استعادت حركة 20 فبراير وهجها السابق، خلال مسيرات الأسبوع الماضي، لكن أسئلة كبيرة ظلت عالقة، يتعين على شباب الحركة الإجابة عنها في أسرع الأوقات، أي أفق سياسي ينتظر الحركة في ظل الإصلاحات السياسية والدستورية الجارية، لماذا عجزت الحركة أن تتحول إلى قوة اقتراحية،وما طبيعة علاقتها الغامضة بجماعة العدل والإحسان ، وما هي أسباب التوتر الكبير خلال الجموع العامة بين شباب الحركة ؟ جميعا نتذكر شريط الفيديو الشهير، مجموعة من الشباب يرددون « أنا مغربي غادي نخرج نهار 20 فبراير... » وجوه غير معروفة تدعو المغاربة للتظاهر، كثيرون لم يصدقوا الأمر، واعتبروه نزوة شباب يحاكون ربيع الديمقراطية بتونس ومصر، لكنهم فعلوها، وخرجوا في التاريخ المحدد لشوارع المدن بالآلاف، كان الأمر شيئا جديدا وعسير الإستيعاب، المطالب كانت بسقف جد مرتفع، ملكية برلمانية ودستور جديد، اسقاط الحكومة وحل البرلمان، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، محاسبة رموز الفساد ... 120 يوما من عمر الحركة منذ 20 فبراير تمكن الشباب من إنزال مطالبهم إلى الشارع، رفعوا اللافتات ونظموا الوقفات والمسيرات، ونقلوا مطالبهم إلى الجامعات و ومقرات الأحزاب والنقابات، مجموعة من التيارات السياسية عبرت عن دعمها للحركة فصائل اليسار الراديكالي ( النهج، الطليعة، التروتسكيون...) وشبيبة الإتحاد الإشتراكي بالإضافة لفعاليات جمعوية، والمستقلون أيضا، لكن الملفت للنظر وسط كل هذه الزحمة، هو النزول المكثف لجماعة العدل والإحسان إلى الشارع، ومساندة الحركة الشبابية في التظاهر وعلى صفحات الفيسبوك أيضا . لكن بعد ثلاث شهور فقط، وبالضبط في مسيرة 15 ماي الماضي بالحي المحمدي، رفع بعض المحتجين شعارا غير متفق عليه، تخطى سقف مطالب الحركة ، وخلق ارتباكا لدى القوى السياسية الداعمة للحركة، خاصة وأنه يوجه نقدا مبطنا وغير لائق للمؤسسة الملكية، فطنت الدولة بسرعة لكون جماعة العدل والإحسان غيرت استراتيجيتها، وقامت بالتدخل بعنف في الأسبوع الموالي لتفريق المحتجين، وتمت إصابة عشرات المحتجين على أيدي قوات الأمن، وهو ماعبر عنه بوضوح وزير الإتصال بالقول إن « إسلاميين ويساريين متطرفين يسعون لنشر الإضطرابات في المغرب ... » . أكثر من ذلك أن الحركة باصرارها على الإحتجاج في الأحياء الشعبية، بدأت تفقد بريقها وزخمها عما كان عليه الحال في الوقفات الاولى، سواء من حيث عدد المشاركين وكذا التعاطف الشعبي معها، إلا أن وقفات الأسبوع الماضي شكلت انتفاضة جديدة، استعادت خلالها الحركة بعض توهجها السابق، سواء بالعودة إلى الساحات الرئيسية في المدن , أوالإنضباط للشعارات، والتعامل الأمني المتعقل , فهل الأمر مجرد « تكتيك» من الجماعة في سعيها السيطرة على الحركة، لسرقة نجاحها و توظيف الشباب في معركة لا تعنيه ؟ أم يتعلق الأمر بأزمة تنظيمية داخل الحركة أفضت لتنسيق مصالح غير طبيعي بالمرة ، يجمع بين مكونات من أقصى اليمين و من أقصى اليسار تحت سقف واحد ؟ الأحزاب السياسية وشعرة معاوية عشية تظاهرات 20 فبراير، قالت اللجنة التنفيذية للحركة عبر صفحات «الفيسبوك»، إن مناصريها بلغوا حوالي 3400 شخص، إضافة إلى تأييد نحو ثلاثين ألف شخص بعد الوقفات والمسيرات الناجحة، وطالبت « بإصلاح سياسي واسع في البلاد» ودعت كل المغاربة إلى التظاهر في العشرين من فبراير من أجل ما وصفتها (كرامة الشعب و إصلاحات ديمقراطية) ، بموازاة ذلك كانت هناك حملة مضادة، أشارت أن بعض شباب الحركة مناصرون للبوليساريو، أو يتم توظيفهم من قبل جهات معادية، وقيل إن بعضهم مجرد مدمني مخدرات، أو مبهورون بما يجري في تونس ومصر على أحسن تقدير . في خضم كل ذلك ظلت مواقف الأحزاب غامضة جدا من الحركة الشبابية، واختلفت درجات تعاطيها بين مؤيد ومعارض لها، حزب الاستقلال استبق الأحداث وأوضح أن الأحزاب الكبرى والمركزيات النقابية المؤثرة, وتنظيمات المجتمع المدني الوازنة نأت بنفسها بعيدا عن المشاركة في التظاهرات، واستدل على ذلك بمواقف أحزاب « الكتلة الديموقراطية » وحزب «العدالة والتنمية»، فيما دعا المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، شباب حركة 20 فبراير إلى الالتحاق بصفوف الأحزاب السياسية، والتعبير عن مطالبهم من داخل البنية الحزبية، وليس في الشارع العام . أما حزب «التقدم والاشتراكية» فقد قلل من شأن هذه التظاهرات، رافضا الانسياق وراء « دعوات غير مسؤولة»، وأضاف أنه لا يفهم كيف أن دعوات احتجاجية تريد حل كل المؤسسات، في حين كتبت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن من حق المواطنين التظاهر والتعبير عن آرائهم بحرية، إلا أنها أكدت أن البلاد تواجه مخاطر عدة هي «الانفصال والإرهاب والفساد ... التي تملي على الرأي العام الوطني الحكمة في التعامل مع المشاكل الداخلية الأخرى» . وإلى الآن لاتزال مواقف الأحزاب غير واضحة، فبعض الشبيبات الحزبية تشارك بقوة في الحركة، بينما القيادات تحافظ على شعرة معاوية، لا ترغب في التعبير عن المساندة العلنية، كما لا ترغب في أن قطع حبل الود وخسارة الحركة بشكل نهائى 0 الفيسبوكيون مجرد وهم كبير أين الفيسبوكيون الذي سمعنا عنهم كثيرا ؟ سؤال عريض طرحه كل من نزلوا للشارع، توقعوا رؤية شباب غريبي الأطوار، بقصات شعر غريبة، وألبسة مهلهلة أو حتى حلقات الأذن وغيرها، لكن كل ذلك تبخر صباح الأحد 20 فبراير، الجميع يعرف الجميع و ليس هناك غرباء ولا غريبو أطوار، شباب «فايسبوك»، الذين دعوا إلى الاحتجاجات، وطالبوا بمحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاجتماعية وتعديل الدستور مجرد أشخاص «افتراضيون» . « هل تبحثون عن العدم ... فاقد الشئ لا يعطيه، لا يمكن لحركة احتجاجية أن تنطلق من الصفر وبدون خلفيات سياسية ... » يقول أحد نشطاء الحركة لجريدة الأحداث المغربية، « التظاهرات وفي جميع المدن تقريبا، تم تأطيرها من قبل نشطاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و فصيل النهج الديمقراطي القاعدي، إلى جانب حزب الطليعة، والتروتسكيين وناشطي أطاك المغرب، كما ظهر في أوساط المحتجين أعضاء من شبيبة الاتحاد الاشتراكي، دون إغفال مساهمة العدل والإحسان التي ظلت خجولة في البداية، قبل أن تتسلل تدريجيا إلى مراكز القرار داخل التنسيقيات المحلية، المهم أن الحركة هي تجميع لشباب تنظيمات سياسية وإسلامية» يشير نفس الناشط العشريني 0 الحركة والجماعة زواج مصلحة منذ اليوم الأول للتظاهرات، وخلافا لحزب العدالة والتنمية الذي رفض المشاركة, أبانت جماعة «العدل والإحسان» عن براغماتية سياسية كبيرة ، في وقت كان يهاب الجميع من «السطو» على حركة 20 فبراير, وتسخيرها لخدمة أغراضها الخاصة, لكن يبدو أن الإنضباط السابق لم يصمد طويلا أمام إغراءات الحركة الشبابية، التي بدأت ترى فيها الجماعة « فرصة تاريخية » لن تتكرر. جماعة العدل والإحسان انتقلت من المشاركة إلى المساندة الرسمية، نادية ياسين ابنة مرشد العدل والإحسان صرحت أن « كل تظاهرة سلمية وحضارية يمكن أن تعتمد على دعمنا» ، الناطق الرسمي للجماعة بدوره اتفق مع نادية ياسين في تأييد الحركة وجاء على لسانه « في كل الأحوال نحن لا نعارض أي تحرك شعبي جاد، ونحن جزء من شعبنا، وفي أي وقت اتضح لنا جدية وسلمية أية حركة احتجاجية فلن نتخلف عنها»، لكن أحد نشطاء حركة 20 فبراير علق على الأمر بالقول « نحن نعي المعادلة جيدا، أنصار ياسين من مصلحتهم استمرار الإحتجاجات والضغط في الشارع، لكن 20 فبراير استفادت من القوة العددية للجماعة أيضا، فالتنسيق القائم بين الإسلاميين واليسار الراديكالي غير طبيعي لكنه زواج مصلحة» . الأحياء الشعبية والفشل الذريع من البرنوصي إلى درب السلطان ثم الحي المحمدي واسباتة، دخلت الحركة حلقة جديدة في مسلسل تطورها، فقد قررت تعبئة سكان الأحياء الشعبية، في خطوة جديدة للضغط على الجهات المسؤولة، من أجل تحقيق مطالبها السياسية والاجتماعية ، عضو من الحركة قال إن « الأخيرة بعد أن نظمت عددا من الوقفات الاحتجاجية بالأحياء الشعبية، قررت تصعيد احتجاجها بالمناطق نفسها، لأنها لاقت تجاوبا كبيرا من السكان»، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما هذه الوقفات وترت علاقة الحركة بالدولة، كما أفقدتها التعاطف من قبل الكثيرين، وأصبحت تواجه بالرفض من قبل سكان هذه الأحياء والتجار، الذين رفضوا المساس بأنشطتهم، الأمر الذي عكسته لافتات وشعارات في الأحياء السابقة، تؤكد فشل الحركة في استقطاب سكان المناطق الشعبية 0 جماعة العدل والإحسان شاركت بكثافة في مسيرات الأحياء الشعبية، فيما بدأت تتراجع مشاركة أحزاب اليسار والشبيبات الحزبية ونفوذها، خصوصا داخل تنسيقيات الحركة وعلى مستوى أجهزة الإعلام واللوجيستيك، وهو ما أشر على بداية سيطرة أتباع عبد السلام ياسين على الحركة، وكانت نقطة التحول في تعامل المصالح الأمنية مع الحركات الإحتجاجية التي بدأت توزيع قرارات المنع واستخدام القمع في مواجهة المحتجين 0 قرارات منع الوقفات والتدخلات العنيفة في الأحياء الشعبية، يبدو أنها بعثث رسالة واضحة للحركة، تلقفها نشطائها بعد ثلاث أسابيع فقط، وشرعوا في تغيير استراتيجية الإجتجاجات بالمدن، خاصة بعد تصريح خالد الناصري وزير الإتصال « 20 فبراير نرحب بها بالأحضان ... ولا مشكل للمغرب معها » ، حيث بدأت محاولات التصدي لسيطرة أنصار العدل والإحسان وتغلغلهم داخل الحركة، تخيم على كل النقاشات الداخلية، وانطلقت محاولات إعادة الحركة لأرضيتها التأسيسية من قبل الشبيبات الحزبية والمستقلين ، والنتيجة مسيرات ناجحة أعادت الحركة لسابق عهدها، كما سجل تساهل واضح من قبل المخزن في تعاطيه مع الحركة . خلافات تهدد بتفجير الحركة منع التظاهرات، والإنتقاد الموجه لإنحراف جماعة العدل والإحسان بالحركة الشبابية عن مسارها، أفضت لخلق نوع من التوتر في الجموع العامة الأخيرة ، وصلت حد المشاجرات الكلامية ، وتبادل الإتهامات خاصة من قبل نشطاء الشبيبات الحزبية والمستقلين، المشادات الكلامية تطورت إلى مواجهات بين أعضائها خارج مقر نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، وتكسير الواجهات الزجاجية لقاعات الاجتماع وكراسي المقر0 ويبدو أن خروج مسودة مشروع الدستور الجديد خلف ارتباكا داخل جماعة العدل والإحسان، حيث بدأت تدفع بالحركة في اتجاه رفع سقف مطالب الأرضية التأسيسية للحركة وتنظيم المسيرات السلمية بالأحياء الشعبية لمدينة الدارالبيضاء مجددا ، ورفض مشروع التعديلات الجوهرية بالورقة الدستورية الجديدة . في المقابل دعا بعض نشطاء الحركة إلى تجاوز منطق « الكولسة » والإقصاء الذي تقوده الجماعة، و « نهجها الصراعات السياسية الضيقة في اتهام بعض المستقلين وشبيبة الاتحاد الاشتراكي في عرقلة مسار واختيارات الحركة بمدينة الدارالبيضاء» 0 موقف لم يتقبله اتحاديو عشرين فبراير دفعهم للاحتجاج، وإعلان تواجد بعض الجهات، تحاول تصفية حساباتها مع الاتحاد الاشتراكي باسم الحركة، فيما انتقد أحد مكونات الحركة الأمازيغية تغييب مطالب الأمازيغيين وإقصاء حرف (تيفيناغ) في تصدر واجهات مسيرات الدارالبيضاء . نفس الأجواء خيمت على الإجتماع الأخير للشباب الحركة السبت الماضي ، وهو ما انعكس على التوافق حول صيغة احتجاجية موحدة ، تطور يؤشر على هشاشة التعايش داخل الحركة وقابليتها للإنفجار في أى لحظة 0 ——————————————————————————————————————————————– محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني اكراهات 20 فبراير حتمت على جماعة العدل والإحسان المطالبة بدولة مدنية الحركة الشبابية دخلت مرحلة الهيكلة وستستمر في الإحتجاج للضغط هل يمكن تحديد إطار عام لحركة 20 فبراير ؟ حركة 20 فبراير في البداية كانت بمتابة إطار للمطالبة بإصلاحات سياسية ومؤسساتية, في أفق صياغة دستور ديمقراطي يؤسس لملكية برلمانية، ورفعت شعارا أساسيا هو محاربة الإستبداد والفساد، إذن نحن نتحدث عن حركة للإصلاح المؤسساتي والسياسي، تضغط في اتجاه اتخاذ تدابير وإجراءات مواكبة لإعطاء نوع من المصداقية لتلك الإصلاحات ومن ضمن تلك التدابير، الإعتقال السياسي ومحاسبة ناهبي المال العام، هذا الإطار العام لا ينفي أن الحركة تحولت إلى فضاء لترسيخ ما يسمى « ثقافة الإحتجاج» فالحركة تؤشر لولادة ثفاقة جديدة وشعور الكثير من المغاربة، بإمكانية الخروج للشارع لرفع مطالبهم، بغض النظر عن مضمونها، وقد يفاجا الإنسان بالتنوع الكبير للشعارات المرفوعة، هناك مطالب سياسية اجتماعية، وبسيطة أحيانا أخرى، مثل التظلم من سلوك أرباب الشركات وغيرها، مطالب جزئية، ولكنها تعبر عن أن الحركة تؤسس لثقافة الإحتجاج 0 في البداية كانت هناك مجموعات افترضية دعت للتظاهر، هذه الدعوة لقيت الترحيب من قبل قوى حقوقية وسياسية، تنتمي لليسار و جماعة العدل والإحسان, وشبيبات الأحزاب مثل الإتحاد الإشتراكي والعدالة والتنمية وكذلك بعض الشباب المنخرط في المركزيات النقابية، و لذلك أصبح يصعب في لحظة من اللحظات التمييز بين المجموعات الإفتراضية التي دعت للتظاهر وبين القوى المساندة للحركة . في ظل الإصلاحات الدستورية الجارية هل يمكن الحديث عن أفق أو مستقبل لحركة 20 فبراير ؟ الآن عندما نتحدث عن الأفق، الأكيد أن هناك تحولات تجري على مستوى توجهات واختيارات الحركة، خاصة بعد مسيرة الأحد الماضي، انعقد ما يسمى الملتقى الوطني الإستشاري الأول للحركة، هذا الملتقى أصدر بيانا سيحكم أفق الحركة مستقبلا ، وركز على ضرورة هيكلة الحركة وتحديد المسؤوليات, هناك توجه لتحكيم لجنة مكلفة بالتواصل حتى لا يحدث التضارب في مواقف الحركة, والسعي لتأسيس مجلس وطني للتنسيق حتى تتحدد المسؤوليات، ويحدد المسؤولون الذين ينبغي أن يرجع لهم في اتخاذ بعض القرارات، واليات جديدة للتعامل مع الوافدين الجدد على الحركة، وهي كلها أمور ستحدد أفق و مستقبل الحركة، 20 فبراير كانت ترفض قطعيا أن تتخذ هيكلة معينة، لكنها الأن انتقلت إلى مرحلة أخرى هي مرحلة الهيكلة ولاحظنا أن القوة الحقوقية والسياسية الداعمة للحركة، قامت بتأسيس مجلس وطني لدعم الحركة، لكن هذا الأخير لا يعبر عن الحركة بقدر ما يعبر عن القوة الداعمة لها 0 الحركة منذ يومها الأول نتحدث عن المطالبة بإصلاحات عميقة وسياسية والإجراءات المواكبة، الآن التعديلات الدستورية بدأت معالمها , الأكيد أن هناك أشياء ايجابية في التعديلات المقبلة, لكنها لا تلبي كل مطالب الحركة، فهي ستستمر في الإحتجاج والمطالبة بالإصلاحات، والاساسي أنها ستركز في المستقبل على اتخاذ الإجراءات المواكبة لتفعيل الخيارات الدستورية الجديدة، لأن هذه الأخيرة وحدها لا تكفي ، فالحركة وإن لم تتفق بشكل كامل مع التعديلات, ستحرص على الإستمرار في الإحتجاج للضغط، ليس فقط على الدولة ولكن حتى على الأحزاب السياسية، لتوفير شروط لخلق أليات بإمكانها أن تعطي معنى للمقتضيات الدستورية الجديدة . مسألة أخرى أساسية تحكم أفق الحركة، عندما نقول أنها ستستمر في الإحتجاج، علينا أن نشير إلى أن الأسبوع الماضي شهد نقاشا حول مضمون حركة 20 فبراير، بمعنى ليس من الضروري أن تستمر الحركة في الإحتجاج والتظاهر في الشارع، إنما هناك التفكير في إبداع آليات جديدة للإحتجاج, وهناك توجه لخلق نقاشات عمومية مع فئات عريضة من المواطنين للتحديات التي ينبغي على الجميع أن يرفعها. علاقة 20 فبراير بجماعة العدل والإحسان غير متكافئة ، هل الجماعة تقوم باستغلال الحركة الشبابية لبعث رسائلها ؟ لابد من التعامل مع المسألة انطلاقا من مبدأي الواقعية والبراغماتية، حركة 20 فبراير منحت فرصة النزول إلى الشارع ، لجماعة العدل والإحسان ولليسار الراديكالي كذلك، أعتقد أن ما هو أساسي في الحركة أنها استطاعت أن ترسخ « ثقافة الإعتراف بالإختلاف » ، هناك شعارات متفق عليها( الملكية البرلمانية، محاربة الفساد، دستور ديمقراطي...) تنزل القوى المعنية بهذه المطالب للشارع لإرسال رسالتها لمن يهمهم الأمر، وهذه مسألة أساسية، كون جماعة العدل والإحسان لها قدرة تعبئة أتباعها للتظاهر، هذا شكل قيمة مضافة للحركة، ولنكن واضحين، ما أعتقد أنه كان ليلتفت إلى الحركة، لوكان عدد المتظاهرين بالعشرات ولكن العدد الكبير للمحتجين هو الذي أثار الكثير من التساؤلات 0 بشكل عام ما يميز ملامح الحركة الشبابية، هو الزواج بين أتباع الجماعة والمطالب المرفوعة التي تبناها اليسار الراديكالي، نحن أمام لحظة مهمة استطاع أن يتعايش فيها الإسلاميون والشباب الراديكالي، كون أن الجماعة قادرة على التعبئة، أعتقد أن أي حزب في المغرب كانت له القدرة على التعبئة والنزول للشار ع لإظهار قوته ما كان سيتردد في ذلك، الحسابات الخاصة بالجماعة، أمر لا ينبغي أن يطرح لأن أي قوة سياسية خلال التظاهرات تسعى لتحقيق مكاسب سياسية 0 الجماعة وكونها تستغل الحركة، ربما ملاحظات وانتقادات ينبغي التعامل معها بشكل إيجابي، لأنه أمام هذه الإنتقادات ستضطر الجماعة على الأقل لتوضيح مواقفها بصراحة، وأعتقد أن الأمور تسير في هذا الإتجاه، نادية ياسين في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، أشارت أن جماعة العدل والإحسان , تطالب بوضوح بإقامة دولة مدنية عصرية لأن إكراهات 20 فبراير تحتم ذلك، فهي لم تعد ترفع شعار الخلافة على منهج النبوة، الآن ما هو أساسي أن نتعامل مع المطالب المرفوعة التي حددت في أرضية 20 فبراير، ومادامت الجماعة تعلن تشبتها بهذه الأرضية، علينا أن نقف هنا، أعتقد أن الديمقراطية تقتضي مشاركة الجميع، سياسة الإقصاء كيفما كانت الجهة التي تنتهجها لا يمكن أن تخدم قاعدة العيش المشترك بين المغاربة، وقواعد اللعبة الديمقراطية هي التي بنبغي أن تحدد هذا الإختلاف 0 لكن ألا تعتقد أن تعايشا غير طبيعي بين الإسلاميين واليساريين الراديكاليين يحمل بذور تفجير الحركة منذ الداخل ، وقد يفضي إلى تحريفها عن الهدف الأساسي، لخدمة مصالح الطرف الأقوى في النهاية ؟ علينا أن نغير أحيانا بعض المفاهيم التي كنا دائما نستحضرها في تحليلاتنا بشكل نمطي، كنا نعتقد دائما أن الإسلاميين لا يمكن أن يتعايشوا مع اليساريين, التجربة الديمقراطية أثبتت العكس، الأن هناك اليساريين والعلمانيية والحداثيين والإخوان المسلمين في مصر، وكلهم لعبوا دورا في التغيير، لدينا في المغرب تجربة سابقة، جزأ من المغاربة كانوا مؤطرين في حزب البديل الحضاري وحزب الأمة، هؤلاء الإسلاميين احتضنهم اليسار الراديكالي (الإشتراكي الموحد) والتعامل مستمر، الآن نلاحظ حزب الطليعة والنهج والحزب الإتحادي، توقع بيانا استنكاريا لما حدث من قمع للتظاهرات، إلى جانب العدل والإحسان، ولا ترى غضاضة في ذلك، في المغرب ينبغي تجاوز هذه الرؤية، الكل أصبح يعي أن القيام باصلاحات عميقة في المغرب لن يتم إلا من خلال التوافق بين كل المكونات0 نفس ما تقوله، هوما قبل حين تأسس حزب الأصالة والمعاصرة، قيل كيف يمكن أن يحدث التعاون مع اختلاف المرجعيات، وكان الرد أن هناك تعاونا وتحالفا على مستوى الدفاع عن الديمقراطية، ونفس الأمر عندما تأسست الكتلة الديمقراطية خلال التسعينات، قيل ما الذي يجمع بين حزب الإستقلال والتقدم والإشتراكية ومنظمة العمل والإتحاد الإشتراكي ومرجعياتهم الإديولوجية، ولكن التجربة لازالت قائمة، في المغرب الفعل السياسي يتطور، وردود الفعل المتشنجة القائمة على رفض الآخر ومرجعيته مرتبطة بتقافة أصبحت متجاوزة، الوعي السياسي تطور، والكل أصبح يدرك أنه لا يمكن للمغاربة إلا الإعتراف بشرعية الإختلاف 0 ——————————————————————————————————————————————– وحيد مبارك ناشط عشريني عضو الكتابة الجهوية لحزب الاتحاد الاشتراكي التصعيد في ظل دستور يستجيب للمطالب أمر عبثي نضال الحركة من أجل تحقيق مطالبها، يجعلها مدعوة اليوم إلى التعامل مع المعطى القائم المرتبط بمشروع الدستور الجديد وبالاصلاحات التي طالته، بغض النظر عن الملاحظات التي سجلت في هذا الإطار، وأعني بذلك مسألة تعيين اللجنة الاستشارية التي انكبت على هذا العمل، والتي تمت مهاجمتها وما تزال ترفع عدد من الشعارات للمطالبة بإسقاطها، والحال أنها أتمت مهمتها، وفي هذا الصدد يجب تسجيل أنه رغم تحفظنا من قرار مقاطعتها ودعوتنا إلى ألا تكون الحركة في الدارالبيضاء عدمية، وأن تقدم مقترحاتها وتشارك في النقاش المطروح، حتى تبين قدرتها على النقاش والفعل السياسي، إلا أن ذلك لم يمنعنا من أن نحترم قرار الأغلبية بشكل ديمقراطي 0 واليوم فإن المطروح هو اطلاع مكونات الحركة على مشروع الدستور الجديد، لمعرفة جديد مضامينه ومدى تجسيد إرادة الإصلاح والتغيير فيه وتلبيته للمطالب التي رفعت، حتى تقول مكونات الحركة كلمتها في ذلك كله. ويبدو أنه من البديهي أن كلمتها تلك، ستكون ضمن كلمات المواطنين من خلال التصويت بالسلب أو الإيجاب انطلاقا من قناعة كل طرف، آنذاك وإذا ما تميزت الأمور بإيجابية، فإن الحركة ستكون قد توفقت في تحقيق الأهداف التي رسمتها لذاتها، وإذا ما سجل العكس فإن قادم الأيام هو الذي سيحدد التوجه المستقبلي لها، على أنه سيكون من باب العبث إذا ما عبر الدستور الجديد عن انتظارات المواطنين ومكونات الحركة بنسب عالية، الاستمرار في الدعوة إلى بعض الأشكال التصعيدية (وسندي في ذلك بعض التصريحات التهديدية التي تفيد بأن الحركة ستستمر في احتجاجها وبأنها غير معنية بما سيأتي به الدستور الجديد)، هنا يجب أن يفتح نقاش حقيقي وهادف وجاد حول الغاية من ذلك، وهل سيكون بناء على أرضية جديدة بمطالب جديدة، أم أن الأمر سيكون مجرد تأكيد لرغبة في الاستمرار في التواجد في الشارع للاحتجاج من أجل الإحتجاج، وإرسال الرسائل المشفرة والواضحة على حد سواء إلى من يهمهم الأمر ؟ ————————————————————————————————— منعم أوحتي ناشط عشريني عضو الفرع الجهوي لحزب الطليعة الإحتجاج في الشارع وسيلة الضغط الوحيدة لتحقيق الإصلاحات منذ انطلاق الشرارة في 20 فبراير، كانت منهجية الحركيين في النزول إلى الشارع واضحة، والضمانة الوحيدة لنجاح الحركة هي الأرضية التأسيسية ،والنزول للشارع، ثم سلمية الحركة، وهي ثلاث مبادئ لاتنازل عنها، لهذا رغم الفورة المزعومة حول الدستور الجديد، ما أعتقد أنها ستكون كافية للإنسحاب من الشارع، والحركة الإجتماعية السلمية وسيلة الضغط الوحيدة، لا أظن أن هناك وسيلة أخرى لدينا حاليا لمواجهة المخزن، والضغط من أجل تحقيق الإصلاحات ، والحركة الإجتماعية هي الضمانة الوحيدة، ولا أدل على ذلك من النقاش الدائر حاليا بين الأطراف السياسية والدولة، بسبب عدم الجدية في مطلب الدستور الجديد ، فتقديم عروض شفوية في مفصل مهم حول مسودة الدستور شكك في مصداقية الحدود الدنيا التي نطالب بها، وهو على الأقل التواصل نريدالتواصل فقط، دعنا حاليا من المطالب السياسية، إن التعامل بهذه الطريقة مؤشر خطير لأجهزة ممانعة التغيير، أعتقد أن النقاش الدائر حاليا في جميع المدن وعلى امتداد خريطة الوطن كلها تخوف من إجهاض الإصلاح في المغرب وتحول لجنة المنوني لحركة تعصف بأحلام المغاربة 0 هيمنة العدل والإحسان على الحركة، نقاش مفتعل، زواج أقصى اليمين واٌقصى اليسار، كماشة الجماعة وغيرها من التعبيرات كلها خيال ، حسم الخلاف يكون باللجوء للأساليب المعروفة في الجموع العامة، وهي تضم كافة الأطراف وفسيفساء أو قوس قزح سياسي ، إن صح التعبير كلها تقع تحت سقف المطالب التي حددتها أرضية الحركة منذ البداية 0 ——————————————————————————————————————————————- فتاح العايدي ناشط عشريني وعضو « أطاك المغرب » هناك آليات لإتخاذ القرارات داخل الحركة وليست الكثرة العددية مواقفنا لا تختلف عن مكونات الحركة من الإصلاحات السياسية والدستورية، استدعينا من طرف لجنة المنوني في إطار المشاورات مع مكونات المدجتمع المدني ، وتم رفض الدعوة لأننا رفضنا اللجنة من أساسها من حيث الشكل، أطاك تطالب بلجنة مستقلة مفروضة من الشعب المغربي، اللجنة مرفوضة من ناحية الشكل، فهي تقوم فقط بترقيع الدستور القديم، كما أن الهامش الأساسي للجنة حدده الخطاب الملكي لتاسع مارس ، في سبع نقط أساسية لا يمكن تجاوزها من قبل اللجنة ولا يمكن المساس بالفصل 19 ، وبصفة عامة لا يمكن للجنة المنوني منح دستور يعطي كافة السلط للشعب نحن نرفض اللجنة من حيث الشكل فقط، أما الاشخاص فنحن نثق فيهم إلى حد كبير، معالم الدستور بدأت تتضح، ونتمنى أن نكون مخطئين بصددها، لكن أكيد أنها إذا لم تلبي كل تطلعات ومطالب الحركة، فإن الشعب المغربي سيجد صيغا أخرى للخروج إلى الشارع، والحركة جزأ من الشعب، فالكل يرتبط بدستور ديمقراطي، وبنجاح السياسات الإقتصادية والإجتماعية 0 العدل والإحسان قوة كبيرة في الشارع المغربي، ويوم 20 فبراير التحقت بالحركة الإحتجاجية في الشارع، وعلى الصعيد الوطني التزم أنصار الجماعة بشعارات الحركة باسثتناء حالات معزولة، تبرأت منها الحركة، لكن المهم هنا ليس الكثرة العددية هي التي تحدد القرار داخل الحركة ولكن هناك آليات لإتخاذ القرارات في الجموع العامة والحركة تعمل بمنطق استقلال عن التنظيمات السياسية، سوف نستمر في دراسة مضمون الدستور وهو الأمر الذي سيحدد مستقبل الحركة 0 ——————————————————————————————————————————————- مخلص حسني ناشط في 20 فبراير عن تيار المستقلين العدل والإحسان عندها قاعدة كبيرة ماذا نفعل لها نحن ؟ لجنة المنوني أخذت منها الحركة موقفا نهائيا، ونحن نحنرم الإجماع داخل الحركة، حاليا لا نعرف ما يجري ، ولم نطلع على مشروع الدستور الجديد، ولكن نلتقط بعض الإشارات، الأستاذ المنوني يخبر الاحزاب بالخطوط العريضة لمشروع الدستور شفويا فقط، هذا مؤشر على أن اللجنة لن تأتي بجديد يذكر ، والتصور الذي اقترحناه داخل الحركة، هو أن لجنة تضم كافة الهيئات ومكونات الشعب المغربي، تدلي بدلوها وليس لجنة تدخل مع المكونات والقوى فيما يشبه جلسات علاج «الأطباء النفسيين» 0 سيطرة العدل والإحسان على الحركة مجرد كلام، واستراتيجية يسعى المخزن لترويجها، هناك جموع عامة ولا أحد يقرر فيها منفردا ، تتم بحضور 200 أو 300 عضو، ولا أحد يستطيع أن يعطي الدليل على هيمنة الجماعة على الحركة، أما خروجها للشارع بكثافة تلك مسألة أخرى، عندها قاعدة عريضة تخرج للشارع ماذا نفعل لها نحن ؟ من له قاعدة أكبر يخرج بدوره للشارع، بالنسبة لنا الإطار هو سقف المطالب، وأتباع الجماعة لم يسبق لهم أن طالبوا بأكثر من السقف . أما عن أفق الحركة فقد قرر الجمع العام الماضي، تنظيم يوم دراسي للإجابة على سؤال كيف تسير الحركة تنظيميا ؟ وخلاله سوف يتم الإجابة على كثير من التساؤلات، لكن بطبيعة الحال إذا كانت التعديلات والإصلاحات الدستورية لا تستجيب للمطالب، الحركة ستواصل الاحتجاج وفي مقدمة الملفات حينها يأتي المطالبة بدستور ديمقراطي . ——————————————————————————————————————————————- جماعة العدل والإحسان ترفض الإدلاء بأي تصريح اتصلت الجريدة بناشط يمثل الجماعة في تنسيقية حركة 20 فبراير بالدار البيضاء لطلب توضيحات حول أفق الحركة وتعاطيها مع الإصلاحات الجارية مثل باقي التيارات الأخرى داخل الحركة، حدد لنا موعدا في اليوم الموالي بسبب انشغالات مهنية، خلال الموعد المحدد اتصلت الجريدة مجددا بالناشط المذكور ، هذه المرة تذرع بكونه لم يسمع جيدا اسم الجريدة، التي هاتفته بالأمس، وأكد أنه غير مستعد لأي تصريح ل «الأحداث المغربية» وأقفل الهاتف . ——————————————————————————————————————————————– تواريخ مهمة في عمر الحركة بتاريخ 27 يناير : بادرت مجوعات شبابية افتراضية إلى تحديد يوم 20 فبراير يوما للتظاهر السلمي في مختلف المدن المغربية وأطلقت على نفسها اسم «حركة حرية وديمقراطية الأن » 0 بتاريخ 2 فبراير : سارعت الحركة الحقوقية المغربية لمساندة المجموعة السابقة ودعت الحركة التي تضم 20 منظمة حقوقية وجمعوية لإعلان دعمها ومساندة الحركة وكافة الإحتجاجات السلمية 0 بتاريخ 15 فبراير: التحقت بالحركة السابقة مجموعتين افتراضيتين هما حركة « الشعب يريد التغيير» وحركة «الإنتفاضة من أجل الكرامة» وأصدرت هذه الحركات الثلاث بيانا مشتركا وأطلقت على نفسها اسم « مجموعات شباب 20 فبراير » 0 بتاريخ 16 فبراير : يوما واحدا بعد إصدار البيان السابق، توحدت المجموعات السابقة فيما بينها، ليظهر لأول مرة اسم حركة «شباب 20 فبراير » التي حددت مطالبها في أرضية موحدة 0 بتاريخ 20 فبراير : دخلت جماعة العدل والإحسان على الخط لتدعو المغاربة إلى التظاهر والنزول إلى الشارع ،وفوضت قطاعها الشبيبي حق اختيار الأساليب والأشكال التي يراها مناسبة للمشاركة في التظاهرات 0