ما إن انتهى رئيس الحكومة من استقبال وفود المركزيات النقابية بمقر رئاسة الحكومة مؤخرا، استعدادا لجولات الحوار الاجتماعي، حتى جمع عبد الإله بن كيران، عددا من وزراء حكومته وشد بهم الرحال يوم الأربعاء الماضي، إلى مقر الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالدار البيضاء، لتوسيع دائرة النقاش مع الباطرونا حول وضعية الاقتصاد الوطني. فجولات الحوار الاجتماعي، التي ستنطلق هذا الأسبوع، ستجعل الوعود التي قطعها ابن كيران على نفسه أمام القيادات النقابية بخصوص تنفيذ مقتضيات اتفاق 26 أبريل على المحك، فارتفاع عجز الميرانية وميزان الأداءات، إضافة إلى تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة، كلها أوراق يرفض قيادي نقابي، «أن يستعملها ابن كيران على حساب حقوق الطبقة العاملة». إلا أن تمسك القيادي النقابي ومعه باقي قيادات النقابات الأكثر تمثيلية بضرورة تنفيذ الحكومة لما تبقى من اتفاق 26 أبريل لا يوازيه من الجانب الحكومي، إلا تجديد الالتزام بتنفيذه، فبعد ابن كيران، لم يتردد الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الاتصال مصطفي الخلفي، بعد انتهاء أشغال المجلس الحكومي الخميس الماضي، في التأكيد على أن الحوار مع النقابات «عكس وعيا جماعيا بالوضع الراهن الذي تعيشه البلاد»، كما جدد بدوره التزام الحكومة بالاتفاق المذكور. غير أن مسؤولي المركزيات النقابية، الذين دقوا ناقوس الخطر منبهين إلى أن «الوضع الاجتماعي يعرف احتقانا كبيرا لم يعد يحتمل أكثر»، كما أكد ذلك الكاتب العام لإحدى المركزيات النقابية المشاركة في الحوار، وإن كانوا لا ينتظرون الكثير على مستوى الزيادة في الأجور، فإنهم يتمسكون بتنفيذ الحكومة للالتزامات غير المادية، ويعضون بالنواجذ على ضرورة تفعيل الاتفافية رقم 87 المتعلقة بحماية العمل النقابي، فحسب المصدر النقابي نفسه، «هذا الحق أصبح يداس على مرأى ومسمع السلطات من قبل بعض الباطرونا». لكن ابن كيران، الذي يوجد بين نارين، نار النقابات التي تتمسك بمطالبها ومستعدة للدفاع عنها بكل الطرق الممكنة وبين نار رجال الأعمال، الذين يريدون الدفاع عن مصالحهم، في ظل وضعية موسومة بالركود نتيجة تداعيات الأزمة على منطقة الأورو، لم يحل ضيفا على الباطرونا خاوي الوفاض، فبعدما طرح رجال الأعمال مطالبهم على الطاولة، اقترح بدروه ما لديه من مقترحات، واهتدى بعدها الطرفان إلى«الاتفاق على تشكيل لجان قطاعية ستكون مهمتها إعداد تصور حول إصلاح منظومة التشغيل والضرائب الإدارة». وإذا كان ابن كيران يخشى غضب النقابات ويحاول امتصاصه بمساعدة الباطرونا، فإن رئيس الحكومة طلب من هذه الأخيرة الوضوح والشفافية وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، وهو ما جعله ينصت جيدا لمطالب رجال الأعمال، والتي تركزت بالأساس، على المتأخرات الضريبية، وتأجيل الأداء بالنسبة للصفقات العمومية، بالإضافة إلى تبسيط المساطر الإدارية. إلا أن المطلب الأساسي، الذي شددت عليه الباطرونا، هو حث الحكومة على الإسراع في إخراج قانون الإضراب، وهي مطالب لقيت تجاوبا من قبل ابن كيران في انتظار الالتقاء في جلسات الحوار الاجتماعي خلال هذا الأسبوع.