قناة تمازيغت في ليبيا. حقيقة ولا في الأحلام. كيف؟ بكل بساطة الدنيا لأن القذافي ما كان ليسمح لطاقم قناة تلفزيوني أمازيغي بالولوج إلى دياره لو ظل حيا، فكيف له أن يسمح لقناة ناطقة بهذا اللسان للعمل والتصوير والتعليق من أرض ليبيا «تاكراولة»؟ القذافي كان يكره كره العمى أي شيء مسمى الأمازيغية. والدليل ماكان دائما يصرح به من كون الليبيين عرب أقحاح، والبربر انقرضوا بعد قرن كامل من الجفاف ضرب شمال إفريقيا في الأزمنة الغابرة، وجاء العرب فحلوا مكانهم، وبما أنهم جاؤوا عبر البر، فقد قيل بربر وأصبحوا يسمون بربر. القذافي ولقطع كل أمل للأمازيغ في العيش بسلام وهناء على أرض أجدادهم، فقد نكل بهم ووقع على كم هائل من المجازر والجرائم في حق الشعب الليبي من الطرف حتا للطرف و نال منها الأمازيغ الليبيون النصيب الأكبر. تمازيغت في ليبيا إذن. وهي هناك ممثلة في الصحافي عبدالله بوشطارت صاحب برنامج «مبعوث خاص» الذي شكل منذ انطلاقته خلال هذه السنة واحدا من أبرز البرامج التي تبثها تمازيغت. مبعوث خاص وكما يدل على ذلك عنوان البرنامج، فهو برنامج تحقيقات تلفزيوني يحاول في كل مرة النبش في بعض القضايا والمواضيع التي تهم الشأن المحلي خاصة في المغرب العميق. مغرب المغاربة المنسي والذي يعاني شتى ويلات التهميش والإقصاء على الكثير من الأصعدة. عبدالله بوشطارت ومن خلاله قناة تمازيغت، ستكون في الواجهة خلال الأيام القادمة. ذلك أن هذه القناة ستكون أول قناة مغربية تقرر الانفتاح على الشأن الليبي مباشرة من هناك وعلى الأرض صوتا وصورة. تمازيغت ستحتك بالناس هناك، وتحاول تقديم صورة أخرى للخبر الليبي بصيغة التلفزيون المغربي الذي ظل يتوصل بصور أرض المعركة وبتفاصيلها منذ لحظة انطلاق الشرارة الأولى للتمرد والعصيان المشروع والمعقول ضد الطاغية القذافي وكتائبه.خلال مقام طاقم تمازيغت الذي كان بدأ في 21 أكتوبر الماضي، والذي سيستمر حتى الاثنين المقبل، سيكون مناسبة لتقديم كل أشكال الحراك الليبي. وسيقف في كل من بنغازي ومصراتة والزاوية وجبل نفوس وسرت على شكل الحياة هناك، كما سينقل مشهد يوميات الليبيين ومدى تأثير الثورة على حياتهم بعد القذافي. ليبيا حرة اليوم في الانتفتاح على محيطها. ومن خلال ذلك يمكن لها اليوم أن تستقبل كل أجناس الدنيا الذين حرمت منهم من قبل اللجان الشعبية البائدة. ليبيا تستقبل إذن اليوم قناة مغربية ناطقة بالأمازيغية. كيف لا وليبيا اليوم يكتشفها العالم شعبا متجانسا يضم العرب والأمازيغ. أمازيغ سيكون لهم شأن في ليبيا التي يتهيأ لها حاليا. وبالتالي فإن الانفتاح على المحيط أصبح حتميا ولا رجعة فيه. وستكون بوابة القضية الأمازيغية سبيلا لكي تعيد ليبيا الأحرار للدولة في هذه المنطقة هيبتها ومكانتها بين الدول بعد سنوات من حالة الاستثناء التي فرضها القذافي. الطاغية ولى وذهب إلى مزبلة التاريخ. لكن الأهم هو أن ليبيا اليوم حرة، سيدة نفسها ونتمنى أن تستمر نفس الروح مع المجلس الانتقالي الحالي ومع القادم من المنتخبين الذين سيتولون زمام تسيير ليبيا الحرة. حرية ليبيا تبدأ من قبولها بالآخر. وهذا القبول والترفع عن الدخول في حسابات الانتقامات والجزاء، ستفتح الباب أمام كل أبنائها لكي يكونوا فاعلين حقيقيين في دولتهم الجديدة التي ضحوا من أجلها لعقود طويلة. خطوة تمازيغت هذه ستكون تجربة ستغني القناة. وسيشكل برنامج «مبعوث خاص» وثيقة تلفزيونية مهمة ستبقى في أرشيف القناة كواحد من أبرز الأحداث التي تعاطت معها تمازيغت جهويا.