تندوف تحولت من مشتل للإرهابيين إلى قاعدة خلفية للإرهاب ،و تهدد أمن واستقرار المنطقة كلها. ذلك ما تؤكد التقارير المتواصلة لمراكز الأبحاث الدولية آخرها تقرير «سانتر أوف نافال أناليز» الذي يوجد مقره بألكسندريا بفرجينيا الصادر نهاية شهر دجنبر المنصرم. التقرير دق ناقوس الخطر الذي يشكله اختراق القاعدة لمخيمات تندوف، وقال إنه بشكل تهديدا للأمن بالمنطقة المغاربية و لدول الساحل. والسبب هو التحالف الجديد بين الإنفصاليين المسلحين ومقاتلين ينتمون إلى جماعات إرهابية أحكمت قبضتها على شمال مالي وحولته إلى أفغانستان جديدة. «التحديات الأمنية في ليبيا ومنطقة الساحل» هو عنوان التقرير الذي أكد ملخصه أن هناك «دلائل على اختراق القاعدة لمخيمات تندوف ووصول عشرات العناصر من (البوليساريو) إلى شمال مالي لتقديم الدعم إلى الجماعات الإرهابية بهذا البلد». التقرير أكد أنه «تحت ضغط المعاناة اليومية التي تخضع لها الساكنة المحتجز في مخيمات تندوف أصبح أولئك وخاصة الشبان لقمة سائغة للجماعات الإرهابية»، لذلك يضيف «تعالت أصوات عديدة في واشنطن تدعو إلى «إغلاق» مثل هذه المخيمات التي «أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب الكبير إلى منطقة الساحل». «الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء (…) يواصل عرقلة إقامة تعاون معمق لمكافحة الإرهاب بالمنطقة» . ذلك ما أكده من قبل تقرير الخارجية الأمريكية للسنة المنصرمة. التقرير ذاته أشار أن القاعدة في الغرب الإسلامي هو أول تهديد إرهابي لدول المنطقة المغاربية والساحل والصحراء، مضيفا أنه « يحاول حاليا الاستفادة من الوضع المتوتر بمنطقة الساحل من أجل توسيع عدد حلفائه، وتعزيز موارده وعملياته، وهو ما تأتى له بشكل كبير خلال سنة 2011 بفضل العديد من عمليات احتجاز الرهائن والمطالبة بالفديات». مخيمات تندوف كانت كانت مسرحا لعمليات اختطاف لفائدة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وذهب ضحيتها ثلاثة مواطنين غربيين يشتغلون في منظمات انسانية، وتم إطلاق سراحهم مقابل فدية بملايين اليورو». ليس المنطقة المغاربية الوحيدة المهددة، حسب التقرير، بل أيضا منطقة الساحل والصحراء. بالنسبة للخارجية الأمريكية يمهد التحالف بين الحركات الانفصالية والإرهابية والمتطرفة إلى إدخال منطقة الساحل والصحراء في فوضى لا سابق لها، خصوصا في ظل تنامي خطر التسيب الأمني بهذه المنطقة الحساسة والذي من المحتمل أن يمتد للسواحل المتوسطية. قبل ذلك سبق أن كشف المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب التابع لمعهد بوتوماك الصادر تحت عنوان «الإرهاب في شمال إفريقيا، وفي غرب ووسط إفريقيا: من 11 شتنبر إلى الربيع الديمقراطي» أن «مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو، تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية، ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية، وبالتالي فإن إغلاقها بدأ يكتسي أولوية». يونا ألكسندر الذي أعد التقرير السالف الذكر، أشار إلى أن «التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يحتم على المجتمع الدولي أن يجعل في مقدمة أولوياته الترحيل الدائم لسكان هذه المخيمات وفقا للبروتوكولات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة». وشدد على ضرورة إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء التي تشكل عائقا للأمن بالمنطقة وتحول دون إقامة تعاون اقتصادي حقيقي بالمغرب الكبير ومنطقة الساحل». ما يؤكد علاقة الإنفصاليين بالإرهابيين، حسب التقرير ذاته، هو « سلسلة الاعتقالات التي وقعت السنة الماضية والتي تكشف وجود وجود صلات وثيقة بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وشبكات إجرامية من أمريكا اللاتينية لتنفيذ عمليات واسعة لتهريب المخدرات الصلبة نحو أوروبا عبر منطقة الساحل، وبتواطؤ مع أعضاء جبهة البوليساريو». مجموعة التفكير الأمريكية «كارنيجي إندومنت» حذرت بدورها في تقرير سابق من النشاط الإجرامي المتزايد والتوترات الاجتماعية في مخيمات تندوف التي تشكل بذلك تهديدا آخر على الاستقرار والأمن في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل ككل. حسب التقرير ، فإن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ومافيات الاتجار في المخدرات تتغذى من النزاعات الإقليمية، لذلك دعا إلى «إيجاد حل للنزاع حول الصحراء من خلال تحفيز الأطراف على التفاوض بشأن تسوية تركز على الحاضر والمستقبل بدل البقاء رهن إيديولوجيات موروثة عن الحرب الباردة»، مشيرا إلى أن « مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل أرضية جيدة للتفاوض لحل هذا النزاع الإقليمي». إعداد: أوسي موح لحسن