تشتمل الاستراتيجية الجديدة للطب النفسي على عدة محاور، أولها يهم تغطية التراب الوطني بمؤسسات متخصصة في الطب النفسي أو العقلي، إذ هناك مرافق جغرافية كبيرة لا تتوفر على مراكز لهذا النوع من العلاج ولإيداع المرضى النفسانيين، وتهم الاستراتيجية كذلك إحداث مراكز جهوية حتى في المدن الصغيرة أو المتوسطة. وتعتمد استراتيجية وزارة الصحة على تحسين جودة الخدمات من خلال تغطية شاملة لضمان خدمات الصحة النفسية للمواطنين وعلى مبدأ إدماج المريض النفسي والتكفل به داخل المؤسسات العلاجية المتعددة الاختصاصات. وفي هذا الإطار تم إحداث 80 خلية للاستشارة الطبية المختصة موزعة على جل الجهات و5 خلايا للاستشارة المختصة في الطب النفسي للأطفال والمراهقين بكل من طنجة، وجدة، سلا، الدارالبيضاء والرباط و4 فضاءات للشباب تعطى فيها استشارة نفسية بالرباط، بني ملال، مراكشوالدارالبيضاء، بالإضافة إلى توفير الأدوية الأساسية مجانا لفائدة المرضى. هذه هي المحاور الأساسية للاستراتيجية الجديدة والتي من المقرر أن تنجز بموازاة مع خطة تشمل حملات لتحسيس عموم المواطنين حول ماهية المرض العقلي والنفسي، وما هي أعراضه وبرامج علاجه وأنواع الأدوية التي تمنح وخصوصيتها ونجاعتها، وهذا ما ما بدأت الوزارة الوصية بتنفيذه بشراكة مع العديد من المتدخلين. لكن ما مدى فعالية هذه الاستراتيجية الجديدة التي قررتها وزارة الصحة وعدد من المراكز الصحية العمومية الموجودة، في حاجة إلى التأهيل وتحسين شروط الإيداع فيها؟ومامدى فعالية هذه الاستراتيجية كذلك إذا لم تعمل وزارة الصحة على إيجاد حل للخصاص الذي تعرفه مستشفيات الوزارة على مستوى الممرضين والأطر الصحية، خصوصا إذا علمنا أنه مقابل الأعداد الكبيرة للمرضى العقليين والنفسيين لا يتوفر المغرب بشكل عام إلا على 350 طبيب نفساني فقط 50 منهم فقط هم أطباء نفسانيون متخصصون، وذلك مقابل 30 مليون نسمة؟ يضاف إلى ذلك ما يعرفه توزيع الأطباء المتخصصين على جهات المملكة من اختلالات كبيرة. هذا ناهيك عن النقص الحاد في عدد الممرضين المشرفين على المرضى العقليين بالمستشفيات. فكيف يعقل أن يشرف ممرض واحد على 40 مريض عقلي خاصة مع الخطورة التي يتعرض لها الممرض في خضم عنايته بالمرضى؟!ولا ننسى ضرورة استفادة هذه الأطر الصحية من دورات تكوينية مكثقة وإن كانت وزارة الصحة قد أدرجت ضمن محاور استراتيجيتها العمل على توظيف وتكوين أطرها الصحية. هذه كلها أمور مهمة، خاصة إذا واكبها تصحيح الأخطاء الشائعة بين عامة الناس في ما يتعلق بالأمراض العقلية ومحاربة الشعوذة والمشعوذين الذين يتاجرون في معاناة الناس ويضاعفون من تعقيدات بعض الحالات التي قد تكون قابلة للعلاج مائة في المائة، وعند تدخل الدجال أو المشعوذ تزداد استفحالا.