أطفال اعتادوا سرقة الأشياء الثمينة والرخيصة أيضا من داخل منازل أقاربهم بالرغم من انتمائهم إلى أسر ميسورة توفر لهم كل متطلباتهم، حيث صاروا مدمنين على عادة السرقة، ووجدوا أنفسهم عاجزين عن التخلص منها، لتتحول سرقات هؤلاء الأطفال المتكررة مع مرور الأيام إلى مصدر إحراج بالنسبة لأمهاتهم اللواتي يعانين الأمرين لتخليصهم من تلك العادة. لم تتصور حكيمة للحظة أن طفلها الذي لا يتجاوز عمره العشر سنوات سيكون الفرد الوحيد من العائلة الذي يتم استثناؤه من لائحة المدعوين لحضور عشاء عائلي جرت العادة أن يقيمه أقاربها بالتناوب حتى يجتمع خلاله كل أفراد العائلة كبارا وصغارا. سرعان ما ستتلاشى صدمتها وتبدي حكيمة تفهما للوضع بعدما بررت القريبة التي كان من المقرر أن يحتضن منزلها العشاء العائلي رفضها حضور ابن حكيمة بكونها تخشى أن تتكرر سرقاته التي كانت سببا في نشوب الخلافات بين أفراد العائلة قبل أن يتبين أن الطفل كان المسؤول الوحيد عنها. «ماتجيبيش معاك ولدك» «حاولت بشتى الطرق تخليصه من تلك العادة لكن دون جدوى»، تؤكد الأم الثلاثينية، فهي لم تذخرأي مال لإرضاء رغبات ابنها وتلبية طلباته اللامنتهية، فقد اعتاد الأخير الحصول على كل ما يحتاج إليه من والديه، اللذين لا يترددان في منحه كل ما يطلبه من نقود دون استفساره عن الغاية من وراء طلبه، لكنه بالرغم من ذلك كان يتحين الفرص لسرقة بعض الأشياء البسيطة والرخيصة التي بمقدورهما توفيرها له. عانت حكيمة كثيرا من إدمان إبنها على السرقة، حيث واجهت بسبب ذلك العديد من المواقف المحرجة، لأن إصرار ابنها على سرقة أغراض أفراد من العائلة، جعلها تواجه تهمة التقصير في تربيته، وتضطر لسماع عبارات جارحة على لسان المحيطين بها. «مرحبا بك غير ماتجيبيش معاك ولدك»، عبارة صارت بمثابة اللازمة التي تتردد على مسامع حكيمة في كل مناسبة تدعى إليها، ما جعلها تفضل ملازمة البيت، حتى تجنب نفسها كل أشكال الإحراج التي قد تتعرض لها بسبب السرقات التي ينفذها إبنها. لص العائلة ما كانت سعيدة لتصدق أن يد إبنها ذي الحادية عشر عاما قد تمتد لسرقة أغراض من داخل منزل قريبتها التي رافقها لزيارتها في ذلك اليوم، لو لم تأكد لها الأخيرة أنها كانت تضع هاتفها النقال فوق الطاولة التي كان يجلس مروان بجوارها، وفوجئت باختفائه بعد مباشرة بعد مغادرتهما المنزل. شكل عثورها على الهاتف المحمول الخاص بقريبتها بين أغراض إبنها مروان الصفعة القوية التي أيقظت سعيدة من أحلامها الوردية وثقتها الدائمة بكونها زرعت في إبنها الأخلاق الطيبة وكل السلوكات الإيجابية بفضل التضحيات التي قدمتها في سبيل تربيته. ساورت الشكوك سعيدة وجعلتها تقرر البحث في كل أرجاء غرفة مروان، في الوقت الذي كان فيه الأخير بالمدرسة، لتفاجأ بوجود الهاتف المحمول الذي يعود إلى قريبتها بين أغراضه. لن يكون الهاتف المحمول سوى «راس لخيط» الذي سيقود الأم إلى اكتشاف سلسلة من السرقات التي نفذها مروان داخل البيت، بحيث ستعثر على الخاتم الذهبي الذي اختفى من علبة مجوهراتها قبل أشهر بين الأغراض المسروقة التي كان يخبؤها مروان داخل الخزانة في إحدى محافظه القديمة. شعور سعيدة بالغضب من تصرف إبنها، دفعها إلى معاقبته بطريقة لا تخلو من قسوة، بحيث قامت بضربه بشدة، في اقتناع تام بأن تلك الوسيلة الوحيدة التي من شأنها ردعه عن ذلك التصرف، كي تتفادى أن يلصق به أفراد العائلة صفة اللص. مصدر إحراج نفس الوضع ينطبق على كريمة، التي اكتشفت عن طريق الصدفة أن ابنها مدمن على السرقة، فالحظ لم يبق حليف الإبن لوقت طويل، بحيث سرعان ما اكتشف أمره في أحد الأيام، عندما رن جرس الإنذار بأحد المحلات التجارية، وتبين بعد ذلك بلحظات أن الطفل قد سرق لعبة ودسها في جيب سترته، الأمر الذي شكل صدمة قوية بالنسبة لكريمة. انهار الإبن بعد أن حاصره والداه بالأسئلة في محاولة لإيجاد مبرر للتصرف الذي قام به، واعترف بكل السرقات التي كان يرتكبها، مؤكدا أنه يعجز عن السيطرة على تصرفاته ويقدم دون وعي على سرقة تلك الأغراض، ليدرك الأب والأم في تلك اللحظة أن الأمر يتعلق بمرض نفسي، ويقررا عرضه على طبيب مختص على أمل أن يتخلص بفضل جلسات العلاج النفسي من عادة السرقة. بالرغم من استفادة الطفل من المواكبة النفسية على يد طبيب مختص، لم تلمس كريمة أي تغيير في سلوكاته، حيث مازال يصر على سرقة بعض الأغراض من منازل الأقارب، ويسبب لها الإحراج الشديد بسبب سرقاته المتكررة، التي تضطر كل مرة إلى تبريرها بكونها حالة مرضية أمام أفراد عائلتها. شادية وغزو