إذا كانت الأنظمة البرلمانية في العالم تستمد قوتها من المكانة البارزة التي يحتلها البرلمان كمصدر وحيد للتشريع، فإن مشروع الدستور الحالي لن يكتف فقط بتوسيع صلاحيات البرلمان بجعل سلطة التشريع حكرا عليه، إنما بإعطائه للمعارضة مكانة بارزة من خلال اسناده لها رئاسة التشريع بمجلس النواب. المشروع الجديد للدستور الذي سيعرض على الاستفتاء في الفاتح من يوليوز المقبل، أصبح لللمعارضة من المادة العاشرة وزن في العمل البرلماني، من خلال تكريسها دستوريا كمكون أساسي في البرلمان من خلال رئاستها للجنة التشريع، التي ستصبح بمثابة عين المعارضة لمراقبة كل ما يتعلق بالتشريع ، وكذلك ستتيح اجتماعات هذا اللجنة للمعارضة فرصة إبداء رأيها واقتراح ملاحظاتها في ما يرتبط بمقترحات ومشاريع القوانين. وبموجب مشروع الدستور الجديد لم يعد للمعارضة تلك المكانة التقليدية التي كانت تتبوؤها في ظل الدساتير السابقة والتي كانت تختزلها في مراقبة عمل الأغلبية داخل البرلمان وحصر مجالات تدخلها في مجالات ضيقة، دون تمكينها من الوسائل والامكانيات المادية للقيام بمهام المعارضة كما هي في الأنظمة الديموقراطية. فعلى عكس ذلك، فالمشروع يضمن لها مكانة تخولها حقوقا ستمكنها من النهوض على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، فوفقا لمتقضيات المادة العاشرة، سيصبح بامكان المعارضة المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لا سيما عن طريق تسجيل مقترحات القوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان، والاستفادة من التمويل العمومي، وكذلك المشاركة الحقيقة في مراقبة العمل الحكومي بمساءلتها وتشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق. الدبلوماسية البرلمانية لم تعد حصرا على الأغلبية، فالمعارضة أصبحت مطالبة بالمساهمة الفاعلة في هذا المجال، وذلك للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية. إذا كانت المعارضة البرلمانية قد فقدت الكثير من قوتها في مراقبة العمل الحكومي منذ السنوات الأولى للاستقلال، حيث المعارضة قوية ، فإن الدستور القادم، سيعيدها إلى مكانها الطبيعي من حيث الممارسة الفعلية بتمكينها من مجموعة من الوسائل والحقوق،وذلك بعدما ألزمها بالمساهمة في العمل البرلماني بكيفية فعالة وبناءة وليست معرقلة.