مع قرب حلول شهر رمضان يتجدد سؤال كبير يطرح على نطاق واسع ضمن فئة من المرضى. مرضى السكري سيتساءلون مرة أخرى « هل نصوم رمضان؟». الدكتورة عهد عاشور الاختصاصية في أمراض السكري والغدد ستقدم لنا توضحيات حول مرض السكري وشهر الصيام لنعرف متى يكون الصيام ممسوحا ومتى يكون ممنوعا. هل يمكن لمريض السكري أن يصوم؟ هناك نوعان من السكري. وإمكانية الصيام مرتبطة بنوع السكري. فمرضى السكري من النوع الأول والذين يعتمدون في علاجهم على الأنسولين ممنوع عليهم الصيام نهائيا حتى لو كانت نسبة السكر لديهم متوازنة. أما مرضى النوع الثاني من السكري فيمكنهم الصيام لكن بشروط وباستشارة مع الطبيب. أول هذه الشروط هي أن تكون الإصابة بداء السكري حديثة وألا يكون المرض قديما. كما يجب أن يكون مستوى السكر متوازنا. والشرط الثالث هو أن يكون المريض غير مصاب بمضاعفات مرض السكري مثل إصابة الكلي والعين والقلب. وعموما يعد الطبيب الشخص الوحيد الذي يمكنه تقدير ما إذا كان بإمكان المريض الصيام أم لا وذلك حسب حالة كل مريض. ولذلك ينصح الأطباء بضرورة الاستشارة قبل شهر أو شهرين على الأقل من رمضان من أجل القيام بالفحوص والتحاليل اللازمة ليتمكن الطبيب من تقييم الحالة العامة للمريض ومن ثم تحديد إمكانية الصيام من عدمه. لكن للأسف نلاحظ أن غالبية المرضى لا يزورون الطبيب إلا قبل أسبوع من رمضان أو ربما بعد مرور يومين أو ثلاثة من شهر رمضان. كيف يمكن لمريض السكري أن يوازن بين صيامه ومرضه؟ يجب على مريض السكري الحرص على تغذية متوازنة وتقسيم الوجبات على الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور. لا يجب على مريض السكري التخلي عن وجبة السحور نهائيا. كما يجب عليه تأخيرها حتى قرب وقت الآذان. أما أنسب ما يمكن تناوله في السحور فهو الكريات البطيئة التي يمكن أن تستمر معه لمدة طويلة مثل الخبز والأزر والياغورت. ويجب على المريض مراقبة السكر خاصة في الثلاثة أيام الأولى للصيام. متى يتناول المريض دواءه؟ إذا كان المريض يحتاج إلى تناول ستة أو ثمانية أقراص يصبح من الصعب عليه الصيام بل من المستحيل. لكن إذا كان الدواء في حدود ثلاثة أقراص فيمكن توزيعها بين الفطور والسحور، حسب إرشادات الطبيب. هل يمكن لمريض السكري ممارسة الرياضة؟ يمكن للمريض القيام بأنشطة رياضية وبدنية، لكن باعتدال خاصة في الأيام الأولى بحيث لا تتجاوز الحصة ربع ساعة إلى نصف ساعة، وذلك حسب جهد كل مريض الذي يجب أن يكون مرتاحا والنشاط لا يفوق إمكانياته. كما يجب عليه مراقبة السكر في الدم قبل الرياضة وبعدها. هناك بعض الأشخاص الذين يفضلون ممارسة الرياضة قبيل الإفطار مثلا عند الخامسة مساء لكن الصباح فهو أفضل فترة. ماهي النصائح التي يمكن تقديمها لمريض السكري؟ يجب على مريض السكري الذي اختار الصيام في رمضان بعد استشارة طبيبه أم ينتبه جيدا لحالته الصحية. فإذا أحس بأي دوخة أو عياء أو هبوط يتوجب عليه قياس السكر والاتصال بالطبيب للاستشارة. فإذا كانت نسبة السكر في المساء منخفضة لديه فيمكنه تناول نوع من السكريات الخفيفة عند الإفطار ثم تناول سكريات بطيئة. يفضل أن يتناول الحليب ومشتقاته بدل أكلات المسمن والرغايف والبغرير. ومن الأفضل الاعتماد على السلطات والخضر في الفطور. أما في العشاء فيمكن تناول طاجين لكن شرط ألا يكون دسما. وتعد سطلة الخيار والطماطم والخس مفيدة جدا. أما الفواكه فيمكن تناولها لكن في وجبة واحدة بعد الفطور أو بعد العشاء. مؤطر لماذا لا يصوم مرضى الأنسولين؟ النوع الأول من السكري هو السكري المعتمد على حقن الأنسولين. ومرضى هذا النوع من السكري يحتاجون إلى حقن الأنسولين مرتين في اليوم أو أكثر، وبشكل يومي، إذ يتميز هذا النمط بانعدام إفراز الأنسولين من البنكرياس تماما، ولابد من تعويض الأنسولين بواسطة حقن الأنسولين تحت الجلد في مواعيد ثابتة من كل يوم، ولا يكتمل العلاج به إلا بتوزيع الطعام اليومي على 5-6 وجبات في أوقات محددة لا ينصح بتأخيرها أو إلغائها، وإلا حدث اضطراب شديد وخطير في سكر الدم قد يضطر المريض إلى دخول المستشفى لتلقي العلاجات الإسعافية المناسبة، وبالتالي لا يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يصوموا رمضان في كل الأحوال. فمع الصوم وفقدان السوائل من الجسم نهارا، وحصر وجبات الأكل في الفترة المسائية، واضطراب مواعيد حقن الأنسولين يزداد احتمال تعرضهم لمضاعفات السكري الحادة مثل الهبوط الحاد لسكر الدم أو ارتفاع سكر الدم الشديد وكلها مشاكل قد تؤثر على حياة المريض.