صانع سيوف آخر، يسقط في قبضة رجال الأمن في الدار البيضاء. الرجل الذي كان إلى وقت قريب أجيرا في ورشة مطالة تختص في تطويع الحديد، رأى أنه من الأنسب، ماديا، أن يتحول إلى تجارة السيوف المربحة، في ظل الارتفاع المضطرد لأعداد الراغبين في سلب الممتلكات تحت التهديد. لم يكترث بما قد تسببه تجارته من أذى للآخرين، بقدر ما اهتم بتحسين مداخيله الذاتية، في وقت تشهد فيه صناعة تطويع الحديد المحدودة، كسادا في السوق التجارية. ابتدأ بتعاملات بسيطة مع مجرمين صغار، كانوا يقتسمون معه جوار المعيش في منطقة مولاي رشيد بالدار البيضاء، قبل أن يتوسع نشاطه التجاري، ليمتد إلى عصابات متخصصة. غير أن سقوط صانع السيوف لم تكن أسبابه عائدة إلى نشاطات إجرامية ارتكبت في محيطه القريب. فعلى بعد كيلومترات عديدة من حي مولاي رشيد، معقل الصانع المذكور، قامت عصابة إجرامية مكونة من شخصين بعين السبع، بتنفيذ اعتداءات متكررة على المواطنين، تركزت في عمليات متفرقة للنهب والسلب والسرقة تحت التهديد، وأخرى تم فيها استعمال الأسلحة البيضاء الموردة من ورشة الصانع، في إلحاق الأذى المادي المباشر بالضحايا. بعد تسجيل توارد متواتر في شكايات الضحايا، دخلت العناصر الأمنية لمنطقة عين السبع على الخط، لتقتفي أثر المشتبه بهما إلى أن جرى اعتقالهما متلبسين عندما كانا يعترضان سبيل المارة بداية هذا الأسبوع. وبسرعة دل الموقوفان عناصر شرطة عين السبع، على مكان صنع هذه السيوف التي تنفذ بها أغلب الجرائم الخطيرة في المدينة الكبيرة، وعلى الشخص الواقف وراء صناعتها. التحريات التي أجرتها عناصر الشرطة بعين السبع، وبتنسيق مع شرطة حي مولاي رشيد، قادت بعد ذلك إلى تحديد هوية صانع هذه السيوف المرعبة، حيث انتقلت الشرطة إلى محله وحجزت 23 سيفا من نوع "بوضلعة"، كانت في طريقها إلى الزبناء من المجرمين الذين كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداءات وسرقات بواسطتها. حسب المعطيات الأولى المتوفرة لحد الآن فإن الأثمان التي كان يقررها الصانع لبيع الأسلحة البيضاء تتراوح بين 250 درهما و 450 درهما للسكاكين من الحجم المتوسط، و800 درهم للسيوف كبيرة الحجم، من نوع الساموراي و«بوضلعة» الشهير في الأوساط الشعبية والإجرامية بكل أحياء العاصمة الاقتصادية. الأثمنة المعروضة على زبناء الإجرام، ترتفع أو تنخفض، ارتباطا بأنواع الأكسسوارات المزينة مثل القبضة أو الساتر أو الغمد الذي يصنع من مواد معدنية أو خشبية. تنامي هذا النوع من النشاط التجاري المستغل من طرف العصابات الإجرامية أو الأفراد الراغبين في الاعتداء على المواطنين، أدى إلى تطور ملحوظ في هذا النوع من الجريمة. ففي الفترة المتراوحة بين يناير ودجنبر 2012، عرضت السلطات الأمنية في الدارالبيضاء وباقي مدن المغرب على أنظار وكلاء الملك في المحاكم الابتدائية والاستئنافية 1278 ملفا متعلقا بالضرب والجرح والاعتداء والسرقة باستعمال السلاح الأبيض. نسبة مهمة من هذه الملفات تعلقت باستعمال سيوف إما تقليدية أو مستوردة. وتشير أرقام أمنية حصلت عليها «الأحداث المغربية» من مصادر أمنية، أن عدد ضحايا هذا الاعتداءات تجاوز العشرين شخصا، مع إصابة نحو 245 بجروح متفاوتة الخطورة. فيما أودع زهاء 3121 شخصا السجن، واستفاد 423 شخصًا منهم من المتابعة في حالة سراح.