هذه السنة اختارت الجمعية الأمريكية «أورث داي نيتوورك» الرباط مع خمس عواصم عالمية أخرى للاحتفال بيوم الأرض في ذكراه الأربعين، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يقيم المغرب فيها احتفالات رسمية بيوم الأرض. أطفال يحتفلون بيوم الأرض: تقع مدرسة السلام الحسنية وسط أرقى الأحياء في العاصمة الرباط، للمدرسة تاريخ احتفظت به على مر عدد من السنين فقد دشنت لتعليم عدد من أطفال دور الصفيح، التي كانت تجاور أحياء دار السلام والزفاتي الراقيين، وبعدما تم هدم تلك الدور الصفيحية، لازالت المدرسة تقوم بنفس دورها الأول، ولكن هذه المرة لصالح أطفال يقطعون مسافات طويلة من أحياء صفيحية أخرى لم يصلها الهدم بعد. عبد الله، واحد من الأطفال الذين يقطعون المسافة بين حيه الصفيحي القابع وسط فيلات دار السلام والمدرسة، ويقضي جل وقته في الفصل أو الساحة. في اليوم المخلد للذكرى الأربعينية ليوم الأرض، التي لا تعني الكثير بالنسبة إليه، هب عبد الله من فصله، بعد أن استدعته معلمته مانحة إياه إناء صباغة وفرشاة من أجل تكملة ألوان لوحة تمثل مجسم الكرة الأرضية في ألوانها الطبيعية. لاحظ عبد الله كما هو الحال بالنسبة لمسؤولي المدرسة، التغيير الذي طرأ على قاعات الدرس والساحة التي نظفت أرجاؤها وزينت جنابتها بغرس شجيرات جميلة. لا يحسن عبد الله إمساك فرشاة الألوان، ورغم أن المعلمة تحاول إبقاء تركيزه على المكان المخصص للصباغة، إلا أن الصغير يتجاوز الحيز المسموح به. تؤمن مؤطرة عبد الله بأهمية تعود الأطفال على الصباغة والألوان، ولكن الحصة لن تستمر طويلا، إذ سرعان ما سيلبس عبد الله رفقة أصدقائه قبعة تحمي رأسه من الشمس ليذهب خارج الساحة، حيث سيتعلم كيفية غرس شجرة، يمضي الكثير من الوقت دون أن يتمكن الصغار من انجاز المهمة الجديدة ولكن مساعدة الكبار تنهي المأمورية الصعبة. الرباط عاصمة خضراء: ما كان يقع في مدرسة دار السلام الحسنية، هو العمل المشترك الذي تقوم عدد من المؤسسات والمقاولات والقطاعات الحكومية فقد لبست الرباط زي الخضرة، منذ نهاية الأسبوع الماضي، شوارع وأحياء تكنس بعناية فائقة من قبل عمال النظافة وعدد من الشباب الذين تطوعوا للمساهمة في حملة تنظيف المدينة، وواجهات حائطية تعاد صباغتها، ومشاهد إنبات الخضرة تعم كل الأرجاء وعدد من الكرنفالات تجوب الشوارع الكبرى في العاصمة بمسجمات تحتفي بالبيئة النظيفة وتصور المخاطر المحدقة بالبيئة في المغرب، وورشات التحسيس تعم هي الأخرى كل أحياء المدينة. فالكل له نصيب من المشاركة ومن الاحتفال. اختيار الجمعية الأمريكية «أورث داي نيتوورك» لعاصمة المغرب كأولى المدن المشاركة في الاحتفال، لم يكن بنظر عدد من المتتبعين اعتباطا، فخارج البرنامج المسطر من قبل هذه المنظمة الأمريكية، التي أسست للاحتفال بيوم الأرض منذ سبعينات القرن الماضي، فالرباط مدينة محاطة بحزام اخضر يصل إلى 1063 هكتار، وتتخللها 230 هكتار من المساحة الخضراء، كما تحيط بالمدينة عدة مواقع بيولوجية خاصة غابة المعمورة التي تمتد على مساحة 133 ألف هكتار وتعد أكبر غابة للبلوط الفليني في العالم، والمحمية الطبيعية سيدي بوغابة. الاحتفال بيوم الأرض يقام لأول مرة في المغرب، وتنبع قيمة الاحتفال بحسب عدد من مسؤولي المدينة من كونه خلق دينامية مشاركة واسعة من عدد من المتدخلين المكونين للقطاعات الحكومية والجماعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمصالح الخارجية والمقاولات، والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، عبر تنظيم آلاف الأنشطة متوزعة بين الورشات والندوات وإقامة المعارض. مليار نشاط بيئي عبر العالم برنامج تخليد يوم الأرض في الرباط سيقسم بين ثلاث محطات كبرى، أبرزها أيام المشاركة، التي امتدت على مدار نهاية الأسبوع الماضي، وفيها تمت كل المواطنين في الأحياء والإدارات والمقاولات الى القيام بعمل يحد من تدهور البيئة.الدعوة ليست مقتصرة على المواطنين في المغرب بل تتعداهم الى باقي دول المعمور بتحقيق مليار نشاط اخضر عبر العالم لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وحماية البيئة. يوم الالتزام محطة ثانية تشبه توقيع مواثيق الشرف بالتزام السلطات العمومية والشركات والجمعيات والمواطنين من اجل حماية البيئة كما سيتم إطلاق العديد من المبادرات في مختلف المجالات المتعلقة بالبيئة. من بين أهم الفضاءات التي تم تدشينها في إطار تخليد العاصمة ليوم الأرض «الفضاء الايكولوجي الأوداية» الذي سيمتد على 2800 متر مربع وستقدم فيه الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والشركاء الدوليون نظرة عن المشاريع الايكولوجية في المغرب، في إطار خمس موضوعات أساسية هي التنوع البيولوجي والنفايات والتنقل والمياه والطاقة. ماذا سيتبقى من احتفالات يوم الأرض؟ حتى الآن التزمت كل من كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة ووزارة الفلاحة والصيد البحري وزارة الإسكان، بزرع أكثر من خمسة ملايين شجرة في مواقع منجمية قديمة، وفي مناطق متنوعة في سبع جهات من المغرب. هذا الرقم الكبير، يقع ضمن برنامج ضخم التزمت بتنفيذه العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية، يهدف الى تحقيق غايات الاحتفال بيوم الأرض: برنامج الالتزام وزع حسب اختصاص كل قطاع حكومي: فقد التزمت وزارة الطاقة والمعادن مثلا، بالقيام بحملات تحسيس واسعة من اجل استخدام المصابيح الكهربائية ذات الاستهلاك المنخفض، وتنظيم يوم تحسيسي حول استعمال الطاقة الشمسية الحرارية في القطاع الفندقي بأكادير التي تعرف بأنها منطقة جذب سياحي مهم.