نحن، داخل الوزارة، واعون بضرورة رفع الإيقاع ومضاعفة كل الجهود في هذا الموسم، على جميع المستويات، مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، من أجل بلوغ الأهداف التي سطرها البرنامج الاستعجالي، أولا من خلال تحصين مكتسبات السنتين الماضيتين، ثانيا من خلال مواصلة تنفيذ مختلف التدابير المتعلقة ببرنامج العمل الخاص بهذه السنة بنفس الدينامية وبنفس روح المسؤولية التي طبعت عملنا في المراحل السابقة من تنفيذه. وبطبيعة الحال هناك مجموعة من المحاور نعتبرها ذات أولوية وهي التي سنركز بالأساس عليها كمواصلة ترسيخ آليات الحكامة الجيدة داخل المنظومة، وتعزيز اللامركزية، والرفع من القدرات التدبيرية للأطر العاملة بالمنظومة على كافة المستويات. كذلك سنواصل جهودنا في مجال التوجيه نحو الشعب العلمية وحفز التميز، وسنمضي في إرساء كل الآليات التي تضمن تأمين الزمن المدرسي داخل المؤسسات التعليمية وماضون أيضا في مراجعة المناهج والمقررات الدراسية ووضع منهاج للتعليم الأولي المغربي. * من المعلوم أن قضية المقرر المدرسي تثير بعض الإشكالات خاصة وأنها تتجاوز آن تكون قضية كتب إلى قضايا ترتبط بنوع المدرسة ومجتمع الغد، كيف تم التوافق حول المقرر الدراسي في بعض المستويات لهذه السنة؟ ** كما في علمكم تمت المراجعة الشاملة للبرامج آخر مرة في بداية عشرية التربية والتكوين التي توجت بإصدار الكتاب الأبيض في يوليوز 2002. وقد تم تأطير عملية المراجعة الشاملة للبرامج بوثيقة تحدد تصورا متكاملا لمخرجات المنهاج المزمع إعداده وبالمبادئ المعتمدة في هذه العملية. ومن بين أهم المرتكزات المعتمدة، تدقيق سلم القيم اللازم تنميتها بالمدرسة المغربية الجديدة تماشيا مع المشروع المجتمعي النهضوي الذي تتبناه بلادنا واعتماد مقاربة تربوية في بناء المنهاج الدراسي يتوخى تطوير كفايات المتعلمات والمتعلمين. وبالفعل تم ذلك باستحضار جملة من المقدمات الكبرى خلال عملية بناء المناهج الجديدة، أذكر منها أن عمليات الإصلاح في مجال المناهج التربوية تكون أكثر فاعلية و أكثر نجاعة، عندما تعبر عن مقومات الذات التاريخية والحضارية بمختلف ثوابتها ومتغيراتها، وتستوعب في الآن نفسه مكاسب الحضارة المعاصرة. كما أذكر الاستجابة للانتظارات والغايات الكبرى للمجتمع المعبر عنها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والإيمان بمبدأ التطوير البيداغوجي المتدرج وغيرها من المقدمات الكبرى واعتبارا للفلسفة المتضمنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن الاختيارات الموجهة لمراجعة المناهج المغربية انطلقت من العلاقة التفاعلية بين المدرس والمجتمع، باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم وعاملا من عوامل التنمية البشرية المندمجة ومن إعداد المتعلم المغربي لتمثل واستيعاب إنتاجات الفكر الإنساني وفهم تحولات الحضارات الإنسانية وتطورها واعتبار المدرسة مشتلا لترسيخ القيم الأخلاقية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان وممارسة الحياة الديمقراطية. إذن فضمن هذا المنظور، تمت مراجعة البرامج الدراسية التي ما زالت سارية المفعول، ولم تقع عليها هذه السنة أي تغييرات جوهرية. أما فيما يتعلق بالتنقيحات التي تشهدها البرامج الحالية فالغاية منها مواكبة ما تشهده الساحة التربوية من مستجدات منها على الخصوص مكتسبات البرنامج الاستعجالي فيما يتعلق بتأهيل الفضاءات المدرسية وتجديد المعدات الديداكتيكية، وبيداغوجيا الإدماج كإطار منهجي لتفعيل مقاربة الكفايات ومواكبة مركزة لجيل مدرسة النجاح، وكذلك اقتناء الموارد الرقمية والتجهيز التدريجي للمؤسسات، بالإضافة إلى المكتسبات الحقوقية التي تعرفها بلادنا. وهناك مسألة جد هامة يجب الإشارة إليها، وهي أن الوزارة بصدد التهييء لإصدار برامج دراسية منقحة يتم فيها تصحيح كل الاختلالات التي تم رصدها أثناء تصريف البرامج الحالية في الميدان ، في أفق إنتاج جيل جديد من الكتب المدرسية مع حلول الموسم الدراسي 2013 2014، وفق منظور يروم جعل الكتاب المدرسي معينا ديداكتيكيا من بين موارد تعليمية أخرى مصاحبة وخصوصا الموارد الرقمية. * تميزت السنة الماضية بهدر وقت مهم من الزمن الدراسي تم اللجوء للتخفيف منه إلى تمديد السنة الدراسية، ما هي الإجراءات والاحتياطات التي تم اتخاذها هذه السنة لتفادي ذلك خاصة في التعليم العمومي؟ ** فعلا السنة الدراسية المنصرمة تميزت، للأسف الشديد، بتوقفات متكررة عن الدراسة وهذه التوقفات كانت في أغلبها ناتجة عن الإضرابات والحركات الاحتجاجية، مما كان له الأثر السلبي على السير العادي للدراسة في عدد من المؤسسات التعليمية، وحال، بالتالي، دون إنجاز البرامج والمقررات الدراسية في مواعدها المحددة، بالرغم من أن تأمين الزمن المدرسي كان أحد رهاناتنا الكبرى خلال السنة الماضية. وهكذا، كان لزاما علينا، والحالة هذه، أن نعوض التلاميذ عن الهدر الذي ضاع من زمنهم الدراسي حتى يكونوا على أتم الاستعداد عند مواجهتهم لاستحقاقات نهاية السنة، وهو ما عكسه القرار الذي اتخذناه بتمديد السنة الدراسية وإضافة أسبوع وبإعادة برمجة مواعيد الامتحانات الإشهادية، ... بالإضافة إلى تمكين تلامذتنا من دروس في الدعم والتقوية. أما بخصوص سؤالكم عن الإجراءات والاحتياطات المتخذة في هذا الصدد، فبفضل ما توصلنا إليه من نتائج إيجابية في إطار الحوار الاجتماعي المركزي والقطاعي وكذا الأجواء الإيجابية وروح المسؤولية التي تطبع علاقتنا بشركائنا الاجتماعيين، نحن متفائلون من أن تعرف هذه السنة تقلصا في حدة الحركات الاحتجاجية والإضرابات. لكن، مع ذلك، فقد قمنا بالفعل بوضع مجموعة من التدابير واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة في سبيل تأمين الزمن المدرسي الذي نعتبره حقا أسمى للمتعلمات والمتعلمين تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية الحفاظ عليه. وقد ترجمنا هذا الحرص في بعض المقتضيات التي تضمنها المقرر الدراسي لهذه السنة والتي تهدف إلى الحد من مسببات الهدر المدرسي، وتعبئة كل الفعاليات التربوية، على كافة المستويات، حتى ينطلق الموسم الدراسي في موعده. ويمكن القول، إجمالا، أننا نتوفر الآن على الآليات التي تمكننا من التحكم في الزمن المدرسي. * هناك حلقة أساسية في مسلسل إنجاح العرض المدرسي خاصة العمومي هي فئة المدرسين، ماذا أعدت لهم الحكومة بخصوص مطالبهم سواء في الامتحانات المهنية أو الترقيات أو الاستجابة لبعض المطالب الاجتماعية؟ ** نحن واعون كل الوعي بمكانة وأهمية دور هيئة التدريس في المنظومة التربوية، كما أننا واعون بضرورة تحسين أوضاعهم الاجتماعية. وإذا كان الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية قد قدم تسوية لعدة ملفات مطلبية تهم كل شرائح الموظفين، كتسوية ملف الترقية الاستثنائية بتحديد 4 سنوات كحد أقصى للانتظار والرفع من نسبة الحصيص إلى 33 ٪ وكذا إقرار الزيادة الصافية في الأجور، فإن هيأة التدريس بالإضافة إلى ذلك، حققت مجموعة من المكاسب على مستوى الحوار القطاعي تتجلى في تسوية ملف الأساتذة المجازين وكذا حاملي الماستر وتسوية وضعية المعلمين العرضيين سابقا حاملي الإجازة. أما بخصوص الامتحانات المهنية فقد تم الاتفاق على إعادة النظر في شروط اجتياز ها كما تمت الموافقة على وضع نظام أساسي خاص بهيئة الأساتذة المبرزين مع إعفائهم من امتحان الكفاءة التربوية وتحديد كيفية ترسيمهم. هذا، علاوة على منح سنوات جزافية للأساتذة المكلفين بالدروس بالإعدادي، الذين سبق لهم أن كانوا معلمين، تمكنهم من الترشح للترقي إلى الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الإعدادي مع منح المتقاعدين والمتوفين منهم سنوات جزافية تمكنهم من الاستفادة من هذه الترقية قبل حذفهم من أسلاك الوزارة. وليست هذه هي كل المكتسبات التي تحققت لهيأة التدريس في ظل الحوار الاجتماعي القطاعي، بل هناك مكتسبات أخرى قد لا يتسع المجال للتحدث عنها بالتفصيل، وهي مكتسبات ستساهم لا محالة في تحسين الأوضاع الاجتماعية لنساء ورجال التعليم، الذين أغتنم هذه الفرصة لأوجه إليهم من هذا المنبر الإعلامي تحية تقدير واحترام.