فرادى، جماعات ... همهم الإمتاع والمؤانسة عبر التربص ببنات حواء ... شبان جعلوا من فنون المعاكسات والتحرشات ... عادات يومية في حياتهم !!! على الأرصفة .. الشوارع ... المقاهي .. أبواب الثانويات والجامعات، راجلين وعلى متن سياراتهم، تجدهم لايكلون من ترديد قوافيهم الزجلية، تغزلا في معاكسة الكل بدون استثناء ... “مولاة لبلدي” ... “الرومي” .. تلميذات، طالبات، فقط للتباه أمام أقرانهم، وكأنهم يقيسون رجولتهم بعدد التحرشات التي يمارسونها على مدى ساعات الليل والنهار. يبدو المكان على غير عادته. يسكنه هدوء غريب. لكن على بعد بضعة أمتار من بوابة ضريح المرأة الصالحة «للاتاجة» بقلب المدينة القديمة بالدار البيضاء كانت الصرخات الحادة والخطوات الحثيثة لفتاة ببذلتها المدرسية قد بعثر السكون الجاثم. حررت ذراعها من قبضة رجل مديد القامة، يترنح من فرط ثمالته الظاهرة، يحمل “سباعية” ريفية ويلوح بها يمينا ويسارا، وكأنه يحارب طواحين الهواء. لم تجد الفتاة بدا من الركض اتجاه بعض المتحلقين، لعل مهابتهم تكسر اندفاع الشاب الهائج، لكن من يملك الشجاعة للوقوف في وجه شخص يملك سجلا حافلا بكل أنواع السوابق القضائية. «والله اليوم لا فلتي مني .. ديما معفره عليا .. جيناك بالخاطر مبغيتيش، آش خاصك .. ليوم غادي نطرق معاك هاذ لحساب»! لم يعر الشاب المندفع انتباها للجمهور، ولا للمارة الذين كانت أسماعهم تلتقط أقذع الكلام الساقط. دون سابق إنذار تلقت الفتاة المغلوبة على أمرها، صفعة قوية على خدها حتى فقدت توازنها، لتجد نفسها ممدة على الأرض، استجمعت قواها المنهكة لتتحسس حرقة الألم على وجنتها، وهي في نوبة بكاء شديد. استنجدت بالغرباء الصامتين، الذين وقفوا يتفرجون على محنتها، انطلق المتحرش متبخترا في مشيته، وكأنه انتهى لتوه من من ممارسة حق مشروع، بينما لم يمل من تكرار سبه الفاحش لكل بنات حواء ... «مالني ناقصاني يد ولا رجل .. هانا بحالي بحال كل الناس». حاولت إحدى السيدات رفقة بعض الحاضرين، تهدئة الفتاة المنهارة، لكن تصلب المتحرش كان لها بالمرصاد! وبينما الفتاة وبصوت مبحوح مجهد، لم يبق لها من خيار غير الاستسلام للقدر الذي قادها عن طواعية لتسقط في يد ثور بشري، أدين في محاولتي اغتصاب سابقا، غير أن تحرشه الأخير كان المسمار الذي دق في نعش انحرافاته السلوكية! بعد لحظات ظهرت دورية لفرقة الصقور بالحي، اعتقلت الشاب الذي لم يبدي مقاومة، وأنقذت الفتاة من واقعة تحرش كادت تنتهي بجريمة. متحرشون مع مرتبة الشرف! يعتبر نفسه شاب “كوول”، يجد متعته وراحته في إضحاك أصدقائه على فريسته، بكل ما يخطر على باله من عبارات غزلية متفردة .. قد تكون عفوية وليدة اللحظة، أو من قاموس المعاكسات المتداول. أنظاره مشدودة إلى السماء بكل أنفة، تعددت صفاته ونعوته .. “طياح الدرب” .. “دونجوان حي الأمل”، غير أن الصفة التي تلازمه على الدوام “طياب عنب” مع مرتبة الشرف! .. لا يمل فمعدل تحرشاته قد يبلغ 20 عملية تحرش يوميا حسب أصحابه. - ختي عجبتيني وباغي المعقول، إذا كان بالامكان رقم التيلفون؟ - سير آلبوكوس حتى تسالي قرايتك، ونوريك باب دارنا كاع! مع ذلك لم يثنه الصد عن استكمال أشواط تحرشاته المثيرة .. «هادشي لعطا الله آخويا، لاجونيس مكتعوضش، أنا شحال غادي نعيش هاذ السن في حياتي من مرة » ! .. يشرح «عبدالصمد» وهو مستغرق في إدخال “روتوشات” على “التشويكة” البديعة، بينما أصدقاؤه، يتهكمون عليه، بعد تلقيه جوابا مستفزا من طرف فريسته الراشدة! شبان جعلوا من التحرش الجنسي، وقت فراغهم الثالث .. طقس يمارسونه مع كل نظرة شاردة أو رمقة خاطفة، والسبب ؟ .. دلال البنات، الذي يحرك فيهم، أحاسيس شهوانية مكبوتة .. «واش ساطا غاديا لابسة كلشي مزير عليها، وبغيتيني أنا ندير بحالا ما كنشوف والو»! تحرشات متتالية بدون ملل، حتى في حالة عدم استجابة المتحرش بهن. البعض يعتبرها موضة شبابية لايستطيع التخلي عنها، لكونها واقعا يعايشه في كل الأمكنة .. الشوارع، المقاهي، الشواطىء، الثانويات. لا يقتصر التحرش فقط على «المعاكسات الشفوية» بل يتعداه إلى النوع الأصعب «المعاكسات المادية»، خصوصا إذا صادف أن خرجت الفتاة أو الشابة ليلا، فستجد بعض الأيادي الجريئة التي يمكن أن تتحسس بعض أطراف جسدها، كما ستصل إلى مسامعها عبارات الاستنكار بدل مد يد المساعدة، بدعوى .. أنها «خارجة بدوك الحوايج علاش كتقلب»، وآخر .. «اش داها تخرج في نصاصات الليل» حتى ولو لم تتعدى الساعة التاسعة مساءا متحرش نخبوي! بوسط المعاريف بالدارالبيضاء، يتخذ من أحد المقاهي الراقية مرتعا له لممارسة أفانينه الخاصة في معاكسة العابرات. متحرش متمرس، عيونه تترصد كل المفاتن الظاهرة والباطنة، يحدق بعينيه طويلا منتشيا في قوام الفارعات. قاموس تحرشاته يشمل عبارات وجمل بكل اللغات .. الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، وغالبا ما يستطيع أن يظفر بأرقام هواتف البعض منهن، كما يمكن أن يستميل إحداهن لطاولته قصد تجاذب أطراف الحديث. «التحرش ليس له حدود ممكنة، إذا لم أحظ بجواب مشجع من إحداهن، فالأمر لا يعكر مزاجي بتاتا، ولا أعير للأمر أهمية فالتحرش «اللبق» بالنسبة إليه لا يخرج من دائرة الترفيه عن النفس .. « وماتعرف تقدر تصدق ليك وطيح في بنت الناس» .. يشرح «مصطفى» ثم يضيف مسترسلا «حنا بعدا جات معانا باقي صغار .. بعض المرات، كتلقى مراهقين شيوخ ... شعرهم شاب ودايرين الضحك في راسهم!». محمد كريم كفال