بعد تعثرالحوارالاجتماعي بين الحكومة والنقابات، بانسحاب المركزيات النقابية من أولى جلساته، بدأت تلوح في الأفق محاولات من جانب الحكومة لإعادة الدفء إلى العلاقة بين الفرقاء الاجتماعيين والجهاز التتنفيذي، فمراسلة رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران مؤخرا، لم يجد فيها الكتاب العامون للنقابات ما يحفز على العودة من جديد إلى طاولة النقاش. «مراسلة عبد الإله بن كيران للنقابات لم تكن واضحة في ما يتعلق بمنهجية الحوار»، يقول مصدر نقابي، ومكمن الغموض بالنسبة للمسؤول النقابي هو أن جدول الأعمال التي جاءت به «يجب أن يكون متفقا عليه مسبقا بين الحكومة و النقابات»، ولهذا السبب فما إن انتهى أعضاء المكتبين التنفيذيين للفيدرالية والكنفدرالية من مضامين المراسلة، حتى وضعوها جانبا وسارعوا إلى تسجيل ملاحظاتهم حول المنهجية في انتظار تحرير رد مشترك في الموضوع سيتم إرساله إلى رئاسة الحكومة في أقرب وقت ممكن. مهمة الرد المشترك، ستتطلب من رفاق عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديموقراطية للشغل، في المكتب المركزي، الانتقال غدا الأربعاء إلى مقر الكنفدرالية الديموقراطية للشغل، حيث سيجمعهم لقاء مشترك مع رفاق الأمس، سيترأسه الكاتبان العامان نوبير الأموي وعبد الرحمان العزوزي، سيتم خلاله «تحديد مطالبنا ذات الأولوية»، يقول المصدر نفسه، دون أن يتردد في التأكيد على أن كل القضايا يجب أن يتم حلها في «إطار مفاوضات ثلاثية». غير أن رفاق العزوزي والأموي، الذين يحرصون كل الحرص على أن تكون المفاوضات ثلاثية، يرون وفقا لتصريحات المصدر النقابي نفسه، أن منهجية الحوار، التي جاءت بهامراسلة رئيس الحكومة «غير ناجعة»، فتشكيل لجنة للقطاع العام وأخرى للقطاع الخاص، مع تحديد القضايا التي ستسند لكل لجنة، يقولون إنها «تقنية متجاوزة ولم تعط أكلها في الجولات السابقة»، فالحل بالنسبة للفيدراليين، كل شيء يجب أن «يمر عبر اللجنة الثلاثية، التي تجمع الحكومة والنقابات والباطرونا». «يجب أن يكون التفاوض الثلاثي هو المنطلق»، يقول المصدر النقابي ذاته، أما إذا تراكمت القضايا على اللجنة الثلاثية واستدعى ذلك تشكيل لجنة فرعية، فإن أمر تشكيلها لا يعود للحكومة وحدها، بل «اللجنة الثلاثية، هي من يجب أن يشكلها بعد التداول في الأمر»، وفقا للمصدر ذاته، الذي لم يخف فعالية تقنية اللجنة الثلاثية في التقدم بالحوار الاجتماعي إلى الأمام. وإذا كان الفيدراليون ورفاقهم في الكنفدرالية الديموقراطية للشغل، منذ اللقاءات التمهيدية للحوار الاجتماعي، التي جمعتهم ببن كيران الشهر الماضي، وهم يشددون على أن يتم الحوار في اطار «تفاوض ثلاثي»، فإن عدم التزام الحكومة بوعدها، جعلهم يغادرون الحوار في أول جلسة له، غير أن إعادة التزام بن كيران في مراسلته الأخيرة بالمفاوضات الثلاثية، أعادت الأمل لرفاق الأموي والعزوزي، في «تنهج الحكومة حوار جادا ومسؤولا».