حركة غير عادية, طرقات مقطوعة في اتجاه لامارينا. نساء ورجال من فئات عمرية مختلفة من أبناء أكادير وزوارها من السياح المغاربة والأجانب. لا وجهة تستهوي الليلة أفضل من الشاطئ الجميل للمدينة، حيث نصبت منصة تستعد لاحتضان سابع دورات حفل التسامح الموسيقي السنوي. هذا الموعد الفني الذي كرس نفسه ضمن أجندة المدينة الاحتفالية والذي يستقطب في كل مرة الآلاف من عشاق الصخب الجميل. الأرقام هنا لاتهم, سواء تجاوزت المائتي ألف,كما يتم الترويج له، أو نقصت عنه أوزادت, لكن المهم أن إقبالا كبيرا على هذا الحفل ولا أحد يتردد ممن أتيحت له فرصة الوجود بالمدينة خلال فترة إقامة التظاهرة من الاستمتاع بلحظات جميلة من الصخب الجميل. لحظات أثثتها مجموعة من الفنانين المغاربة والفرنسيين. وقد استهلت الحفل, الذي لم ينطلق في الموعد المحدد والذي عرف مشاكل كثيرة على المستوى التقني خاصة انقطاع الصوت عن المنشط والفنانين, بإطلالة الشاب خالد الذي أدى أغنية «هادي الحياة», عنوان آخر ألبوم له والتي رددها معه الجمهور الحاضر. بعد ذلك تناوب الفنانون الضيوف على المرور على المنصة في وصلة واحدة حتى يتمكن الجميع من الظهور خلال الأربع ساعات التي خصصت للتظاهرة. استمر الحفل واستمر معه المشكل التقني, خاصة على مستوى انقطاع الصوت والذي أثر كثيرا على مجريات الحفل سواء بالنسبة للمنشطين أو الفنانين. تأثير أثار نرفزة المنشط الفرنسي لقناة «فرانس 2», أوليفيي مين خاصة بعد أن تعذر عليه قراءة البرومبتور وذلك بسسب أشعة الأضواء والتي حجبت عنه الرؤيا، وهو ما اضطر المنظمين إلى إعادة فترات من التقديم مرات ومرات. وهذا الأمر لم يتفهمه الجمهور الذي كان يتابع الحفل. وتساءل الكثيرون عن جدوى هذه الإعادات, ولماذا لم يتم الاكتفاء بتقديم المغنين كما دأبت على ذلك سهرات حفل التسامح منذ سنوات. لكن مبرر الإعادات و الإصرار على تجاوز الخطأ خلال فقرات الحفل, أملاه التصور الجديد الذي اختارت قناة «فرانس 2» التعاطي معه في الحفل. ذلك أن فرانس دو,عكس القناة الفرنسية «إم 6» التي واكبت التسامح منذ انطلاقته, اختارت أن تنتدب مجموعة من منشطيها كي يتولوا عملية تقديم فقرات السهرة على المنصة, عبر تقديم الفنانين المشاركين وأخذ ارتساماتهم بعد أداء وصلاتهم حول مشاركاتهم ضمن التظاهرة وأيضا مناقشتهم حول أهمية التسامح بالنسبة إليهم وماذا تشكل بالنسبة إليهم. وفي هذا السياق فقد أجمع الفنانون الفرنسيون على الدور الذي لعبه المغرب على مر التاريخ ولازال في سبيل إشعاع قيم إنسانية مهمة كالتسامح والقبول بالآخر في زمن عرفت فيه الإنسانية تناطحا وتنافرا أثرا على العلاقات بين الدول والشعوب في العديد من مناطق العالم. وبالمناسبة اعتبر انريكو ماسياس أحد أبرز فناني الحفل أن المغرب يبقى نموذجا في التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين وكعربون محبة للمغاربة وضيوفهم غنى من قديمه ومن ألبومه المنتظر الذي يخلد فيه خمسين سنة من العطاء الفني مع مجموعة من الفنانين، كما اقتسم الخشبة مع مغني الراي الجزائري الشاب خالد في أداء مزدوج نال إعجاب وتصفيق الجمهور الحاضر. الجانب التنظيمي لم يعرف أحداثا تذكر، اللهم بعض الحماسة الزائدة من بعض حراس الأمن الخاصين والذين بالغوا في تفتيش الجمهور، خاصة الذين يلجون إلى المنطقة المقابلة للمنصة. كما أن حركة المرور خاصة بالقرب من مكان الحفل عرفت بعض الازدحام وتعطلت به حركة مرور السيارات. كما أن الراجلين لم يسلموا بدورهم من الولوج إلى المحيط المحاذي للمارينا, وقد اضطر بعض العاملين ببعض المحلات إلى التأخر عن مكان عملهم بعد أن لم تسمح لهم السلطات بالمرور بداعي عدم توفرهم على بادجات خاصة لذلك. وعلى غرار الدورات السابقة, فقد عاد إلى الواجهة موضوع إقصاء الفن المحلي من هذه التظاهرة. إذ عاب الكثير من أبناء أكادير ومنطقة سوس عامة مسألة إقصاء الفنان الأمازيغي من الظهور أمام جمهوره. واعتبر البعض أن قيمة التسماح على شاطئ أكادير كان سيكون لها معنى ومغزى عميقين لو تسامح المشرفون على الدورة مع الفنان الأمازيغي. ورغم ذلك فإن تواجد الفنان الأمازيغي الشاب أحمد سلطان كان العزاء بالنسبة لهؤلاء. سلطان الذي أصبح اليوم المفخرة لأبناء سوس والذي حظي بتشجيع كبير خلال ظهوره على المنصة. كيف لا وهو يستعد مطلع شهر نونبر المقبل لتمثيل المغرب في جوائز «الام تي في أواردز» إحدى أكبر التظاهرات الفنية العالمية التي تكرم كبار الفنانين والمبدعين العالميين. هي دورة تسامح جديدة تسدل الستار على فعالياتها. دورة لها ما لها وعليها ما عليها. غير أن الحركة النشيطة التي شهدتها عاصمة سوس أنعشت جانبها الاقتصادي أساسا عبر التوافد الكبير لأعداد من الجماهير لقضاء نهاية أسبوع بهذه الربوع .