أن يحتج الشباب في الشوارع، وتنفض الجموع إلى حالها أمر جد عادي ، لكن أن تنتقل عدوى الإحتجاجات من مكان لآخر، وتتطور أشكالها بشكل سريع ، لتطال مرافق حيوية، سكك حديدية وبواخر وطرق سيارة ، تعتبر بمثابة شرايين للإقتصاد الوطني، فهذا مؤشر خطير على وجود أزمة عميقة، بين الشباب العاطل وبين دوائر صناعة القرار، تستدعي تدخلا عاجلا لتلبية مطالب مشروعة، في مقابل عدم تلاعب هؤلاء الشباب بالنار و بمصالح البلاد خطوة تصعيدية، سابقة من نوعها في المغرب، مئات الشباب العاطلين عن العمل ، في مدن مختلفة ( خريبكة، اليوسفية ...) لجأوا إلى احتلال خطوط السكة الحديدية، احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية، وتنديدا بمماطلة الجهات المعنية لتحقيق مطالبهم، و في مدينة الناظور احتل الشباب السكة الحديدية أيضا، حيث أفادت جمعية الخريجين العاطلين هناك، أن ما قام به الشباب المحتج في المدينة، لم يكن سوى شكل من أشكال الاحتجاج السلمي على سياسة التسويف، التي انتهجتها السلطات في الاستجابة لمطالبهم الاجتماعية، وعلى رأسها تأمين الشغل 0 العديد من المراقبين يخشون أن تتحول هذه الخطوة الاحتجاجية الجديدة إلى مؤسسات حيوية أخرى، تكبد بعض القطاعات الاقتصادية خسائر مادية فادحة ، بسبب احتلال السكك الحديدية، طريقة الاحتجاج الجديدة تلك ، يلخصها اعتصام الشباب الغاضب فوق سكة الحديد على شكل سلاسل بشرية، لمنع حركة القطارات، وغلق المحاور الأساسية التي تستعملها العربات والشاحنات في نقل البضائع والركاب كذلك 0 غضب الشباب في هذه المدن واحتلالهم لممرات السكة الحديدية، يعزى إلى ما يعتبرونه «إجحافا وإقصاء في حقهم »، خاصة توظيف المكتب الشريف للفوسفاط ، لشباب من خارج هذه المدن، دون منح الأولوية للكفاءات المحلية، فيما المكتب الشريف للفوسفاط، أعلن عن تكبده خسائر مادية فادحة، خلال الأيام التي شهدت منع الشباب لسير القطارات في مدن اليوسفيةوخريبكة وغيرهما، بلغت في حدها الأدنى أكثر من 6 ملايين درهم 0 نفس المعطلين يالناظور سمحوا لباخرة «بركان» بداية الأسبوع الجاري القيام برحلتها، في وقتها المقرر، بعدما سبق لهم أن احتلوا مدخل الباخرة، حين كانت راسية بإحدى أرصفة المحطة البحرية لبني انصار، انسحاب العاطلين الغاضبين كان في حدود الساعة التاسعة من ليلة الاثنين، عقب مفاوضات قادها رئيس المنطقة الإقليمية للناظور، و عدد من المسافرين على ذات الباخرة المتوجهة لميناء ألميريا، إذ استجاب المعطلون لطلب عدم عرقلة السفر وغادروا المركبة وسط تصفيق قوي من لدن كافة المدنيين المتواجدين بالمرفق المينائي المذكور 0 وكان ذات الشباب أعلنوا اعتزامهم البقاء ببوابة السفينة، حتى الساعة الثالثة من ليلة الاثنين ، داعين إلى فتح عمالة الناظور لحوار جاد بشأن الملف المطلبي ، اعتصام معطلي الناظور أثار الكثير من التساؤلات حول الطريقة التي تمكن بها الغاضبون، من ولوج المحطة البحرية والوصول إلى فضاء حساس للغاية من طينة أرصفة الرسو الأربعة المتوفرة بذات المرفق الدولي للنقل البحري 0 لكن انفراج أزمة باخرة (بركان) ليس النهاية، فمعطلو الناظور لا يزالون متمسكين بقرارهم في التصعيد، وهو ما ينذر بمحطات أكثر حرارة، بعد احتلال منصة المهرجان الاتصالاتي بكورنيش الناظور، ومقر المجلس الإقليمي، وسكة قطار محطة الناظور ، وباخرة بركان 0 في مدينة الدارالبيضاء ، خلال الأسبوع الأخير، اضطر عدد من المارة والسائقين الذين كانوا يعبرون بسياراتهم وحافلاتهم شارع بن تاشفين، وباحماد إلى السير بحذر، بل وتغيير وجهتهم تفاديا للاصطدام بعدد من أساتذة التكوين المهني المتخلى عنهم (عددهم 250 شخص ) ، المحتجون الذين كانوا بالعشرات بينهم نساء شكلوا في البداية حاجزا بشريا أمام باب الإدارة، و الموظفون الذين التحقوا بعملهم فوجؤوا بجدار من الأجساد عند البوابة الرئيسية، مما دفعهم إلى تغيير وجهتهم والدخول من أحد الأبواب الخلفية 0 « أمام صمت المسؤولين، قررنا أن نوصل رسالتنا بشكل مختلف، وطريقة جديدة000» يقول أحد المحتجين ، هذا الأخير وفي لحظة يأس هدد باضرام النار في نفسه، ومما زاد من تأجيج الوضع، ارتماؤه أمام حافلة للنقل العمومي، الأمر الذي دفع باقي المعتصمين إلى الالتحاق به، وإغلاق المحور الطرقي كليا وأمام إصرار المحتجين على البقاء وسط الشارع، قامت المصالح الأمنية بوضع حواجز معدنية لتفادي أي اصطدام بهم 0 «الأشكال الإحتجاجية الجديدة ، تقتضي تدخل الحكومة لإيجاد حلول سريعة وشاملة لملف بطالة أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل، عوض نهج سياسة الصمت وانتظار عامل الزمن، مقابل أن يكف بعض الشباب المحتج عن اللعب بالنار وبمصالح البلاد» يضيف نفس المحتج غاضبا 0