قليلون أو على رؤوس الأصابع هم السياسيون المغاربة الذين تغويهم لعبة كتابة المذكرات، ويملكون الشجاعة لتحويل الشفوي إلى مكتوب ومدون على الورق خارج إلى العلن ، ومن هذه أو هولاء القلة، المحجوبي أحرضان أو الزايغ ، السياسي الذي مازالت الذاكرة تسعفه بكل شيء،بالتواريخ والأحداث والأشخاص حتى وهو قد أكمل عقده التاسع ويسير نحو المائة عام من الحياة . حياة بدأت ذات يوم من أيام سنة 1921 بولماس بالأطلس المتوسط وتواصلت عبر السنوات لصيقة بالحياة السياسية للمغرب من فترة الحماية والاستعمار إلى الآن ، كان فيها الزايغ فاعلا وشاهدا على تقلباتها، على رجالاتها ورموزها . المحجوبي أحرضان الذي رسمته الحياة المهنية والسياسية أو رسمته الحياة ككل بوجوه متعددة ، أليس من العحيب أن يكون الزايغ أيضا رساما يرسم بالألوان الطبيعة والأشخاص على اللوحات . المحجوبي أحرضان العسكري ، الضابط ، القائد أو القايد ، المقاوم ، العضو في المجلس الوطني للمقاومة ،العامل على الرباط ، مؤسس الحركة الشعبية مع الدكتور عبد الكريم الخطيب ، المشارك في تأسيس الفديك ( جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية ) ، وزير الدفاع الوطني ، وزير البريد والمواصلات ، وزير التعاون … رئيس الحركة الشعبية بعد كان أمينها . المججوبي أحرضان الفنان والشاعر ، واليوم وهو يفتح ذاكرته للعموم مصوغة ومدونة في مذكرات عن الفترة الممتدة من سنة 1942 إلى 1961 في انتظار الجزء الثاني والثالث اللذين يخصان الفترة الممتدة من 1961 إلى 1999. فإنه يساهم في كتابة التاريخ السياسي للمغرب الحديث من موقعه ومن المسؤوليات التي تقلدها ومن الأحداث التي عاشها والشخصيات والرموز التي رافقها على درب السياسية والحياة الطويل . ويضيف لبنة إلى الذاكرة المغربية الغنية شفويا والفقيرة كتابيا بطبيعة الحال من زاوية الفاعلين في الأحداث والتاريخ وليس الباحثين والأكاديميين . ذاكرة ومذكرات يصر أخرضان على أن يعطيها علامة الجودة : «« اللي عليا درتو والأمانة أديتها و الأهم أنني لم أكذب وكل مارويته حقيقي ..صحيح وحقيقي وبدون أي رتوش ولم أعتمد فيه فقط على الذاكرة بل عدت إلى ما هو مدون في وثائق والغرض منها ليس محاكمة أي شخص بل أخذ العبرة واستخلاص الدروس …» بطبيعة الحال هذه العناصر وعلامة الجودة تطمئن على « استهلاك» هذه المذكرات » لكن في السياسة وفي التاريخ تتعدد الروايات كل من زاويته ومن انتمائه السياسي ومن قربه أو بعده عن السلطة . وكما هو الحال دائما فإن المذكرات الأولى للزايغ لم تمر في أول كشف إعلامي عنها دون أن تثير الجدل وحتى الدهشة كما هو الشأن بالنسبة لحدث مقتل أو اغتيال عباس المسعدي أو رأي أحرضان في الجنرال أوفقير . المهم أن الزايغ فعلها… و في التسعين وزيادة .