قال المخرج الفرنسي-اليوناني ، كوستا غافراس ، إن المغرب يقدم نموذجا لدور الإرادة السياسية في النهوض بالصناعة السينمائية، في دول الجنوب. وأوضح غافراس، في حديث أجرته معه وكالة المغرب العربي للأنباء، أن رهان تطوير السينما في بلدان الجنوب يرتبط أساسا بالإرادة السياسية، مشيرا إلى مثال المغرب الذي أصبح ينتج أكثر من 20 شريطا في السنة بفضل سياسة الدعم العمومي للسينما. وأضاف السينمائي العالمي في هذا السياق إن المغرب " قرر أن تكون لديه سينما فكان له ذلك، بينما هذه الإرادة مفتقدة في معظم دول الجنوب". ويعتبر كوستا غافراس المتوج بأرفع جوائز الفن السابع عبر العالم، الذي كان ضيف افتتاح الأيام الفرنكوفونية بالرباط، أن دور الفن السابع هو الترفيه ، لكن "ذلك لا يعني الترفيه عبر الضحك الأبله"، موضحا أن معادلة السينما هي تقديم فرجة تثير في ذات الوقت المشاعر الإنسانية المختلفة، ضحكا وبكاء وحبا وكراهية وغيرها من المشاعر. وعن علاقة السينما بالواقع، تلك العلاقة الواضحة في أعمال غافراس، أبرز هذا الأخير أن "الناس عادة ما يصدقون القصة كلما اقتربت من نبض الواقع"، ولذلك حرص ، عبر مشواره الفني الطويل، على بناء حكايات من صلب الواقع في معظم أفلامه التي حازت شهرة كاسحة مثل "زيد" و"الاعتراف". ويشدد في هذا الشأن على أن السينما "ليست سوى قصص تثير شغفنا، لكن نجاحها على مستوى التلقي يرتبط الى حد كبير بمدى واقعيتها ومصداقيتها". يذكر أن فيلم "لوكابيتال" (الرأسمال) لكوسطا غافراس، افتتح الأنشطة الثقافية التي انطلقت الاثنين الماضي بعنوان "عيد الفرنكوفونية" وتستمر إلى غاية 23 مارس الجاري بتنظيم كل من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ومجموعة السفراء الفرنكوفونيين بالمغرب ومكتب المغرب الكبير التابع للوكالة الجامعية للفرنكفونية. وتقديما للفيلم، قال غافراس إنه عمل فني يدين هذه "الديانة الجديدة التي غزت العالم ألا وهي المال" ، متحدثا عن استفحال قيم الجشع التي اجتاحت كل مرافق الحياة بحدة غير مسبوقة. وأشار المخرج الذي يبلغ من العمر 82 عاما، إلى أنه منح بطولة فيلمه للكوميدي الفرنسي المغربي جاد المالح، الذي وصفه بأحد كبار ممثلي الكوميديا في العالم، لكنه أسند اليه في هذا الشريط دورا جديا، لرجل "اعتنق ديانة المال الجديدة"، وتمكن من أن يحكي "كيف يمكن للناس أن يقوموا بأشياء شنيعة لبلوغ أهدافهم والبحث عن السلطة". وجدير بالذكر أن كوستا غافراس من مواليد أسرة فقيرة في قرية يونانية اسمها أركاديا، نشأ في كنف والد عضو في تنظيم يساري مقاوم إبان الحرب العالمية الثانية. هاجر الى فرنسا حيث بدأ دراسته للقانون في عام 1951، لكنه تخلى عن الحقوق لدراسة السينما. من أشهر أفلامه "الاعتراف" (1970)، "المفقودون" (1982)، "صندوق الموسيقى" (1989). حاز كوستا غافراس جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي (زيد) عام 1970، والسعفة الذهبية لمهرجان كان عن "المفقودون" عام 1982، و جائزة الدب الذهبي عام 1990، وسيزار أفضل سيناريو عام 2003 .