«كل واحد تايدير اللي بغا ويقول اللي بغا»، سواء تعلق الأمر بالجمهور أو اللاعبين أو حتى المسيرين. ولا حياة لمن تنادي. لاعبون يثيرون الفوضى في الملاعب والشارع العام ومشجعون يتحولون إلى لصوص ومشاغبين، وأندية ترفض أداء ديونها للاعبيها ومدربيها السابقين ومسؤولون ومدربون يثيرون الجدل بتصريحات غير مسؤولة ولا أحد يحاسبهم.. لماذا كل هذا التسيب وهذه الفوضى؟. فإلى متى يستمر هذا الوضع؟! أسئلة وغيرها ناقشها الزميلان محمد العطاري ويوسف بصور أول أمس الأحد في «برنامج «ميدسبور» على إذاعة «ميدراديو». تهور اللاعبين لماذا تغيب الروح الرياضية عن سلوكات بعض اللاعبين المغاربة؟ وهل تسيب اللاعبين ناتج عن ضعف التكوين أم عن عدم القدرة على الصمود في وجه ضغط المباريات والجمهور؟ هناك مشكل على مستوى تكوين شخصية اللاعب المغربي مما يجعله عرضة للاستفزاز بسهولة ليفقد تركيزه وصلابة أعصابه أمام الضغط الجماهيري المرتبط بأزمة النتائج، لتكون النتيجة هي ما حصل بعد الحصة التدريبية التي أجراها الرجاء يوم الأربعاء الماضي، حيث دخل ياسين الصالحي في شجار مع مشجع سبه بعبارات غير لائقة. اللاعب أجاب بالمثل ليدخل الطرفان في ملاسنة تطورت إلى اشتباك بالأيدي حال تدخل عنصر الأمن دون تطوره إلى ما لا تحمد عقباه. ألا يتعين على اللاعب أن يتمتع بعقلية احترافية تجعله يصمد أمام الضغوط حتى ولو كانت في صيغة عبارات سب بكلمات قاسية؟ لاعب رجاوي آخر هو حمزة بورزوق فقد بدوره السيطرة على أعصابه في الفترة الأخيرة، حيث تشاجر مع زميله في الفريق الأخضر سيلفر ومع نائب رئيس الفريق بامعروف، قبل أن يتم تطويق الأمر بحفل عشاء أقامه رئيس الرجاء مساء الخميس المنصرم قدم خلاله بورزوق اعتذاره وتم الصلح بين جميع الأطراف مما ساهم في تلطيف الأجواء داخل الفريق الذي كان يستعد للسفر إلى الكونغو لمواجهة فريق الشياطين السود في إياب الدور التمهيدي لعصبة أبطال إفريقيا. غياب الانضباط بات سمة غالبة على سلوك لاعبي العديد من الفرق المغربية. زيد كروش ومحمد اليوسفي تغيبا عن تداريب المغرب التطواني بدون الحصول على إذن ولا حتى تقديم تبرير مقنع. لم يلتزما بالبرنامج التدريبي الذي سطره المدرب لوبيرا. لتكون النتيجة هي أن اللجنة التأديبية لفريق المغرب التطواني لكرة القدم ضربت بقوة وغرمت اللاعبين مبلغا إجماليا وصلت قيمته إلى 15 مليون سنتيم، حيث تم تغريم زيد كروش 10 ملايين سنتيم، والحارس محمد اليوسفي مبلغ خمسة ملايين سنتيم. قبل انطلاق الموسم الحالي أقدم فابريس أونداما لاعب الوداد على خطوة تنم عن غياب الحس الاحترافي بمغادرته صفوف الفريق الأحمر ليوقع عقدا مبدئيا مع فريق غوتيا الكونغولي دون علم فريقه الأصلي، وكادت الأمور أن تتطور إلى صراع بين الطرفين أمام الفيفا قبل أن يتراجع فابريس عن موقفه ويعود للدفاع عن قميص الفريق الأحمر. معسكر الجيش الملكي إبان قيادته من طرف المدرب رشيد الطاوسي شهد بدوره انفلاتات جعلت مسؤولي الفريق العسكري يتدخلون لإعادة الانضباط إلى صفوف الفريق الذي كان الانضباط سمته الغالبة. أندية مدينة بعض الأندية تتعامل مع لاعبيها وحتى مع مدربيها السابقين بمنطق السيبة وتتماطل في أداء مستحقاتهم العالقة رغم وجود عقود واضحة البنود بين الطرفين. أكثر من ستة لاعبين مازالوا ينتظرون فصل لجنة النزاعات في خلافاتهم مع الوداد البيضاوي، الذي يطالبونه بسداد مستحقاتهم العالقة ومن بينهم نادر المياغري ويونس منقاري وجمال عليوي ويوسف القديوي وحتى فريق اتحاد جدة السعودي لم يتوصل بمستحقاته المرتبطة بانتقال فابريس أونداما إلى الوداد إلا بعد لجوئه إلى الفيفا، الذي وجه إنذارا أخيرا للفريق الأحمر قام بعده الأخير بسداد المبلغ المترتب عليه والبالغة قيمته 408 آلاف دولار.. الرجاء البيضاوي لم يوفق بدوره في حل خلافاته مع بعض لاعبيه السابقين كالتونسي عادل الشاذلي، الذي توصل من الفريق بشيك تصل قيمته إلى 32 مليون سنتيم لكنه لم ينجح في استخلاص قيمته بسبب عدم وجود سيولة مالية كافية. الدفاع الجديدي لديه بدوره ملفات أمام لجنة النزاعات، التي لجأ إليها لاعبون سابقون بالفريق للمطالبة بصرف مستحقاتهم، ومن بينهم محمد جواد واللاعب الحالي للوداد إبراهيم النقاش، وهناك أندية أخرى توجد في الوضعية نفسها ومن بينها الكوكب المراكشي. من بين أسباب هذه الحالة غير الصحية في العلاقة المالية بين بعض الأندية ولاعبيها السابقين أو الحاليين هو تهافت العديد منها على إبرام عدد كبير من التعاقدات في فترتي الميركاتو الشتوي والصيفي بمبالغ مالية خيالية دون أن تتوفر على سيولة كافية لتغطيتها لتجد نفسها في نهاية المطاف عاجزة عن سداد مستحقات لاعبيها، كما حصل مع المغرب الفاسي في الموسم الماضي بعدما عجز الفريق عن سداد أجور لاعبيه لثلاثة أشهر متتالية.. فعن أي بطولة احترافية نتحدث؟! تسيب الجمهور لا تكاد تمر دورة دون أن يشهد ملعب من الملاعب المغربية أعمال شغب تخلف خسائر مادية ومصابين وموقوفين. «علاش؟» و«شكون المسؤول عن السيبة في الملاعب المغربية؟».. هناك مشكل حقيقي على مستوى تأطير الجمهور من طرف الجمعيات والإلترات، علما أن الأخيرة تنفض يدها في نهاية المطاف وتتبرأ مما يحصل في الملاعب المغربية. يوم السبت الأخير قام أزيد من 10 مشجعين وداديين باقتحام مخبزة بمنطقة تيزطوطين بالناظور، أثناء توجه أنصار الفريق الأحمر إلى مدينة الحسيمة لمتابعة مباراة الوداد ضد شباب الريف الحسيمي برسم الجولة 21 من البطولة الاحترافية. وقام المشجعون المذكورون بنهب بعض محتويات المخبزة متمثلة في قطع خبز وحلويات دون أن يتمكن المستخدمون من ردعهم خوفا من تطور الأمور إلى ما هو أخطر. وانضم ستة مشجعين آخرين لعملية النهب التي استمرت لعدة دقائق ورصدتها كاميرا المراقبة داخل المخبزة. بعد خروج المهاجمين من المخبزة حاصرهم عدد من المواطنين ومنعوا السيارة، التي كانت تقلهم من التحرك إلى أن قاموا بتسديد قيمة ما نهبوه مما حال دون تطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. هذه الواقعة أثارت جدلا فايسبوكيا بين جمهور الرجاء، الذي استغلها للنيل من مشجعي غريمه التقليدي، وجمهور الوداد الذي عبر من خلال بعض الصفحات الودادية عن استنكاره لما حصل معتبرا أنه صادر عن فئة أغلبها مراهقون يسيؤون بتصرفاتهم لجمهور وداد الأمة. أول أمس الأحد اندلعت أعمال شغب أشعل فتيلها مراهقون عربدوا بعد نهاية مباراة الكوكب ضد الفتح الرباطي بملعب مراكش الكبير. النيتجة هي تكسير عدد كبير من السيارات الخاصة والحافلات. وقبل نحو عشرة أيام أوقفت الشرطة 27 شخصا، أغلبهم قاصرون، يتابع 26 منهم حاليا في حالة سراح، إثر اندلاع أحداث شغب امتدت من ملعب طنجة إلى شارع مولاي رشيد، المؤدي إلى ملعب الزياتن، حيث عمد عدد من المشاغبين إلى قطع الطريق بعد نهاية مباراة اتحاد طنجة ضد النادي المكناسي، قبل أن تتدخل القوات العمومية باستعمال سيارة خراطيم المياه لتفريقهم، واستمرت عمليات الكر والفر لعدة ساعات، بعد مطاردة بعض المجموعات إلى وسط المدينة. وقد تسببت هذه الأحداث في إصابة 10 من رجال الشرطة والقوات المساعدة بجروح خفيفة، جراء رشقهم بالحجارة من قبل المشجعين الغاضبين، كما تعرضت حوالي 3 سيارات للشرطة للتخريب، بعد تكسير زجاجها، إلى جانب إلحاق خسائر مادية ببعض السيارات الخاصة. الدورة 20 من البطولة الاحترافية شهدت بدورها أعمال شغب أعقبت نهاية مباراة الوداد البيضاوي ضد الكوكب المراكشي، التي أقيمت على أرضية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث وقع اصطدام بين الجماهير المراكشية ورجال الأمن بعدما تدافع عناصر من إلترا «كريزي بويز» للخروج من الملعب مباشرة بعد صافرة نهاية اللقاء، ما دفع برجال الأمن إلى التدخل لمنعهم من ذلك، قبل إخلاء محيط الملعب من الجماهير الودادية التي حجت بكثرة، الشيء الذي دفع بأعضاء المجموعة إلى اقتحام أرضية الملعب للبحث عن منفذ للابتعاد عن المدرجات قبل أن يحاصروا مرة أخرى من طرف رجال الأمن الذين أمنوا تنقلهم للبيضاء. وتسبب هذا التصرف في إصابة 17 مشجعا من الطرف المراكشي. «سيبة» الجماهير تتمظهر أيضا على مستوى وسائل النقل المستعملة للتنقل إلى الملاعب. يتذكر الجميع كيف انقلبت سيارة نقل بضائع قرب سلا وهي تقل 36 مشجعا رجاويا بينهم 8 كانوا جالسين فوقها لتكون النتيجة هي إصابة 19 من أنصار الفريق الأخضر بجروح متفاوتة الخطورة في الوقت الذي كانوا يمنون النفس بحضور مباراة الرجاء ضد الجيش الملكي. ويتذكر الجميع أيضا كيف انقلبت «هوندة» بشارع أنوال بالدار البيضاء أدت إلى مقتل مشجع رجاوي في ريعان الشباب بعدما تسببت الحمولة الزائدة من المشجعين في فقدان السائق لتوازن السيارة التي تتمثل وظيفتها في نقل البضائع لكنها تستغل أيام المباريات في نقل البشر. ألم يحن الوقت لوضع حد لهذه العشوائية والفوضى ومحاربة النقل العشوائي للجمهور لأنه يتسبب في كوارث حقيقية، وإيجاد بدائل نقل مناسبة تحفظ كرامة المشجعين وتحترم إنسانيتهم؟!. مسؤولون ولكن؟ لمسؤولي الأندية ومدربيها وحتى لرئيس الجامعة «سيبتهم الخاصة» أيضا. كيف ذلك؟ رئيس الجامعة فوزي لقجع أثار مؤخرا جدلا من لاشيء بتهديده بتجميد النشاط الكروي ردا على محاولات توظيف الرياضة لأهداف سياسية، وكأن توقيف البطولة مسألة سهلة يمكن القيام بها بجرة قلم. وكأن المغرب يعيش ظروفا كتلك التي تشهدها ليبيا أو مصر! الأغرب هو أن رئيس الجامعة تحدث عن كون رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران اعتذر عن تصريحاته، التي اعتبرت مستفزة للوداديين. بعد ذلك تبين أن كلام لقجع كان مجانبا للحقيقة وأن ابن كيران لم يتعذر وإنما اكتفى بتأكيد أنه لم يقصد الإساءة إلى الفريق الأحمر وأنه ملتزم بالحياد تجاه جميع مكونات كرة القدم الوطنية. الجامعة تعاملت أيضا بمنطق السيبة مع قضية التواصل مع المغاربة بشأن عقوبات الكاف والخطوات التي قامت بها لمواجهتها. فبعدما أكدت الجامعة في بلاغ سابق أنها ستبقي المغاربة على اطلاع على مستجدات هذه القضية، تجنب لقجع الحديث عن الأمر في ندوته الصحفية مؤجلا ذلك إلى الأسبوع الماضي في ندوة صحفية ثانية لم تعقد بدورها لأسباب غير معلومة! محمد بودريقة رئيس الرجاء البيضاوي ونائب رئيس الجامعة تعامل بدوره بمنطق السيبة عندما هاجم الزملاء في القناة الثانية متهما إياهم بالتحامل على الفريق الأخضر لمجرد أن مخرج القناة ركز على لحظة خروج بورزوق من الملعب والدموع تنهمر من عينيه أثناء تغييره من طرف المدرب خوصي روماو في مباراة الفريق البيضاوي ضد أولمبيك آسفي. بودريقة نسي أن المخرج لو لم يركز على تلك اللقطة بالذات فعليه أن يبحث لنفسه عن مهنة أخرى. السيبة حاضرة أيضا في بعض الأخبار الزائفة التي تتناقلها بعض المواقع الإلكترونية بتقنية «copie -coller» دون أن يكون لا مصدر معلوم ليتضح في نهاية المطاف أنها مجرد إشاعات ليس إلا. خلاصة القول هي أن السيبة تنخر جسد الكرة المغربية من «ساسها لراسها». فإلى متى يستمر هذا الوضع؟!