AHDATH.INFO- برلين – خاص – محمد مسعاد استحضرت الحكمة القديمة "المرأة تمنح الحياة والرجل يدمرها" وأنا أقرأ مرة أخرى الترجمة الألمانية لكتاب الباحثة المصرية ناهد سليم الصادر باللغة الهولندية تحت عنوان " زوجات النبي". غير أن دار النشر الألمانية اختارت أن تعون الكتاب ب "أبعدوا القرآن عن الرجال، لأنه يعكس إشكالية البحث في نظرها. يكتسي الكتاب أهميته وراهنيته من السجال والجدل الذي يعيشه العالم العربي والاسلامي حول مكانة المرأة في الإسلام من جهة، ومن الصراع الدائر حالياً في الغرب حول الحجاب والمناقشات التي تظهر في وسائل الإعلام حول الإرهاب والتطرف من جهة أخرى. هذا بالاضافة إلى ما يعيشه العالم العربي من أوضاع لها ارتباط مباشر بالاشكاليات السابقة. تدور فكرة الكتاب حول تفاسير القرآن و الآحاديث وهي لحد الآن رجالية بامتياز، خدمت دوما مصلحة الرجل. لا تخفي الكاتبة انتقادها لهذه التفاسير التي تعتبرها تمييزية ضد المرأة. ففي نظرها حرص الرجالُ على منع النساء من ممارسة حقوقهن التي وهبها الله لهنّ. لذا تدعو ناهد سليم إلى تفسير النص بما يتماشى مع متطلبات العصر ومراعاة الظروف الاجتماعية الراهنة. تعطي الباحثة في كتابها أمثلة كثيرة تُبين فيها تأويل رسالة القرآن بشكل يغبن النساء المسلمات في الماضي والحاضر عن قصد. أكان ذلك يتعلق بأحكام متشددة تخص ارتداء ملابس معينة، أو بقوانين الإرث أو بالتعدد، أو بالتصورات الجنسية. تؤكد الكاتبة على أن الإسلام، جاء ليعيد الكرامة للمرأة وتحسين أوضاعها، ولكن التفاسير القرآنية لجاءت للحد تحدَّ من ذلك. وتعطي أمثلة كثيرة منها مسألة الحجاب، على الرغم من أن القرآن يخلو من نص صريح يأمر النساء بارتداء الحجاب. وفي هذا الصدد تبين ناهد سليم أن كلمة الزينة الواردة في سورة النور، تعني في اللغة العربية الحلي أو مساحيق التجميل، أي كل ما يُبرز جمال المرأة. غير أن الصحابي ابن عباس، وهو سند الكثير من أحاديث الرسول، ادعى أنّ المقصود بكلمة الزينة الجمال بعينه. وبهذا يؤدي تحريم إظهار النساء لزينتهن على غير المُحرَمين، الذي ورد في القرآن، لإجبارهن على تغطية كامل أجسادهن". كما لا تتواني الباحثة عن ذكر قضايا أخرى مثل قضية عدم عدالة توزيع الميراث في الإسلام ونصيب المرأة الذي يبلغ نصف نصيب الرجل، حيث تشير إلى مسألة أساسية تتعلق بأن النصف الذي تحصل عليه المرأة يبقى خاص بها، ونفقتها ملزمة على الرجل سواء كان زوجا أو أخا وهو ما ينتفي اليوم. أما فيما يخصص التعدد، فترى الباحثة أن التفاسير الرجالية، جحولت لتعدد إلى مظلمة إجتماعية . ولعل الوقوف على سبب نزول السورة التي ورد فيها التعدد، يُظهر العلاقة بين حفظ أموال اليتامى وبين الزواج بما طاب من النساء . غير أن هذا التفسير مغيب للأسف في نظر ها. ومن الناحية الجنسية، تعتبر ناهد سليم أن تفسير الآية القرآنية "النساء حرث للرجال"، يبين عدم المساواة بين الرجل و المرأة من الناحية الجنسية. تعتبر الكاتبة أن إمكانية تأقلم الدين مع المتغيرات ومستجدات العصر لن تتحقق، إلا إذا تتخلى الناس عن قدسية المصادر الإسلامية وتقديس الأشخاص العاملين في الدين. هذا بالاضافة إلى ضرورة الابتعاد عن تكفير الداعين لاصلاح الدين. وفي هذا السياق تورد مثال الشيخ محمد محمود طه الذي كان شيخا لحركة صوفية في السودان، والذي قال بتاريخانية الآيات المدنية لأنها مرتبطة بفترة زمنية معينة. في حين اعتبر الآيات المكية هي التي تشكل أساس الدين و المصدر الدائم للاسلام. وكانت النتيجة أن أصدر الأزهر فتوى ضده وأعدم وهو يبلغ من العمر واحد وسبعين سنة. تدعونا ناهد سليم إلى ضرورة الأخذ بالمنظور النسائي كي تكتمل الصورة، فحرمان المجتمع من هذا المنظور يعتبر حرمانا من نصف الإمكانيات المتواجدة. شارك هذا الموضوع: * اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة) * شارك على فيس بوك (فتح في نافذة جديدة) * اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)