نجحت مدينة الداخلة، "جوهرة الجنوب"، التي تقع في قلب الصحراء، في اكتساب شهرة واسعة كوجهة متميزة للسياحة البحرية والبيئية بالمغرب، التي أصبح لها مريدون كثر داخل المغرب وخارجه، يجمعهم قاسم مشترك هو حب الطبيعة وشغف المغامرة. وقد عرفت الداخلة التي كانت في وقت مضى مدينة معزولة تطبعها الكآبة، تحولا لافتا خلال العقدين الأخيرين، بالنظر إلى المشاريع التنموية العديدة التي عرفتها والتي مكنت من تحويل المدينة إلى رافعة للسياحة بالأقاليم الجنوبية. وتعد مدينة الداخلة من بين الوجهات السياحية القليلة بالمغرب التي تتيح مزيجا فريدا من نوعه حيث تختلط الشواطئ الرملية الذهبية والمياه الناصعة والكثبان الرملية والسماء الزرقاء وأشعة الشمس الآسرة معظم فترات السنة، وهو ما يفي بمتطلبات السياح الذين يفدون بأعداد كبيرة لاستكشاف هذه التحفة الطبيعية الناذرة. كما تستهوي الداخلة التي تتميز بمناخها المعتدل وتتوفر على حوالي 767 كلم من الساحل، محترفي وهواة رياضات التزحلق من مختلف جهات العالم، لاسيما ركوب الأمواج والألواح الشراعية والكيت سورف ، حيث تحتضن المدينة في شهر مارس من كل سنة المرحلة الأولى من بطولة العالم في رياضة الكيت سورف. ومن التظاهرات المهمة التي تفتخر مدينة الداخلة بتنظيمها نجد "مهرجان البحر والصحراء بالداخلة" الذي يستقطب منذ سنة 2007 الآلاف من السياح المغاربة والأجانب الذي يأتون لاستكشاف هذا التمازج الفريد من نوعه بين البحر والصحراء والطبيعة الذي يميز جوهرة الجنوب. وتقترح هذه التظاهرة الهامة على الزوار برنامجا غنيا ومتنوعا يمزج بين الموسيقى المحلية والشرقية والغربية والمسابقات وورشات الألواح الشراعية والكيت سورف، في تجربة ساحرة يصعب إيجادها في مكان آخر. وتسعى وزارة السياحة، في إطار مخططها لتنمية قطاع السياحة بمدينة الداخلة، إلى تثمين مؤهلات المدينة بالتركيز على عنصرين هامين هما الرياضات البحرية والسياحة البيئية. وبالموازاة مع تنظيم بطولة العالم في رياضة الكيت سورف ومهرجان الداخلة اللذين اكتسبا شهرة واسعة، تم في إطار النهوض بالرياضات البحرية إحداث "محطة الداخلة" (على بعد حوالي 35 كلم من المدينة) التي تعد وجهة رياضية وطبيعية توليها وزارة السياحة اهتماما خاصا، حسب ما أفاد به وزير السياحة، لحسن حداد. وتعد هذه المحطة التي تقع ما بين الصحراء والمحيط، وجهة متميزة للشغوفين بالأنشطة البحرية وتذوق فواكه البحر وقطع مسافات طويلة على الأرجل في قلب الصحراء. وكان حداد صرح لدى إعطائه انطلاقة الدورة الأولى للسباق النسوي والتضامني "الصحراوية 2015″ ، التي نظمت بالداخلة من 17 إلى 24 فبراير المنصرم "نريد اليوم أن نجعل مدينة الداخلة وجهة رياضية وطبيعية متميزة وذات بعد دولي". بدورها، من المنتظر أن تعرف السياحة البيئية انتعاشا ملحوظا، حيث سيتم قريبا إحداث منتجع بيئي ، وهو مشروع هام خصص له غلاف مالي يناهز مليار درهم، شكل موضوع مذكرة تفاهم وقعت في ماي 2013 بين وزارة السياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية. وستتيح هذه المنشأة للزوار إطار متميزا وصديقا للبيئة ، يوفر أماكن للإيواء والإطعام والتنشيط تتمحور حول موضوع الصحراء. وبفضل هذا المشروع، ستنتقل القدرة الإيوائية لمدينة الداخلة من 800 سرير حاليا إلى حوالي 4000 سرير، مما سيمكن من مواكبة ارتفاع عدد ليالي المبيت من 11 ألف و185 سنة 2011 إلى 13 ألف و120 سنة 2012. فبفضل مناظرها الطبيعية الخلابة وحفاوة الاستقبال التي تميز ساكنتها والبنيات التحتية الجيدة التي تتوفر عليها، تتموقع مدينة الداخلة كفضاء متميز وجذاب للسياح ومهنيي السياحة الأجانب. ولهذا السبب، استقبلت المدينة خلال الأسبوع الماضي فاعلين سياحيين أوروبيين قدموا لاستكشاف المؤهلات التي تتوفر عليها المدينة، عبر رحلة خاصة من باريس إلى الداخلة أمنها الصندوق الوطني المغربي للسياحة. وكان على متن هذه الرحلة التي توخت الترويج لوجهة الداخلة، أزيد من 160 شخصا من فرنسا وإسكندنافيا وإيطاليا وبريطانيا، ضمنهم ممثلون لوكالات أسفار وصحافيون. وقد قام الوفد بزيارة شواطئ المدينة ومجمع الصناعة التقليدية والمتحف الصغير للمغرب الصحراوي وقصر المؤتمرات والمؤسسات السياحية والأسواق.