لم يكتب لكريم غلاب أن ينهي ولايته على رأس مجلس النواب بعقد دورة استثنائية تشريعية "رمزية". فقد رفض رؤساء الفرق البرلمانية في الغرفة الأولى، بإجماع، عقد هذه الدورة، برغم أن كريم غلاب هيأ لها مسودة جدول أعمال يتضمن عرض تقريرين للمجلس الأعلى للحسابات، العام والخاص بصندوق المقاصة قبل أن يضيف في مسودة ثانية مناقشة والتصويت على مشروع القانون التنظيمي للمالية. كريم غلاب لم يصل للمراحل النهائية لاستجماع عدد التوقيعات اللازمة لعقد ثالث دورة استثنائية تعقد على عهد ولايته على رأس مجلس النواب، بعدما عجز عن إقناع مكتب مجلس النواب بأهمية جدول الأعمال المقترح، وهو ما عجز عنه أيضا في مرحلة ثانية مع رؤساء الفرق النيابية. مصادر "الأحداث المغربية" من داخل الفرق البرلمانية قالت إن رؤساء الفرق البرلمانية احتجوا على غلاب كريم بكون تقريري المجلس الأعلى للحسابات لن يخضعا للمناقشة البرلمانية وسيكتفي النواب والمستشارون البرلمانيون بالاستماع لعرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وهو ما سيجعل الدورة البرلمانية الاستثنائية، في حال عقدها، شكلية فقط دون أي إضافة، وهو ما جعل كريم غلاب يعود من جديد بصيغة منقحة لجدول الأعمال بعدما أضاف إلى الصيغة الأولى مناقشة والمصادقة على مشروع القانون التنظيمي للمالية. حتى الصيغة الجديدة لم تقنع رؤساء الفرق البرلمانية بجدواها. مصادر الجريدة اعتبرت أن برمجة دورة استثنائية على مدار قرابة شهر سيعطل عمل لجنة المالية التي تناقش هذا المشروع، مع تحمل النواب البرلمانيين مشاق إضافية بعد دورة تشريعية صاخبة تمت فيها برمجة 46 نصا تشريعيا. التفاصيل التي روتها مصادر "الأحداث المغربية" كشفت أن كريم غلاب كان مصرا على عقد الدورة مهما كلف ذلك من ثمن. لكن غلاب، لم يستطع إقناع مكتب مجلس النواب في البداية بجدوى عقد دورة ببرمجة عرض تقريرين للمجلس الأعلى للحسابات، قبل أن يطلب في اجتماع أول أمس الإثنين من رؤساء الفرق مساندته في برمجة هذه الدورة. رؤساء الفرق الذين كان جلهم منشغلا بالغليان الذي تعيشه فرقهم البرلمانية على وقع الخلافات حول تجديد الهياكل، أجمعوا باختلاف انتماءاتهم في الأغلبية أو المعارضة على رفض عقد هذه الدورة، بعدما اقتنعوا أن مسطرة عقدها ناقصة وتبقى في كل الأحوال دورة شكلية لا أقل ولا أكثر. المصادر ذاتها كشفت للجريدة بأن رؤساء الفرق النيابية عارضوا بشدة عقد الدورة على اعتبار أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات لا يمكن مناقشة الرئيس الأول للمجلس فيها للحصانة الدستورية التي يتمتع بها، كما لا يمكن مساءلة الحكومة عنها أيضا، لتعدد القطاعات التي وردت في التقرير، ويصعب أن تساءل كل القطاعات الحكومية دفعة واحدة في ملفات الاختلالات التي أوردها التقرير، وحتى إمكانية جواب موحد للحكومة عن هذه الاختلالات على لسان رئيس الحكومة، تبقى مستبعدة وغير ذات جدوى، ومن جهة ثانية لأن هذه الملفات التي أوردها التقرير العام للمجلس الأعلى للحسابات يجب أن تحال مباشرة على القضاء. غلاب لم يجد مع سيل الانتقادات التي وجهت له من قبل النواب البرلمانيين في مكتب مجلس النواب وفي ندوة الرؤساء سوى طي صفحته في رئاسة مجلس النواب دون أن يتمكن من عقد دورة كانت ستكون الأطول من بين كل الدورات التشريعية الاستثنائية التي عقدت في الولاية الحالية.