كلف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الاثنين وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد (65 عاما) الذي تولى مسؤوليات في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين ين علي، تشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة بعدما رشحه الى هذه المهام حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية الاخيرة. الى ذلك، تلقى الرئيس التونسي دعوة من نظيره الاميركي باراك اوباما لزيارة واشنطن، بحسب ما اعلن البيت الابيض الاثنين. وقال الصيد للصحافيين إثر لقاء مع الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج الرئاسي "رئيس الجمهورية (…) كلفني ببدء المشاورات لتكوين أول حكومة في الجمهورية الثانية. وابتداء من اليوم، نشرع في المشاورات مع الاحزاب والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، ونحاول قدر المستطاع انهاء المشاورات في اسرع وقت ممكن". ورشح حزب "نداء تونس" الذي أسسه الباجي قائد السبسي، الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة، باعتباره (وبحسب الدستور التونسي) الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد في "مجلس نواب الشعب" (البرلمان) المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر الماضي. وقال محمد الناصر نائب رئيس حزب نداء تونس في تصريحات للصحافيين الاثنين إثر تقديمه ملف ترشيح الحبيب الصيد الى الرئيس التونسي، ان الصيد "شخصية مستقلة" وصاحب "كفاءة وخبرة" خصوصا في المجال الامني مذكرا بأنه عمل في "حكومة الثورة". وبعدما أطاحت الثورة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تولى الحبيب الصيد وزارة الداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي التي قادت البلاد حتى اجراء انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011. وقد عينه الاسلامي حمادي الجبالي رئيس الحكومة المنبثقة عن انتخابات المجلس التأسيسي، مستشارا للشؤون الأمنية. وكان الصيد شغل مسؤوليات عدة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منها رئيس ديوان (مكتب) وزير الداخلية. وأضاف محمد الناصر ان حزب نداء تونس أجرى "مشاورات" مع أحزاب "الاتحاد الوطني الحر" (16 مقعدا في البرلمان) و"آفاق تونس" (8 مقاعد) و"المبادرة (3 مقاعد) حول ترشيح الصيد لرئاسة الحكومة. ويملك نداء تونس 86 مقعدا من إجمالي 217 مقعدا في البرلمان. ولا يملك الحزب الاغلبية المطلقة من المقاعد التي تؤهله قانونيا لتشكيل الحكومة بمفرده أي 109 من إجمالي 217 مقعدا. وأكد حزب نداء تونس مؤخرا بلوغ الاغلبية المطلقة بفضل "مساندة" أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان. ورحبت حركة النهضة الاسلامية بترشيح الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة. وكانت حركة النهضة حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014 وحلت الثانية في الانتخابات التشريعية الاخيرة بحصولها على 69 مقعدا في البرلمان. وقال زياد العذاري الناطق الرسمي باسم الحركة لفرانس برس "تلقينا بشكل ايجابي تعيين الحبيب الصيدي نظرا لخصاله الشخصية والمهنية والوطنية". وردا على سؤال حول ما إذا كان نداء تونس أجرى مشاورات مع النهضة بخصوص ترشيح الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة، أفاد العذاري "وقعت استشارتنا في هذا الموضوع وكان ردنا ايجابيا". وتابع "عبّرنا قبل الانتخابات عن موقف مبدئي بأننا مع (تشكيل) حكومة وحدة وطنية، وإن قدّم رئيس الحكومة المعيّن (الصيد) اقتراحا في هذا الاتجاه سنكون في منتهى السعادة بمناقشة هذا الامر". واعتبر المحلل السياسي واستاذ التاريخ السياسي المعاصر بالجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي ان ترشيح الصيد "الذي يملك خبرة في المجال الامني" لرئاسة الحكومة الجديدة يعكس ما توليه السلطات الجديدة في تونس من أهمية للملف الامني. وقال الحناشي لفرانس برس "تعيينه يشير الى اهمية الملف الامني بالنسبة الى الحكومة الجديدة". وأوضح ان "الملف الامني ملف مزدوج: هناك تهديدات داخلية من الجماعات السلفية (الجهادية) المتشددة، وأخرى خارجية جراء الفوضى والحرب الدائرة في ليبيا" المجاورة. وأضاف "يمكن لشظايا (تداعيات) الحرب في ليبيا ان تصل تونس كما يمكن ان تدفع هزيمة محتملة للمتشددين في ليبيا بأعداد منهم الى الهرب الى تونس". وتابع "من المآخذ على الحبيب الصيد أنه محسوب على النظام القديم" في اشارة الى نظام بن علي. وقال زياد العذاري ان الصيد "عمل معنا (مع الحكومة التي قادتها حركة النهضة) ومع حكومة الباجي قائد السبسي (بعد الثورة) ومع الحكومات التي كانت قبلنا. إنه شخص كان في خدمة الدولة التونسية". وانتقد حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية) والذي حل الثالث في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ترشيح الحبيب الصيد لمنصب رئيس الحكومة. وقال الهمامي لإذاعة "شمس إف إم" التونسية الخاصة "الحبيب الصيد عمل مع النظام القديم (نظام بن علي) ومع الترويكا". والترويكا هي اسم الائتلاف الحكومي الثلاثي الذي شكلته حركة النهضة الاسلامية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، مع حزبيْ "المؤتمر" و"التكتّل" العلمانييْن. واعتبر ان الباجي قائد السبسي الذي اعلن في وقت سابق ان رئيس الحكومة الجديدة لن يكون من وزراء بن علي، قد أخل بوعده. وفي مسعى للطمأنة، قال مهدي جمعة رئيس الحكومة المنتهية ولايته، الذي يقوم بزيارة الى باريس في تصريحات للصحافيين "لدينا اليوم دولة قائمة على مؤسسات، وفوق الاشخاص". وبحسب الفصل 89 من الدستور التونسي "يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب (البرلمان)، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة". ويتعين على الحكومة الحصول على ثقة الاغلبية المطلقة في البرلمان أي 109 نواب من إجمالي 217.