مرة أخرى وبعد مرور عامين على استفتاء فاتح يوليوز 2011 سيكون من الواجب إدخال تعديلات على دستور المملكة وذلك على ضوء التعقيدات التي ظهرت في الساحة السياسية إثر قرار انسحاب وزراء استقلاليين من حكومة عبد الإله بن كيران ويوم قال شباط ومن معه بأن وزراءهم سيخرجون من الحكومة، كان يغلب على الظن بأن الانسحاب سيكون فعليا وفوريا فإذا بالأيام والليالي تتسارع والوزراء الاستقلاليون مستمرين في مناصبهم إلى أن جاءت اللحظة التي قدم فيها شباط مذكرة إلى جلالة الملك بعد مرور شهر على إعلان الانسحاب. ثم جاءت بعد شهر آخراللحظة التي قدم فيها شباط استقالة الوزراء التابعين له إلى رئيس الحكومة والتي قدمها عبد الإله بن كيران من جهته إلى الملك.وهكذا تتوالى الشهور والوزراء مازالوا في وزاراتهم . إذن، ما الفرق بين أن يكون وزراء في أصحاب شباط ومن معهم قد غادروا الحكومة أو مازالوا في مناصبهم إلى يوم يتم تعديل وزاري يقضي بتعويضهم بوزراء آخرين؟ أصحاب شباط في جريدة العلم اعتبروا أن قرار الانسحاب من الحكومة قد جعل حزبهم ينتقل بسرعة إلى المعارضة رغم أن وزراء استقلاليين مازالوا يمارسون مهامهم في مناصبهم. ومازالوا يقومون بتدبير الملفات التي تدخل في اختصاصاتهم. والمناسبة هنا هي الإضراب الذي شنه أصحاب محطات توزيع الوقود. ففي هذه المناسبة كتبوا في جريدة العلم مقالا ينتقد سوء تدبير الحكومة لهذا الملف مع العلم أن وزيرين استقلاليين مازالا يتحملان في الحكومة الجانب الأهم في ملف إضراب محطات توزيع الوقود. يتعلق الأمر بوزيرالطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري ونزار بركة وزيرالاقتصاد الوطني والمالية. ومن هنا فإن كان هناك سوء تدبير بشأن هذا الملف فالمسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى وزيران استقلاليان سيستمران في ممارسة مهامهما إلى اللحظة التي سيتم فيها التحول من حكومة عبد الإله بن كيران الأولى إلى حكومته الثانية وهذا لم يحصل بعد. وهذا معناه أن كل انتقاد بخصوص احتمال سوء تدبير ملف إضراب محطات توزيع الوقود يجب أن يوجه على اعتبار المسؤولية التي يتحملها وزيران محسوبان على شباط ومن معه. ومن هنا كان على محرر مقال جريدة العلم ألا يتسرع وينتظر أن يمر الإضراب ليعرف ما هي نتائجه، وليتبين بأن نسبة المشاركة كانت جد محدودة، ولم تؤثر إطلاقا على حركة الاقتصاد الوطني. وبالتالي لا يمكن الحديث عن سوء تدبير لهذا الملف. فما الذي جعل محرر جريدة العلم يتسرع في انتقاد سوء تصرف الحكومة بخصوص ملف إضراب محطات توزيع الوقود؟ الجواب هو الرغبة في الانتقال بسرعة من الدفاع عن الحكومة إلى معارضتها. ولهذا اعتبر الزملاء في جريدة العلم أن الإعلان عن قرار الانسحاب من الحكومة يعطيهم الحق في انتقاد الحكومة حتى وإن كان وزراء محسوبون على شباط ومن معه مازالوا يذهبون يوميا إلى مكاتبهم ويحضرون كل أسبوع اجتماعات الوزراء وبالتالي مازالوا مسؤولين يمارسون مهامهم الحكومية بشكل عاد. ومن هنا لا يحق للزملاء في جريدة العلم أن يعتبروا أنفسهم قد خرجوا إلى المعارضة ويحق لهم أن يكتبوا مقالاتهم رغم استمرار وزراء استقلاليين في مهامهم الوزارية. لقد استمرت هذه الأزمة الوزارية أمدا طويلا ولهذا يستحسن إدخال تعديلات على الدستور بخصوص ما يتعلق بمكانة الحكومة في إدارة الدولة، بأن يتم تخصيص فصول لإشكالية إندلاع الأزمات الوزارية وكيفية معالجتها بطريقة تحول دون أن يطول هذا الأمد مع ما لذلك من انعكاسات سلبية على إدارة البلاد.