AHDATH.INFO- أمستردام – خاص – محمد الأمين الكرخي «صوت حر من مصر» هو عنوان فيلم وثائقي عن حياة الكاتبة المصرية نوال السعداوي، وقد سجّل الفيلم أول عرض عالمي له ضمن فعاليات مهرجأن أفلام حقوق الانسان الذي دامت فعالياته على مدى تسعة أيام في مدينة لاهاي الهولندية(20- 28 مارس). مخرجة الفيلم الهولندية الشابة كونستانزا بوكارد ارتأت ان تكون البداية مع مسقط الرأس حيث مناسبة سارة للكاتبة المثيرة للجدل نوال السعداوي في تحقيق حلمها بافتتاح مكتبة الطفل والشباب في قرية«كفرطحلة». تقول السعداوي في الفيلم وهي تحتضن طفلة اسمها هدير:"في طفولتي لم تكن هناك كتب في القرية، كان حلم حياتي ان تتوفر القرية على مكتية كي تستطيع هدير أن تقرأ فيها". الحلم قد تحقق ولكن على شاكلة الأحلام العربية الأخرى هو تحقق منقوص، اذ لاوجود لكتب السعداوي في المكتبة، وأغلب الفتيات والنساء المتواجدات في المكتبة يضعن على رؤوسهن الحجاب بصيغته التشددية، والأجواء خارج المكتبة ليست بأفضل مما هي عليه داخل المكتبة حيث لايحتاج المشاهد الى جهد لاكتشاف تسيد الحركات الدينية وفرض تأويلها للدين على المجتمع القروي برمنه، صحيح أن المخرجة كونستانزا بوكارد قد منحت امرأة متحررة مساحة واسعة لتبدي وجهات نظرها عن التحرر انطلاق من تأثرها بمؤلفات السعداوي ، ولكن هذا النموذج النسوي المتحرر لايشكل سوى هامش جد بسيط من المجتمع المصري، ولو أردنا أن نطرح الملاحظة بقراءة بصرية سنكتفي حينها بمشهد السيدة المتحررة وهي تجلس على مقعد وثير وفي حضنها كلب كبير الحجم لايفارقها طوال فترة التصوير ويبدو تمسكها بالكلب أمر مبالغ به . يبدو أن القيمة الثقافية والمعرفية لافتتاح مكتبة عامة تتضاءل مع هيمنة التيارات الدينية المتشددة من جهة والثقافة القبلية الذكورية من جهة أخرى على الفضاء القروي، شهادة أحدى السيدات التي تفترش الأرض وهي تتحدث عن الضرب المبرح الذي تتعرض له نساء القرية من قبل أزواجهن لسبب أو دونه تضعنا أمام سؤال تجاهلته المخرجة في الفيلم والسعداوي في المحاضرات التي ألقتها في مجمّع فيلم هاوس السينمائي: ما قيمة استشهاد نساء القرية بأفكار السعداوي فيما يتعرضن بشكل يومي للعنف المنزلي من قبل الرجل؟ كان على السعداوي أن لاتشخصن صراعها مع المتزمتين الدينيين وأن تكتفي بالاشارة الى تفاصيل معاركها معهم مرة أو مرتين، وأن تتعمق فيما هو أهم : لماذا أخفقت الانتلجنسيا العربية في ترجمة مشاريعها ورؤاها الفكرية التحررية على أرض الواقع؟ والسؤال يكتسب صدقية أكبر في الرقعة الجغرافية المحورية في الفيلم معقل الكاتبة والروائية نوال السعداوي ومسقط رأسها قرية كفرطلحة تحديدا حيث النساء في أغلبيتهن الساحقة تابعات للرجل ومضطهدات من قبله وخدم له ووعاء لنزواته ورغباته الجسدية. لاوجود لمؤلفات السعداوي في المكتبة العامة التي افتتحتها في مسقط رأسها ولاترجمة لأفكارها في حياة نساء القرية، ولا اعتراف باخفاق مشاريع تحرر المرأة أو تأثيرها الجزئي البسيط في المجتمع المصري ،وسيكون من الصعب على القيمين على مشاريع تحرر المرأة العربية اعادة النظر في الاليات التي اعتمدوها للتاثير في المجتمع و ايجاد سبل مؤثرة في اعادة التواصل مع الجمهور، وهو نقص استغلته الحركات الدينية المتشددة في مصر ودول مشرقية أخرى وقد يكون بحكم البداهة أن الحياة العامة في مصر الخمسينيات والستينيات أكثر انفتاحا وتحررا مما هي عليه في العقدين الأخيرين. تحتفي نوال السعداوي بافتتاح مكتبة وسط نساء مضطهدات، هذا هو المشهد الذي يلخص فيلم «صوت حر من مصر» شارك هذا الموضوع: * اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة) * شارك على فيس بوك (فتح في نافذة جديدة) * اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)