شنت السلطات المحلية بمعية تقنيين من وكالة إنقاذ فاس والتخفيض من الكثافة السكانية، منذ صباح يوم الإثنين الماضي حملة واسعة لتحديد المنازل القديمة المهددة بالانهيار في أي لحظة، وإرغام قاطنيها على الإفراغ الفوري منها. ويأتي هذا الإجراء عقب انهيار بناية من طابقين بحي «الشرابليين» ليلة الأحد/ الإثنين، والذي خلف مصرع أربعة أشخاص من أسرة واحدة وإصابة ستة آخرين، ثلاثة منهم إصاباتهم خطيرة. وهمت هذه الحملة مختلف أحياء المدينة القديمة، خاصة بأحياء الطلعة والأندلس والصفارين والشرابليين.. وقدر مصدر من وكالة الإنقاذ عدد المنازل التي تم تحديدها إلى حدود زوال أمس الأربعاء، بنحو 800 بناية قديمة مهددة، من بينها أكثر من 500 بناية تستوجب تدخلا آنيا. وقد وُجهت لقاطنيها إشعارات فورية بالإفراغ، وهددتهم السلطات باستعمال القوة، عن طريق أمر قضائي، في حال إذ لم يتم الرحيل عنها في غضون الأيام الثلاثة القادمة. وأفاد تقني في وكالة الإنقاذ أنه من المرتقب أن يتم عقب هذه الحملة إخلاء السكان من البنايات المتصدعة الآيلة للانهيار في أي لحظة، قبل أن يتم التدخل من أجل إصلاحها وترميمها. وفي حال تعذر إنجاز هذه الأشغال، سيتم هدم البنايات «الميؤوس» من إصلاحها. وأشار المصدر ذاته، أن الوكالة أقدمت خلال الأشهر الستة الأخيرة على تدعيم أكثر من 1200 بناية قديمة، من خلال استعمال مادتي الخشب والجبس، على أن تطال هذه العملية نحو 1000 بناية أخرى في الأشهر القادمة. وقدر عدد المباني العتيقة المهددة بالانهيار في فاس القديمة بنحو 4500 مبنى، تتطلب تدخلا عاجلا لتدعيمها وترميمها. لكن الخطير في الأمر - يضيف المصدر - أن نسبة 98 في المائة من هذا البنايات مازالت مأهولة من طرف قاطنيها، أو تحتضن أنشطة حرفية وتجارية مختلفة، ما يجعل أرواح العشرات من المواطنين مهددة في أي لحظة. من جهة أخرى، شوهدت العديد من الأسر خلال اليوم الأخيرين وهي ترحل عن مساكنها الآيلة للانهيار، خاصة تلك التي تتوفر على إشعارات فورية بإفراغ منازلها المهددة. ولجأت هذه الأسر إلى جمع أفرشتها وأمتعتها وخرجت إلى الساحات والأبواب القريبة، في انتظار رحيلها إلى مساكن آمنة عند الأقارب أو استئجار بيوت في أحياء حديثة. وكان العشرات من سكان حي الشرابليين بدرب الطالعة الكبيرة، قد خرجوا عقب وقوع فاجعة مصرع أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين في انهيار بناية، إلى الدروب المجاورة للاحتجاج في وقت متأخر من الليل، للتنديد بما أسموه ب «تهاون السلطات والمنتخبين في تقديم الدعم لهم للقيام بأشغال التدعيم والإصلاح لمساكنهم المتصدعة»، متحدثين عن «مشاريع وهمية لترميم بنايات سرعان ما تتهاوى وتخلف ضحايا ومآس اجتماعية».