في سجل المتبرعين، أكد على ضرورة التعاون للحصول في زمن قياسي على أكبر عدد من المتبرعين لتسهيل عملية التبرع حتى يصبح بمثابة تأمين جماعي يستفيد منه الجميع. ومن جهته، أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، أن التردد في الإقبال على التبرع بالأعضاء مسألة ثقافية ونفسية بالدرجة الاولى، لأن الأمر يتطلب شجاعة كبرى، معتبرا أن التغلب على هذا التردد يقتضي تركيز التحسيس والتعبئة على مستوى فئة المثقفين أولا ليمتد شيئا فشيئا ليشمل باقي الأوساط. وشدد على ضرورة التنسيق بين وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية والصحة، من خلال إعداد خطب مشتركة يتم الاتفاق على مضمونها وإرسالها إلى خطباء المساجد، ومد وزارة الصحة الخطباء بورقة يتمكنون من خلالها من التعرف على أهمية التبرع وإيجابياته وخلفيته الشرعية. وبدوره، قال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إن الوزارة تعتزم إطلاق برامج حوارية وتواصلية، واعتماد وصلة مجانية تبث في وسائل الإعلام السمعية والبصرية تتحمل تكاليفها وزارة الاتصال والمتعهدين العموميين، ويتم بثها بشكل دوري ومنتظم. وأوضح أن عدم الإقبال على التبرع يرجع إلى غياب سياسة توضح الأبعاد الإيجابية المرتبطة بهذه العملية وطغيان صور نمطية سلبية تشيع ثقافة الحذر والخوف من الإقدام على التبرع بالأعضاء والأنسجة. وركز على أهمية استيعاب الأبعاد الجديدة وإمكانيات التواصل التي تتيحها الشبكات الاجتماعية (9 ملايين صفحة فيسبوك في المغرب) والانفتاح على الشباب، وإطلاق منصات للاتصال ورسائل إنذارية للوصول إلى أكبر عدد من المتبرعين، باعتبار هذه الشبكات تتيح التفاعل بين المرسل والمتلقي، وتعد مكونا جوهريا وحيويا في مجال التحسيس بأهمية التبرع. وتضمن برنامج هذا اللقاء الذي حضرته نخبة من علماء الدين والقانون والطب، جلسات تتناول منجزات وآفاق التبرع وزرع الأعضاء، والإطار القانوني والديني والحقوقي، إضافة إلى دور المجتمع المدني. عدسة محمد العدلاني