لا يزال علي غاضبا، فكلما انتقل إلى المحكمة يجد نفسه أمام التأجيلات المتكررة لملفه، لكن ذلك الواقع قد يتغير بعد أن تقرر أن ينفتح القضاء أكثر على المواطن وأن يكون أكثر قربا منه. إجراءات عديدة سيتم تبسيطها وتسريعها باحداث قضاء القرب، والرامي لتقريب القضاء منه ومن غيره من المتقاضين وإحداث جهة قضائية محترفة، مؤهلة لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة وفق مساطير مبسطة مع تيسيير سبل التبليغ والتنفيذ. لن تعترض علي وغيره من المتقاضين أية عوائق، لن تقض مضجعه تعدد المساطير وبطئها. الرهان الآن أصبح بعد اعداد مشروع جديد على تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح والأخد بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء القرب. مشروع قضاء القرب الجديد سيحد من العراقيل اليت يصادفها علي ومعه أعداد من المتقاضين باحداث محاكم جديدة تسمى «محاكم القرب » محل محاكم الجماعات والمقاطعات التي مر العمل بها قرابة أربعة عقود وتقليص عدد حكام الجماعات إلى ما يقارب الثلث. القضاء الجديد الذي يستقبل علي تم الحرص على تسميته بقضاء القرب، وسيتم إقرار تموضعه كقسم بالمحاكم الإبتدائية ومراكز القضاة المقيمين، مع تكيلف قضاة تعينهم الجمعية العمومية للمحكمة للبث في القضايا المعروضة عليها. أقسام قضاء القرب لن تتألف سوى من قاض أو أكثر وأعوان لكتابة الضبط أو الكتابة، ولن تعقد الجلسات التي ستكون علنية سوى بقاض منفرد بمساعدة كاتب ضبط وبدون حضور النيابة العامة، والمساطير أمامها شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية. باستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الإجتماعية والإفراغات، فإن محاكم القرب ستختص بالنسبة للقضايا المدنية في مبلغ 3000 درهم مع امكانية اتفاق الأطراف على رفعه إلى غاية مبلغ 5000 درهم. وأيضا زجر المخالفات على أن لا تتعدى العقوبة التي يمكن الحكم بها مبلغ 1200درهم كغرامة. لن يضطر علي لانتظار أحكام الإستئناف أو النقض، فأحكام قضاء القرب ستكون نهائية، وتم الحرص على عدم قابلية الطعن فيها، لكن مع امكانية طلب الإلغاء أمام رئيس المحكمة في حالات خاصة، ذلك سيمكن من تفادي طول مساطير التقاضي بين الدرجات والإنتظار الممل للأحكام القضائية التي أفقدت علي وغيره من المتقاضين الثقة في القضاء، ولن يطول أيضا انتظاره للأحكام، فقد حدد أجل البث في القضايا المعروضة على قضاء القرب في ثلاثين يوما. ولتفادي صعوبات التنفيذ أسند التبليغ والتنفيذ إلى السلطة الإدارية المحلية، دون اغلاق الباب أمام المفوضين القضائيين للقيام بذلك. احداث قضاء القرب سيفرض تعديلا في التنظيم القضائي للمملكة، وسيتم تصنيف المحاكم الإبتدائية حسب تنوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية ومحاكم ابتدائية اجتماعية، ومحاكم ابتدائية زجرية، وستمكن من توحيد الإجراءات وتبسيط المساطر وتنظيم سير العمل بهذه المحاكم وضمان التأطير والتكوين الجيد لفائدة الأطر القضائية والإدارية العاملة بها وتوحيد الإجتهاد القضائي . التعديلات ستمكن أيضا من إحداث غرف على مستوى المحاكم الإبتدائية تختص بالنظر في استئناف بعض الأحكام الإبتدائية الصادرة في قضايا المخالفات التي يقضي بشأنها بعقوبة سالبة للحرية، وفي القضايا الجنحية التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا والغرامة أو إحداهما فقط، وكذا الأحكام الصادرة في بعض القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 20 ألف درهم، وسيمكن ذلك من التقريب من المتقاضين، لا سيما بالنسبة للحاكم الإبتدائية البعيدة مقارها عن مقار محاكم الإستئناف. إلى جانب ذلك سيتم توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي بالمحاكم الإبتدائية ليشمل كافة القضايا ماعدا قضايا الأسرة والميراث (باستثناء النفقة) وكذا كافة القضايا الجنحية، وسيمكن من تسريع البث في القضايا وتبسيط إجراءات التقاضي والتحكم في سير الجلسات وتقوية الشعور بالمسؤولية، هذا فضلا عن توفير عدد مهم من القضاة الذين كانوا يشتغلون في إطار القضاء الجماعي، كل ذلك قد يعيد الإرتياح لوجه علي والمتتقاضين بعد أن ينصفهم القضاء دون أن يقض بطء مساطيره مضجعهم.