“وا الحافظ الله”، نداء متواتر بساحة التبوريدة، ألف جميع الخيالة المولعين بالمشاركة في هذا الطقس الاحتفالي المغربي الأصيل، اعتماده في تحصين تحركاتهم في معمعة السباق،والتي عادة ما تختم بإطلاق زخات بارود من بنادقهم التقليدية. أحد المشاركين في سباق الخيل”التبوريدة” بالموسم الثقافي السنوي لسيدي بوعثمان،المنظم من طرف مصالح البلدية خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 21 أبريل الجاري،لم يسعفه النداء المذكور في لف مشاركته بحبال السلامة، ودرء مخاطر هذه”الهواية”. امتطى الرجل صهوة جواده المطهم بسرج فاخر، ووقف وسط أقرانه مزهوا في لباسه التقليدي، متمنطقا خنجرا فضيا أنيقا، فيما أسلم سلاح مشاركته( البندقية)، لابنه الذي كان يسير ملتصقا بالحصان، للقيام بمهمة الشحن والإعداد بكمية من البارود. على بركة الله شرع الشاب اليافع، في تدخير خزان البندقية ب”الحبة والبارود”، وعيونه ترمق بإعجاب “ركبة”الوالد، وكل أمانيه أن يكبر يوما لممارسة هذه الهواية التي توارتها أفراد أسرته أبا عن جد. بعد أن تأكد الشاب من إنهاء مهمته على أكمل وجه، أشار لوالده بتسلم البندقية استعدادا لجولة جديدة من ” عداك الخيل”،ولسان حاله يدعو بالتوفيق وبمشاركة موفقة للوالد، حين اهتزت الأرض فجأة من تحت أقدامه، وخر الأب والحصان ساقطين على الأرض. لم ينتبه الشاب للدماء التي جللت جسده اليافع، وانصرف كل اهتمامه للاطمئنان على صحة والده، وفرسة السباق التي كانت ترقد على الأرض دون أن تبدي حراكا. تسابق المنظمون والجمهور لاستجلاء حقيقة الأمر،وتحديد مكامن الإصابة بعد أن تأكد لديهم باليقين،أن خزان البندقية المليء بكمية من البارود قد انفجر في وجه الفارس وابنه، حين انقشع الحادث عن إصابة الحصان إصابة قاتلة أودت به مدارك الهلاك، فيما علت جسد الشاب آثار حروق وإصابات،تطلبت نقله إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية. المتتبعون للموسم الثقافي انتبهوا،إلى أن المتسابق المذكور قد تعرض في الموسم المنصرم لحادثة مشابهة، نتج عنها كذلك وفاة حصانه، ما فتح التأويلات والتعاليق على مصراعيهما،حول أسباب هذا النحس المرافق لمشاركة الرجل،والذي جعله يفقد حصانين في موسمين متتاليين،وكاد أن يلحقهما بابنه وفلذة كبده،لولا الألطاف الإلهية، لتتحقق معه فصول الحكمة الشعبية”الشنعة، احسن من ركوب الخيل”. محمد موقس