قضايا كثيرة تعج بها المحاكم المغربية، أبطالها أناس يمارسون تصرفات وسلوكات يشجبها الدين ولا تقبلها الأخلاق ويعاقب عليها القانون. من بين تلك القضايا ما هو مرتبط باختلاس النظر إلى أجساد النساء في بعض الأماكن الخاصة بهن مثل الحمامات الشعبية، وتصويرهن في وضعيات تتميز بالعري. في ما يلي يتطرق الأستاذ محمد أمغار إلى العقوبات التي يفرضها القانون الجنائي المغربي على الأشخاص الذين تثبت في حقهم هاته التهم التي تدخل في خانة التلصص واقتحام الخصوصية. ممارسة بعض الأشخاص لبعض التصرفات المنافية للأخلاق ومنها اختلاس النظر على الجنس الآخر في الحالات التي يكون فيها في وضعيات تتميز بالعري، يدخل في خانة الأمراض المرتبطة بالشذوذ الخارجة عن المألوف الاجتماعي. وتعتبر هذه التصرفات غير مقبولة اجتماعيا ومرتبطة بالقانون الزجري بمعناه العام، أي استنكار العامة لهذه التصرفات المخالفة للدين والأخلاق والنظام العام، ويلاحظ أنه إذا كانت هذه التصرفات مرتبطة بأشياء أخرى فإنها تكيف على اعتبار أنها أفعال مجرمة معاقب عليها بمقتضيات القانون الجنائي. وهكذا إذا قام شخص ما ذكر كان أو أنثى بالعري المعتمد أو بالبذاءة في الإشارات آو الأفعال بشكل علني، فإنه يعتبر من المنظور القانوني قد ارتكب إخلالا علنيا بالحياء الذي يعاقب عليه الفصل 483 من القانون الجنائي بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم. ويعتبر هذا التصرف إخلالا علنيا بالحياء متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر قاصر دون الثامنة عشر من عمره أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم. واختلاس النظر لجسد الأنثى في حالة تواجدها في أماكن ووضعيات خاصة بالنساء عن عمد، يعتبر كذلك تحرشا جنسيا والتحريض على الفساد المعاقب عليها في إطار مقتضيات المادة 497 من القانون الجنائي بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم. مع العلم أن هذه التصرفات يمكن أن تكيف كذلك في حالة توفر ظروف الترصد والإصرار على أنها محاولة هتك عرض الأنثى المعاقب عليها في الفصل 485 الذي يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك آو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى مع استعمال العنف. والملاحظ من جهة أخرى أنه إذا كان الهدف من اختلاس النظر إلى جسم الأنثى هو حملها على الدعارة، فإن ذلك يدخل في التحريض أو تسهيل الدعارة أو الفجور، وإذا ارتكب الفعل تجاه قاصر دون الثامنة عشر من عمرها، أو إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو مخبأ، أو كان مرتكب الجريمة من المكلفين بحكم وظيفتهم بالمساهمة في محاربة البغاء أو في حماية الصحة أو الشبيبة أو المحافظة على النظام العام، فإن العقوبة الحبسية هي من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى عشرين ألف درهم. والملاحظ على المستوى العملي أن المتابعين بهذه التصرفات المرتبطة باختلاس النظر إلى جسم المرأة في الأماكن الخاصة بالنساء كالحمامات مثلا غالبا ما يكونون مصابين بأمراض نفسية لها علاقة بالكبت الجنسي وغيرها من الأمراض النفسية. إن هذه التصرفات اللاأخلاقية المرتبطة بالأمراض النفسية ومنها اختلاس النظر إلى جسد الأنثى في بعض الأماكن الخاصة بالنساء مرفوضة أخلاقيا واجتماعيا، والأشخاص الذين يزاولون هذه التصرفات هم مرضى ينبغي عليهم استشارة طبيب نفسي للبحث عن علاج يؤدي إلى الكف عن هذه العادات الغير المقبولة، ذلك أن التمادي في هذه الأفعال قد تكون له عواقب وخيمة في حالة التلبس بها خاصة إذا كانت مقرونة بأفعال أخرى كالدخول إلى المساكن أو الأماكن الخاصة بالنساء كالحمامات وما يترتب عنه من سقوط تحت طائلة القانون الجنائي، أما إذا كان المتعودون على هذا التصرفات في اتجاه الأضرار بالمرأة أوالأنثى بصفة عامة أي تحين الفرص للاغتصاب أو الفساد فإن مصير هؤلاء في حالة تلبسهم بالأفعال هو السقوط تحت طائلة القانون الجنائي الذي يعتبر جريمة الاغتصاب جناية يعاقب عليها الفصل 486 من القانون الجنائي بالسجن من خمس إلى عشر سنوات. إعداد: شادية وغزو *محام بهيئة الدارالبيضاء استاذ القانون الدستوري جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء