الأعراض التي كانت تظهر على عبد الرحيم جعلت أهله يشكون في إصابته بمس من الجن، مما دفع بأهله إلى اللجوء إلى الدجالين الذين يدعون معرفتهم بطرق علاج هذا النوع من الأمراض بطرق غريبة ومؤلمة حولته إلى مقعد غير قادر على الحركة، ويعتمد على الكرسي المتحرك في كل شيء.. رحلة العلاج التي تحولت إلى عذاب دفع عبد الرحيم وحده ثمنها غاليا بفقدانه القدرة على تحريك أطرافه السفلى. تحول إلى شخص مقعد لا يستطيع التحكم في قدميه، ولا يتحرك إلا بكرسي متحرك بعد أن كان قادرا فيما قبل على الحركة والتنقل حيث شاء بدون مساعدة من أحد، قبل أن يتعرض لحادث نتج عن استعمال العنف ضده قضى على قدرته على تحريك قدميه. تعود تفاصيل الحادث الأليم إلى سنوات خلت عندما كانت تنتاب الشاب عبد الرحيم نوبات من الإغماء والغيبوبة التي لا يحرك معها ساكنا، ولا ينبس خلالها بكلمة واحدة، وتستمر هذه الحالة لساعات قبل أن يستعيد وعيه، وتبقى نوبات الصداع التي تكاد تفجر رأسه. ذهب تفكير جميع أفراد عائلة الشاب عبد الرحيم حال مشاهدتهم للحالة التي تنتابه بين الفينة والأخرى، إلى كون هذه الأعراض لا يمكن أن تكون إلا ناتجة عن مس من الجن، ولا علاقة لها بأي مرض عضوي. لكن صداع الرأس الذي كان ينتابه بشكل شبه مستمر، ولم يكن ينفع معه اللجوء للأدوية المتداولة والمتعارف عليها في القضاء على الآلام التي تصيب الرأس، دفعه إلى زيارة عدد كبير من الأطباء لمعرفة سبب هذا الألم. لكن دون جدوى فقد كان الألم يعود ما أن ينقطع الشاب عن تناول الأدوية. كانت جميع المؤشرات بالنسبة لأسرة الشاب تصب في كونه مصابا بنوع من المس، لذلك بدأوا يبحثون عن شخص يمكنه علاج نوبات الصرع التي تنتاب عبد الرحيم، والتي حولت حياته إلى جحيم بعد أن أصبح أهله يرفضون السماح له بمغادرة المنزل والتنقل إلى أي مكان آخر بمفرده، خوفا من أن تنتابه النوبة خارج البيت. لم يكن عبد الرحيم يشعر بما يدور حوله عندما يدخل في نوبة الغيبوبة والتي قد تنتابه في أي مكان، فقد كان في الكثير من المرات يسقط من الدرج وهو نازل منها أو محاولا الصعود إلى الطابق العلوي من بيت الأسرة، وكان يصاب بجروح قد تستدعي نقله إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية. بعد بحث طويل توصل الأهل إلى الشخص الذي مدحه الجميع وتحدثوا عن قدراته العجيبة في صرع الجن وطرده بعيدا عن الأجساد الإنسانية، وتخليصها من تحكماته. بدأت رحلة العلاج التي كان يتنقل خلالها عبد الرحيم رفقة والده إلى منزل الرجل لعلاجه بالصرع، حيث كان يستخدم أساليب قاسية في طرد الجن، بضرب المريض على مستوى جميع جسده، دون تمييز بين الأماكن الحساسة التي يمكن أن تخلق الكثير من المشاكل الصحية فيما بعد بالنسبة للمريض. يستهل الرجل جلسة العلاج بجو روحاني داخل غرفة شبه مظلمة بسبب إضاءتها الخافتة، تنبعث منها رائحة البخور، الذي يزيد من عتمة المكان، ويبدأ في التمتمة بكلام غير مفهوم وهو يمرر يده على جسد المريض المستلقي بين يديه، قبل أن يبدأ في ضربه في جميع جسده، وخاصة على مستوى الرأس محاولا إخراج الجن الذي يسكنه. كان عبد الرحيم يخرج من بيت الرجل وجسمه يحمل جميع علامات الضرب، التي يخلفها السوط الذي كان يضربه به الشخص المعالج، خاصة وأنه كان يدعي أن الجن الذي يستوطن جسده أخرس! وهو من أنواع الجن التي يصعب إخراجها بسهولة، في محاولة منه تبرير استخدامه ذلك الأسلوب العقابي، والآثار الناجمة عنه. بدأت حدة الألم الذي كان ينتاب عبد الرحيم على مستوى الرأس تزيد جلسة بعد أخرى، وأصبح يجد صعوبة في تحريك أطرافه السفلى، إلى أن فقد القدرة على تحريكها نهائيا، وكان تبرير الدجال دائما أن الجن هو الذي فعل به ذلك انتقاما منه، وأن الأمر لا علاقة له بالأمراض العضوية ولا حاجة لنقله للطبيب. استغل الدجال جهل أهل عبد الرحيم وسذاجتهم ورغبتهم القوية في تخليص ابنهم من المرض الذي حوله إلى مقعد، وأرسلهم إلى شخص آخر يتمتع بخبرات في هذا الميدان أكثر منه، حتى يبعد التهمة عنه في حال أراد الأهل إبلاغ الأمن بطما حدث لابنهم. بسبب العدد الكبير من الدجالين الذين لجأ إليهم الأهل طلبا لعلاج عبد الرحيم مما اعتقدوا أنه مس من الجن، فقدوا القدرة على معرفة من كان وراء فقدان الإبن للقدرة على الحركة، وحوله إلى مقعد يعتمد في تنقله على كرسي متحرك، بعد أن شخص لهم الطبيب حالته التي كان الضرب وراء وصوله إليها. أنكر الأهل على الطبيب أن ابنهم تعرض للضرب من طرف الدجال، وحاولوا إرجاء لسقوطه المتكرر من على السلالم، بسبب الغيبوبة التي تنتابه بشكل مستمر، حتى لا يطالبهم الطبيب برفع شكوى ضد الدجال الذي اختفى عن الأنظار. مجيدة أبوالخيرات