تأخر تعثر منظومة العدالة بالمغرب، لايزال شوكة في حلق الأوروبيين. «السيبيج» أو التقرير الأوروبي السنوي حول وضع العدالة في دول الشراكة مع أوروبا، فرخ هذه المرة لجينة تزور الرباط هذه الأيام، لتسريع ما يمكن تسريعه بخصوص تطبيق المغرب لتوصيات التقرير. لذلك، حل بالمغرب منذ يوم الجمعة الماضي، وفد مكون من خبراء قانونيين أوروبيين يمثلون «اللجنة الأوروبية للعدالة الفعالة»، قصد ملاقاة ممثلين من وزارة العدل المغربية، من أجل التسريع بتنفيذ مطالب الاتحاد الأوروبي حول إصلاح منظومة العدالة المغربية، حسب ما جاء في تقرير التقييم السنوي الخاص بدول الجوار. وتتركز المشاورات الجارية بين الطرفين هذه الأيام على الأجندة الزمنية لإصدار الأحكام وتحسين الخدمات القضائية في ثلاث محاكم كبرى، كقاطرة لهذا المشروع. الشوكة تستمر في الحلق منذ 2009، تاريخ دخول قطاع العدل إلى روزنامة القطاعات التي يساعد الأوروبيون المغاربة على تطويرها أو إصلاحها أو تحديثها. انيكو لاندابور، السفير الأوربي السابق في المغرب والمنتهية ولايته شهر مارس الماضي، لم يختبئ وراء الكلمات وهو يقدم عرضا في آخر لقاءاته الصحفية حول هذا القطاع تحديدا. قال إن أوروبا أعطت المغرب أزيد من مليار درهم منذ 2009 لتحديث وعصرنة وتطوير العدالة المغربية، لكن أوروبا لا تزال غير مقتنعة بما يجري في دهاليز المحاكم المغربية. قال إن الشفافية غير مكتملة، وإن علاقة الإنسان المغربي بعدالته ليست متوازنة. البيان الصحفي الذي أصدرته المفوضية الأوروبية، والذي استبق حلول اللجنة بالرباط، أكد أن ثلاثة محاكم كبرى ستتخذ كنموذج للإسراع بتنفيذ توصيات «السيبيج»، هي محاكم الدارالبيضاء وأكادير وسيدي قاسم. ولأن باب التواصل والتشاور في هذا المجال لم يتوقف منذ ثلاث سنوات، فإن المرتكزات التي ستتمحور حولها الزيارة موجودة وبوفرة. آخرها اللقاء الذي احتضنته الدارالبيضاء في 17 و 18 أبريل الجاري بين مسؤولين من وزارة العدل المغربية والمعهد العالي للقضاء وهيئة المحامين ووكلاء المحاكم، والذي انكب على تحديد الأولويات في ما يخص تطوير الأداء القضائي في المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء. التمرين النموذجي الذي تسعى من خلاله أوروبا لتمرير توصيات «السيبيج» إلى القائمين على العدالة المغربية، يتوفر على كل وسائل هذا التمرير، تقنية كانت أو بشرية. لهذا الغرض تقترح اللجنة على وزارة العدل المغربية ومن خلالها كل المحاكم التي ترغب في تبني هذه الإصلاحات، المساعدة لترسيخ هذه القيم عبر وسائلهما المشتركة بما فيها دورات تدريبية على الشكل التالي: خبير من برنامج إصلاح العدالة الأوروبي سيكون رهن إشارة المحاكم المعنية، ليوم أو يومين أسبوعيا. الهدف هو تبادل وجهات النظر أو تقديم المشورة للموارد البشرية القضائية وغير القضائية العاملة بها. كل هذا المجهود يأتي لتسهيل استخدام وسائل «السيبيج»، تشرح المصادر الأوروبية. أورربا التي غالبا ما تخفي المقاصد الرئيسية من سياساتها الخارجية وراء عناوين كبرى كتوسيع الاهتمام بحقوق الانسان وتقريب العدالة من الانسان، لا تخفي أن تضرر مصالح مستثمريها في المغرب عند عرض ملفات تجمعهم بجهات مغربية على القضاء، هو المحرك الأول للانتقادات الموجهة لمنظومة العدالة في المغرب. جزء يسير من الحق لا يضر إذن، خصوصا إذا كانت توصيات «الوكالة الأوروبية للعدالة الفعالة» عائدة بالنفع على الجميع وفي كلا الاتجاهين. سعيد نافع