تداعيات القرار الأخير لمجلس الأمن حول تمديد مهمة المينورسو بالصحراء تنزل بضغطها على الجزائر واللوبي الانفصالي، فبعد التهجم الذي عبرت عنه قيادة البوليساريو ضد فرنسا والضغط الذي مورس عليها من خلال إشاعات استعمال فرنسا لحق الفيتو لإبطال تقرير بان كيمون، والرد الذي خرج به ممثلها في الأممالمتحدة على منتقدي الدعم الفرنسي للمغرب في مجلس الأمن ، حيث قال السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة إن المغرب لا يحتاج إلى فرنسا للدفاع عن مصالحه، مذكرا بأن القرار الأممي الأخير جاء بناء على مشروع قرار تقدمت به ممثلة الولاياتالمتحدةالأمريكية، تحرك المدفع نحو مسؤولي الإدارة الأمريكية في حالة من الإرباك والغضب. مصادر صحفية متعددة أفادت أن هذا اللوبي دفع عددا من أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى دعوة كاتب الدولة جون كيري إلى اتخاذ ما أسموه ب «إجراءات قوية و عاجلة» تسمح لبعثة المينورسو بأداء مهمتها المتمثلة في ما وصفوه ب «تنظيم استفتاء لتقرير المصير بالصحراء من قبل المغرب». الرسالة التي تم توجيهها أول أمس الخميس لرئيس الدبلوماسية الأمريكية، دعا فيها أعضاء جمهوريون و ديمقراطيون و من مجلس النواب، كيري إلى دعوة الممثلية الأمريكية لدى الأممالمتحدة إلى «بذل كل الجهود من أجل السماح للمينورسو بأداء مهمتها المتمثلة في تنظيم استفتاء حول وضع الصحراء الغربية»، مذكرين إياه بأنه عندما اتفقت جبهة البولييساريو و المغرب على وقف إطلاق النار في 1991 قامت الأممالمتحدة بتشكيل بعثة الأممالمتحدة المكلفة بتنظيم استفتاء بالصحراء (المينورسو) لتنظيم استفتاء في السنة الموالية. وجه الارتباك الذي بدا على طلب النواب تمثل في تجاهل كل المعطيات والمستجدات التي عرفها الملف داخل أروقة الأممالمتحدة، وأهمها التركيز على الحل السياسي بعدما بدت استحالة تنظيم الاستفتاء، إضافة إلى ابتسار مهمة المينورسو التي جاءت إلى الصحراء في مهمة حددها مجلس الأمن أساسا في الحفاظ علي وقف إطلاق النار، في انتظار المباحثات السياسية. الرسالة التي جاءت إثر مصادقة مجلس الأمن الأممي على القرار الأخير بشأن تمديد مهمة المينورسو لسنة إضافية، كشفت عن الغضب الدفين الذي لم تستطع لا الجزائر ولا البوليساريو ولا الداعمون لها من اللوبيات إخفاءه ، بالرغم من كل ردود الفعل التي تلت القرار والتي حاولت الجزائر والبوليساريو استثمار بعض من فقراته لإظهار انتصار سرعان ما انكشف زيفه بعد هبة اللوبي الداعم للانفصال للضغط على الجهات التي يعتبرونها سببا في القرار الأممي الأخير. الرسالة حاولت تريدد أطروحة البوليساريو والجزائر، في استحالة استمرار الوضع الراهن ، وأن فشل تنظيم هذا الاستفتاء من قبل المينورسو يمس بسيادة القانون، وكذا التوقف عند مسألة حقوق الإنسان مستعملين مختلف التقارير التي كانوا مشرفين على إنجازها والتي تقود إلى ترديد أطروحة الانفصال التي تقول إلى أن ما يصفونه ب "الشعب الصحراوي يتعرض إلى انتهاكات خطيرة لحقوقه الإنسانية من قبل المغرب" مثلما سجلته تقارير كتابة الدولة الأمريكية و هيومن رايتس ووتش و منظمة العفو الدولية و مركز روبرت كينيدي من أجل العدالة و حقوق الإنسان و فريدوم هاوس. وبعد هذه التفاصيل تنتهي الرسالة إلى المطلب الرئيسي الذي فشلت الجزائر والبوليساريو وداعموهما في تحقيقه داخل مجلس الأمن ، والمتعلق بفرض آلية تسمح للمينورسو بمراقبة حقوق الإنسان، مكتفين بالإشارة إلى المغرب، ومتناسين حتى ما ورد في تقرير بان كيمون الذي دعا في تقريره الأول إلى توزيع هذه المراقبة بين التراب المغربي والجزائري. تعزيز استقرار الدول المغاربية والمنطقة وتحقيق الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، كانت من بين آليات محاولة إقناع وابتزاز جون كيري بمطلب الرسالة، وهي تكرار لامتحان هذه المطالب التي سبق للإدارة الأمريكية أن حسمت في تقييمها من خلال إشادة جون كيري نفسه خلال زيارته للمغرب بالخطوات والمبادرات التي قامت بها المملكة المغربية لفائدة "حماية حقوق الإنسان في الصحراء والنهوض بها". كاتب الدولة الأمريكي سبق وأكد على «الدور المتنامي والهام» الذي تضطلع به مؤسسات مغربية من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا لمجال، وهو ما وجد له صدى في القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن، ناهيك عن عشرات التقارير الحكومية وغير الحكومية الأمريكية في الإشادة بدور المغرب ومحوريته في حفظ الأمن بمنطقة الساحل، حتى ضاق ذرع الجزائر ودعاة الانفصال من ترديده، وهو ما يجعل رسالة أعضاء مجلس الأمن مجرد تبرئة ذمة للوبي أصابه السعار من هزيمة لا يريد أن يعترف بها.