«دابا بغينا يا فلوسنا.. يا باسبورات ديالنا». خياران لا ثالث لهما، فرضهما أزيد من 90 معتمرا، خلال احتجاجهم أمام مقر وكالة للأسفار. حدث ذلك ظهيرة أول أمس (الإثنين) وسط العاصمة الاقتصادية. إحداهم كانت امرأة عجوز، أضناها الصيام فجلست القرفصاء، كأنما غشيتها الأحزان على تفويت فرصة السفر إلى الديار المقدسة. أما باقي النسوة، فاقتعدن الأرض، يلف وجوههن الوجوم والاندهاش، ويمسكن بأياديهن وصولات الأداء. في ركن داخل بهو الوكالة، جلس رجل في الخمسينات من عمره، يرتدي جبة «بزيوية» في عز الصيف، يجول بعينيه بنظرات حائرة بين العابرين والجالسين في أرجاء الوكالة، كأنما يتأمل الصورة التي رسمها أو نحتها فى ذاكرته عن حلم العمرة الرمضانية. «شفتي هاذ السيد راه فلاح مسكين»، يقول أحدهم مدافعا عن حق الضحايا في استرجاع أموالهم أو جوازات سفرهم، ويضيف «واش هاذ الشي كل عام يتكرر.. فين هي السلطات المغربية؟»، يتساءل بانفعال، ثم شكك والزبد يتطاير من فمه، في رواية وجود مالك الوكالة بالسعودية. حسب الضحايا، فصاحب وكالة الأسفار الحاصلة على اعتماد وكالة أخرى بالسعودية، تسلم مبالغ مالية مهمة من 90 معتمرا، قدرها الضحايا في أزيد من 200 مليون سنتيم، وبعد فشله في تأمين الحصول على التأشيرات اللازمة، عقد اتفاقا مع وكالة أسفار بالرباط، يمتلكها شخص سوري الجنسية، سلمه صاحب الوكالة المغربي، جوازات سفر المعتمرين من أجل الاستفادة من هامش التأشيرات الممنوحة له، لكن تلكؤ السوري في الوفاء بالتزاماته حياله، جعله يفوت على المشتكين فرصة أداء مناسك العمرة حسب المواعيد المقررة سلفا. من جهته، عبر صاحب الوكالة في اتصال هاتفي معه، أنه اتفق مع السوري، على استرجاع جوازات سفر المعتمرين، وتلقى منه ردا مشجعا، كما أكد على انضباط وكالته وعدم إخلالها بالتزاماتها تجاه المعتمرين لسنوات، وأن سجل وكالته نظيف، ولم يسبق له أن واجه أي مشاكل في السابق. وأضاف أنه قام بجميع الترتيبات اللازمة لسفر المعتمرين، بما فيها حجز تذاكر السفر الخاصة، لكن فشل تأمين التأشيرات، عطل العملية ككل. اعتبر صاحب الوكالة أنه بدوره ضحية طرف ثالث، خذله ولم يلتزم بتدبير تأشيرات السفر المتفق عليها، ما جعله ينتظر، مثله مثل باقي المعتمرين، إلى أن وقع استيفاء الأجل القانوني للسفر لأداء مناسك العمرة. تبرير لم يتقبله الزبناء المتضررون، الذين يرون أن لا علاقة تربطهم بأي جهة أخرى غير صاحب وكالة الأسفار المغربي، ب«اعتباره الطرف الوحيد الذي وقع معهم على العقد، والذي يقع على عاتقه إرجاع أموالهم وجوازات سفرهم، أو تمكينهم من السفر إلى الديار المقدسة»، يقول أحدهم، ممسكا ب«بادجات» العمرة المؤجلة. محمد كريم كفال