تقدم بعض الزوجات على مطالبة أزواجهن بإشراكهن في ممتلكاتهم أو اقتساهما معهن، غير أن رغبة هؤلاء الزوجات تصطدم بتعنت أزواجهن وعدم تقبلهم لتلك الفكرة، ما يؤثر بشكل سلبي على العلاقة بين الزوجين، بعد أن يطغى عليها سوء الظن وانعدام الثقة، وتحاصر الشكوك الطرفين كما حدث في حالة كل من كريمة وسناء. غمرتها الفرحة والسعادة عندما أخبرها زوجها بأنه قرر أخير العمل بنصيحتها له بشراء شقة يستقران فيها، ويتخلصان بفضلها إلى الأبد من هم «لكرا»، لكن سرعان ما ستتلاشى تلك الفرحة، وتصاب الزوجة بخيمة أمل، بمجرد أن تعلم بنية زوجها في عدم إشراكها في ملكية تلك الشقة. رفض إشراكها في ملكية السكن كريمة ذات التاسعة والثلاثين عاما، أرغمت من طرف زوجها منذ قرابة السنتين على التخلي عن وظيفتها التي كانت تتقاضى من خلالها راتبا مهما، كي تتفرغ للاهتمام بشؤون البيت وتلبية طلبات زوجها وأبنائها، بعد أن ظلت لسنوات طويلة تساهم في مصاريف البيت والأبناء، وكانت تنفق بسخاء حتى لا يشعر أفراد أسرتها بأي نوع من النقص أو الحرمان. بعد استفادته من الترقية التي ساهمت في شكل كبير في تحسين أوضاعه المادية، لم يعد الزوج يجد مبررا لعمل كريمة خارج البيت، ما جعله لا يتردد في مطالبتها بالتخلي عن وظيفتها، لتجد الزوجة نفسها في نهاية المطاف مضطرة إلى توديع أحلامها وطموحاتها المهنية، والتخلي عن الوظيفة التي تحقق عن طريقها استقلاليتها المادية إرضاء لشريك حياتها. تغيرت حياة الأسرة إلى الأفضل، بعد أن أصبح أمام كريمة متسع من الوقت للاهتمام بشؤون المنزل، الذي كانت تتولى بنفسها اقتناء كل مستلزماته من خلال المصروف الذي تحصل عيله من زوجها، بعد أن قرر الأخير أن يوكل إليها مهمة تدبير ميزانية الأسرة. لم يمض وقت طويل، حتى تمكن الزوج من اذخار مبلغ كبير من المال، بفضل حسن تدبير كريمة لميزانية الأسرة، ليقرر شراء شقة ويقوم بتسديد التسبيق الخاص بها، متجاهلا رغبة كريمة في أن تكون شريكة له في ذلك العقار، لأنه يرى في تحمله بمفرده مسؤولية الإنفاق على الأسرة من خلال خروجه إلى العمل سببا كافيا لانفراده بملكية أي شيء يقتنيه من حر ماله. استبدت مشاعر اليأس والإحباط بكريمة، التي شعرت بأن زوجها قد ضرب عرض الحائط كل التضحيات التي قدمتها والمجهودات التي بذلتها في سبيل تنمية ثروة زوجها، وحاصرتها المخاوف والأفكار السوداوية من أن وراء رفض زوجها إشراكها في ملكية الشقة نية مبيتة في التخلي عنها. «طماعة» في نظر زوجها انقلبت حياة سناء داخل بيت الزوجية رأسا على عقب، بعد أن تغيرت معاملة زوجها تجاهها إلى الأسوء، بحيث أصبح يتحاشى الحديث إليها والجلوس معها، لا لسبب سوى أنها طالبته في أحد الأيام بإشراكها في ملكية العقار الذي يقطنان به، والقطعة الأرضية التي ينوي شراءها في أقرب الآجال. »هاد الشي كله درتو بفلوسي... وانتي مادفعتي لا ريال لا جوج»، بهاته العبارات قابل الزوج طلب سناء في أن تتقاسم معه جزء من ممتلكاته، قبل أن يخبرها برفضه لتلك الفكرة ويطالبها بعدم التطرق إلى ذلك الموضوع مجددا، مخاطبا إياها بطريقة لا تخلو من قسوة وإذلال. سناء ذات الثانية والأربعين عاما، كانت شبه واثقة من أن زوجها لن يمانع في تحقيق رغبتها، حتى وإن تعلق الأمر باقتسام كل ممتلكاته وإياها، لأنها كانت تنتظر منه التقدير والامتنان على مختلف التضحيات والتنازلات التي تقدمها دوما من أجل إسعاده وإرضائه. بالرغم من وضعيتها كربة بيت، التي تغلق المجال أمام مساهمتها في مصروف المنزل وتحمل أعبائه كما يفعل زوجها، كانت سناء مقتنعة بأن قيامها بعملها داخل البيت على أكمل وجه، ورعايتها لأبنائها الثلاثة، وإرضائها لمتطلبات زوجها، كلها أمور تمنحها الحق في الحصول على نصيب من ممتلكات الزوج الثري، إلا أن الأخير سيكون له رأي مناقض ومخيب لآمالها، بحيث سوف يفسر رغبتها تلك على أنها نوع من الطمع، بل ويذهب في تأويله للأمر إلى حد اتهام أفراد عائلتها بتحريضها على ابتزازه بتلك الطريقة، وهو الأمر الذي سيكون بمثابة الصفعة القوية التي ستوقظها من أحلامها الوردية. اتهامات زوجها وسوء ظنه بها إلى جانب العبارات القاسية التي خاطبها بها، كلها أمور جعلت الحزن وخيبة الأمل يعرفان الطريق بسهولة إلى نفس سناء، قبل أن تؤثر سلبا على علاقة الزوجين التي أصبح الشك وغياب الثقة عنوانا لها، وتحولهما إلى غريبين يعيشان تحت سقف واحد.