على غير العادة لم يشر بلاغ وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة الخاص ببرنامج احتفالات عيد العرش إلى حفل الولاء، الذي تقدم فيه البيعة لجلالة الملك. كما أن الوزارة ذاتها لم تشر بوضوح إلى إلغاء الحفل. حفل الولاء هو واحد من أهم طقوس القصر في المغرب، يتم في اليوم الثاني لعيد العرش ذكرى تولي جلالة الملك الحكم وهو تجمع كبير لممثلي العمالات والأقاليم من سلطة ومنتخبين أمام الملك يقومون فيه بتجديد البيعة في صفوف منظمة ويسبق أداء البيعة النطق جهرا باسم العمالة والإقليم التي تعلن الولاء من جديد. السؤال المطروح في غياب تصريح رسمي هل الأمر يتعلق بتأجيل بسبب طقوس رمضان أم أن الأمر أكبر من ذلك؟ في جميع الأحوال فإن تأجيل أو إلغاء ركن بالغ الأهمية في الطقوس الملكية هو إشارة يجب التقاطها وتحليلها على ضوء النقاش المطروح حول هذا الطقس، وإن كان هذا النقاش لا يرقى إلى مستوى الأهمية لدى فئات عريضة من الشعب المغربي. في نفس الوقت، فإن للعهد الجديد سابقة في إلغاء الأغاني التي كانت تمجد الملك وتمدح أعماله والتي كانت تذاع على شاشة التلفزيون وأمواج الإذاعة طيلة ثلاثة أيام التي تصادف عيد العرش. آخر تكريس لهذا التميز في ملكية تتطور باستمرار وتتفاعل مع التغيرات التي تعرفها البلاد هو الدستور الجديد الذي حذف أهم مفهوم كانت تقوم عليه الملكية في عهد الحسن الثاني وهو المفهوم الذي رفعها مرتبة كبيرة وجعل من الملك شخصا مقدسا، إن حذف القداسة عن شخص الملك من الدستور الجديد هو تطور كبير في حد ذاته لما يترتب عنه من نتائج تهم العملية السياسية في البلاد خاصة فيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن الملك والتي لم تعد صادرة -مع الدستور الحالي- عن شخص مقدس وإنما عن رئيس دولة يمارس مهامه بتنسيق مع الحكومة بشكل عادي. كل هذا مؤشر على أن الملكية في المغرب ليست جامدة، بل متحركة متطورة تؤثر وتتأثر بمجريات الأحداث التي تعرفها البلاد وتخطو بتؤدة نحو ترسيخ قيم الديموقراطية، وهذا يعني أن حذف بروتوكول أو طقس من طقوسها لبث رسائل إيجابية لا يمس من قيمتها، بل يزكي المسار الديموقراطي الذي اختارته البلاد من أجل مزيد من الاستقرار السياسي والاقتصادي وتحسين مستوى الحياة في المملكة، بتطوير أساليب الحكم وتدبير شؤون المواطنين.