تكون مسألة الإفراط في تدليل الأطفال مرتبطة بعدة عوامل يتداخل فيها الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ولعل أبرزها إكراهات العمل وصعوبات الحصول على سكن التي قد تدفع بعدد من الأزواج إلى ترك أبنائهم إما في بيت الجدين أو في روض الأطفال، وهذا يحيلنا على ظاهرة «أمهات نهاية الأسبوع» اللواتي لا يتمكن من رؤية أبنائهن إلا في عطلة نهاية الأسبوع. عندما يتولى الجدان تربية أحفادهما فإنهما يفرطان في تدليلهما من خلال الهدايا التي يشترونها لهم، وبالتالي فإن الآباء بدورهم سيجدون أنفسهم مضطرين لتوفير كل الأمور التي اعتاد عليها أبناؤهم في بيت الجدين. تجدر الإشارة أيضا إلى المعاملة الخاصة التي يحظى بها عادة الإبن الولد الوحيد بين البنات، أو الطفل الوحيد بصفة عامة، حيث يحرص الوادان على تلبية كل متطلباته بل ويفرطان في تدليله من خلال اقتناء اللعب والملابس والهدايا الباهظة الثمن حتى وإن كانت إمكانياتهما المادية لا تسمح بذلك. في المقابل، نجد أن بعض الأسر الثرية التي ينشغل فيها الولدان بالعمل ولا يخصصان الوقت الكافي لرعاية أبنائهما والاهتمام بهم تحرص على تدليل أبنائها من خلال منحهم المال والهدايا، لأن الأب والأم يعتقدان انهما بهاته الطريقة يعوضان أبناءهما عن عدم حضورهما في حياتهم وعن النقص والحرمان العاطفي الذي يعيشه هؤلاء الأبناء. ويكون لهذا التوجه في الغالب انعكاسات سلبية على الأبناء، لأن «لفشوش» الزائد يجعل الطفل لا يعرف حدود طلباته، ويصنع منه شخصية اتكالية، حيث أنه سيجد صعوبة كبيرة في الاعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية مستقبلا. لهذا يجب على الآباء أن يعوا جيدا أن الإفراط في تدليل الأبناء من خلال تقديم المال والهدايا لن يعوضهم عن العطف والحنان والرعاية الأبوية التي يكونون في حاجة إليها، وأن هذا التوجه يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج سلبية تنعكس على حياة الأبناء ومستقبلهم، حيث قد تكون الأموال الكثيرة التي يحصلون عليها في غياب المواكبة الأبوية سببا في وقوعهم في شرك الإدمان على المخدرات وغيرها من المخاطر التي تتربص بالمراهقين. إعداد: شادية وغزو طبيب ومحلل نفسي