ما إن حلت لجنة طبية مركزية من وزارة الصحة، تضم أطباء متخصصين في الأمراض الوبائية والمعدية، أول أمس الثلاثاء بميسور، حتى ساد الإحساس بالارتياح في نفوس ساكنة عدد من الدواوير التي سجلت بها حالات الإصابة بداء الجذام. الارتياح ينبع من شعور السكان بقدرة الفريق الطبي الزائر، على تقديم العلاجات الضرورية للمصابين، وتطويق مرض الجذام الذي صار يشكل مصدر هلع وتوجس المواطنين بمناطق نائية وفقيرة، بعد الإعلان عن إصابة 14 شخصا بالداء. أكثر من عشرين عملية فحص وتشخيص طبي أجريت خلال اليومين الآخرين بالمواقع التي سجلت بها حالات الإصابة، في حين تم نقل عشرة مصابين إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، ومصابين اثنين إلى الرباط، حيث خُضعوا لمراقبة طبية صارمة ومركزة. الإعلان عن ظهور 14 حالة جديدة من داء الجذام مع بداية شتنبر ونهاية شهر غشت الماضي بإقليم ميسور، استنفر مصالح وزارة على المستوى المركزي والجهوي والمحلي، وأشَّر على عودة هذا المرض ليضرب من جديد مناطق عرفت تاريخيا هذا الداء. تقرير صادر عن “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة – الحق في الحياة”، دق ناقوس الخطر بإعلانه عن ظهور الجذام من جديد بميسور، وأكد أن هذا المرض الخطير “يعرف انتشارا في المناطق الجبلية الريفية ويصيب الفئات الهشة من السكان التي تعاني من الناحية الاجتماعية والاقتصادية”. رئيس الشبكة، علي لطفي، طالب بالتدخل الفوري لتطويق هذا المرض، و”إعادة إدراج المرض ضمن الإشكالات الصحية ذات الأولوية في المغرب، بعد تسجيل تراجع على مستوى خطط محاربته على مستوى وزارة الصحة”. مندوب وزارة الصحة بجهة فاس بولمان، قال إن انتشار مرض الجذام بمناطق نائية بميسور “بات تحت السيطرة، ولا داعي للقلق”. عودة هذا الداء من جديد إلى المغرب، تطرح أكثر من علامة استفهام، بعد أن سجلت بلادنا خلال العقدين الأخيرين، نتائج مهمة في استئصال تام لمرض الجذام. وانتقل عدد الحالات في المغرب من 9371 حالة سنة 1960 إلى 1036 حالة سنة 1991، واستمرت حالات الإصابة في تراجع متواصل، إلى حد أعلت الوزارة في سنة 2005 عن القضاء النهائي على المرض في المغرب، باستثناء ظهور حالات معزولة بمناطق قروية مهمشة ونائية. لكن منذ سنة 2009 تم تسجيل 44 حالة جديدة في عدد من المناطق، قبل أن يتم الإعلام قبل أيام قليلة عن تسجيل 14 حالة مرض جديدة في إقليم ميسور. مصدر طبي أرجع أسباب ظهور المرض بهذه المنطقة إلى “عامل الفقر، وغياب الخدمات الصحية الأساسية وضعف التأطير وتراجع الخدمات الوقائية”. مرض الجذام عاد، من جديد، ليحتل مكانة مقلقة في الإشكالات الوبائية بالمغرب. ظهور يعري اختلالات كثيرة، وهو ليس سوى واحد من الأمراض المعدية والوبائية الخطيرة التي اعتقد المغاربة أننا تخلصنا منها، لكنها عادت لتفضح واقع الحال.