من فيفاندي إلى اتصالات، يقاوم القائد التاريخي لاتصالات المغرب كل تغيرات المساهمين. فشبكة علاقاته، ونتائجه وقدراته التكتيكية تسمح له اليوم بمزيد من توسيع مجال تأثيره في إفريقيا. مرة أخرى تغير مالكو شركة اتصالات المغرب. ففيفاندي المساهم المهم في المجموعة منذ خوصصتها في 2001 تخلت عن أسهمها لصالح اتصالات الامراتية. وقد تبين أن هذا الصفقة التي استمرت المفاوضات حولها لأزيد من سنة قد أثبتت أنها مربحة لجميع الأطراف. ففيفاندي جنت من هذه الصفقة أزيد من 450 مليون أورو أما اتصالات فقد حصلت على واحد من أكثر الفاعلين ربحية في القارة. لكنها صفقة مربحة أيضا بالنسبة لعبد السلام أحيزون، ذي 59 عاما والذي نجح في الاحتفاظ بمنصبه على رأس المؤسسة. «في بداية مسلسل التفاوض كان أحيزون مستبعدا، لقد بدا بشكل قاطع أنه خارج اللعبة. لكن كنا على خطأ فأحيزون يمتاز بصلابة أكثر مما كنا نتخيل»، يعلق أحد مصرفيي الأعمال الذي تابع عن قرب اتفاق فيفاندي واتصالات. إن هذه القدرة على العبور من عهد لآخر، وتتبع التغييرات، مثيرة للغاية. فبوجوده على رأس اتصالات المغرب منذ تأسيسها سنة 1998 عرف الرجل كيف يفاوض خلال عملية الخوصصة سنة 2001 بالتقرب من مختلف رؤساء فيفاندي: جين ماري ميسيي ثم جين ريني فورتو. أما الآن فعليه أن يتعامل مع شيوخ الإمراتية. إنه تغيير في « الثقافة» عرف كيف يتجاوزه منذ بداية المفاوضات. « لقد ضاعف أحيزون زياراته نحو الإمارات في الشهور الأخيرة. أراد أن يتشرب الثقافة المحلية، ويفهم رموز البلد. لقد خلق روابط وثيقة مع زعماء اتصلات وبعض كبار اقتصاديي البلد»، يحكي أحد المقربين من أحيزون. لقد تمكن أحيزون أيضا من الاعتماد على دعم الدولة. «تفويت اتصالات المغرب كان ملفا يتم توجيهه من جهات عليا. والدولة كان عليها فرض أحيزون لعدة اعتبارات»، يشرح أحد المقربين. فإذا كانت اتصالات المغرب ب2 مليار درهم من الأرباح سنويا للدولة المساهمة، بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا فإنها تشكل أيضا موضوع أمن وطني. « عندما يواجه محمد السادس مشكلا في خطه الهاتفي فإنه يتصل بأحيزون على هاتفه المحمول»، يقول أحد المقربين. وباعتباره منتوجا للقطاع العام، ووزيرا سابقا في عهد الحسن الثاني، يعد أحيزون خبيرا في عادات وتقاليد المخزن، وهي ميزة ضرورية عند الوصول لمثل هذا المستوى من المسؤوليات في المملكة الشريفة. وقد برع أحيزون في استخدام هذا القرب مع أوساط السلطة، في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء حيث تتواجد مجموعته. ففي مالي والغابون وموريتانيا وخصوصا في بوركينفاسو يتم استقبال الرجل كرئيس دولة، ورغم أنه لا يحبذ هذا الوضع حتى لا يثير بعض الحساسيات في المغرب إلا أن الحقيقة هي أن « أحيزون يحظى بثقة الرؤساء الأفارقة. وخلال المفاوضلات بين فيفاندي واتصلات عبر عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في إفريقيا أنهم لا يعرفون سوى مخاطب واحد هو عبد السلام أحيزون. لقد كان إسمه، شبه مفروض »، يروي أحد المقربين من الرئيس. وهذا أيضا ما ساهم في الاحتفاظ به. فبحضورها في أربع دول جنوب الصحراء، ستشهد اتصالات المغرب قريبا جدا توسيع تأثيرها في خمس بلدان جديدة في المنطقة هي النيجر وساحل العاج والبينين والتوغو وافريقيا الوسطى. نحن بعيدون بل بعيدون جدا عن ربحية اتصالات المغرب والشركات التابعة لها، والتي تتمحور حول هامش أرباح قبل الفوائد والضرائب بخمسين في المائة كأقل تقدير. ويكمن التحدي في مواءمتها حسب معايير ربحية المجموعة. وأحيزون هو رجل المناسب لهذه الوضعية. « إنه مقوم خارق للعادة. فجميع الفروع الأفريقية التي تم شراؤها منذ 2002 كانت في وضعية صعبة، لكنه تمكن من إعادة هيكلتها وتحفيزها وجعلها مربحة»، يؤكد أحد المحللين. إن أحيزون يقارن عمله بذلك الذي يقوم به البهلوان والذي من أجل ضمان إبقاء جميع الأطباق مرتفعة في الهواء عليه أن يحرص باستمرار على مراقبة سرعة دورانها وبمجرد ما يلحظ أدنى تباطؤ يقوم بإعطاء دفعة صغيرة». وهذا يعني تتبعا منتظما لمؤشرات نشاط وربحية المجموعة والشركات التابعة لها. في التقارير التي تقدمها فرقه أسبوعيا يهتم الرجل خصوصا بمؤشرين إثنين هما نمو الإيرادات وهامش الأرباح قبل الضرائب والفوائد. إنها طريقة بسيطة لكنها أثبت لحد الآن نجاعتها، فاتصالات المغرب والفروع التابعة لها تواصل تحقيق أعلى هوامش الربح عبر القارة، وتمنح مساهميها حتى 7 ٪ من الأرباح. «إنه أداء ملفت خصوصا إذا علمنا أن أرقام معاملات اتصالات المغرب تتراجع منذ ثلاثة أشهر، بسبب التخفيضات السعر الممنوحة في السوق المغربي». يوضح هذا المحلل المالي. إنها مميزات ستكون ضرورية له لرفع مستوى الفروع الإفريقية القديمة لاتصالات ومواءمتها لمتطلباته الربحية. لكن بانتظار ذلك، على الرجل أن ينتزع نقل الرخص في مختلف البلدان حيث توجد «موف». « إنها مهمة قد تتطلب نظريا سنتين من العمل»، يشير هذا الخبير في الأوساط الاقتصادية الافريقية، قبل أن يواصل قائلا: «عبد السلام احيزون ينتمي لتلك الفئة من الناس الذين يمكنهم أن ينتزعوا نقل الرخص خلال شهرين». ترجمة : هدى الأندلسي