الأخضر يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    توقيف "بطل" فيديو "السياقة الاستعراضية" بطنجة    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    إيقاف فرنسي من أصل جزائري بمراكش كان مطلوبا في جرائم عصابات في بلاده    توقيف خمسة في الدار البيضاء بعد أعمال عنف بين فصائل مشجعين    اعتقال ثلاثة في إنزكان في قضية ترويج حبوب "دردك"    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تتعهد بتتبع وضعيات الأسواق في رمضان    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    ولد الرشيد: فرنسا تظهر الفهم العميق لحقيقة الوضع في الصحراء المغربية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور الصحراء المغربية "لتجسيد موقف" باريس الجديد    لارشي يثمن التنمية في الصحراء    لارشي يؤكد رغبة فرنسا في تعزيز الحضور القنصلي بالصحراء المغربية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه يحل بالعيون بالصحراء المغربية    أوكرانيا.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء الحرب    استمرار الأجواء الباردة في توقعات طقس الثلاثاء    طنجة تحت النيران: أسبوعٌ من الحرائق المتتالية يثير الرعب!    طلبة المدرسة العليا للتربية والتكوين يوجهون رسالة إلى مدير المؤسسة ومدير الشؤون البيداغوجية    البواري يستقبل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية في الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    صحيفة أمريكية تنسب لقيادي من حماس انتقاده لهجوم 7 أكتوبر والحركة تنفي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية تثير استغراب نقابات الصيادلة    رئيس الحكومة يتباحث مع "ديون"    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    الاتحاد الأوروبي يعلق عقوبات على سوريا    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    الصحراء في المخططات الإرهابية.. بين « تنظيم الدولة » و « دولة التنظيم »!    العداؤون المغاربة يتألقون في ماراثون اشبيلية    الطالب الباحث مصطفى المحوتي يناقش رسالة الماستر حول البعد التنموي لقوانين المالية بالمغرب    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    فرنسا تدين استهداف قنصلية روسيا    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. فؤاد بوعلي: التصريح الحكومي والسؤال اللغوي
نشر في أكورا بريس يوم 24 - 01 - 2012


بقلم: د.فؤاد بوعلي
مؤشرات كثيرة تدعو إلى التفاؤل في مستقبل المسألة اللغوية بالمغرب الحديث. فقد اعتاد الباحثون والسياسيون المتصدون للسؤال اللغوي التباكي على أطلال اللغة الرسمية والتذكير بأمجادها ودورها في اللحمة الوطنية، وفي أحسن الأحوال البحث في عناصرها الوظيفية التي تجعل منها لغة العلم والحداثة. وتوالت على إدارة الشأن التربوي والإعلامي نخب فاقدة لبوصلة الانتماء الوطني ومعبرة بصدق عن الانسلاخ التغريبي، فبثت الفوضى في أركان المدرسة المغربية حتى غدا الخريج لا يتقن أي لغة من لغاته الوطنية أو الأجنبية، وتطور الأمر إلى حروب لغوية بين اللغات المختلفة دارت رحاها في الإعلام وساحات المدرسة والشأن العام. وامتلك دفة القرار السياسي لعقود من حارب طوال سنوات من أجل إلحاق المغرب مجتمعا ودولة بالإطار الفرنكفوني عبر مسار لا يتوقف عند اللغة بل يتجاوزه إلى صناعة النخبة وبناء اقتصاد تخارجي ومنظومة قيمية مغايرة. وحتى عندما تسند الأمور لبعض المؤمنين بهويتهم الوطنية يتيهون في تسيير اليومي ولا يجرؤون على المغامرة بالتغيير. لكن هل وصل أوان التغيير الحقيقي؟
قد تبدو الفرصة مواتية للقيام بثورة لغوية هادئة تؤمن للمغاربة الحفاظ على هويتهم والتعدد في إطار الاستقرار والانتماء الإقليمي. وللأمل والتفاؤل أسباب عديدة:
أولا أتاح صعود أحزاب القطب الهوياتي في دول الربيع العربي الحديث عن الانتماء والعمق العربيين للأمة. فعندما كنا نردد مع القائلين بأن اللغة لا تقوم إلا بالأمة، أتت ثورات ساحات التحرير والتغيير لتؤكد على الروابط الوجدانية والشعورية بين أبناء الوطن العربي الواحد وتثبت عودة المشترك من خلال الهوية الموحدة الجامعة.
ثانيا لأول مرة في تاريخ المغرب يمكن الحديث عن حكومة خارجة من رحم الشعب ومرتبطة به فكرا ومسلكا. فبعد ردح تداولت النخبة بأعيانها وعائلاتها على التحكم في دواليب الشأن السياسي للمغاربة وفرض القرارات دون استشارتهم، قدر لهم أخيرا أن يروا نتائج تصويتهم عيانا وينتخبوا أناسا منهم فكرا وتصورا وانتماء. وهذا عنصر قوة يمكن رجال الحكومة الحالية من الجرأة في طرح كل القضايا مادام غالبية المغاربة مقتنعين بوجودها وإن اختلفوا في مساحة المتاح لها.
ثالثا أتاح النقاش الذي ساد في المغرب إبان التعديل الدستوري حركية مجتمعية نادرة يمكن الاستفادة منها في جعل المجتمع جزءا من الحل للقضايا المرتبطة به بدل فرض القرارات الفوقية التي تعب منها المغاربة والتي تدار في علب مغلقة. ولعل انفتاح أعضاء الحكومة على الإعلام والمواطنين مؤشر على التغير المسلكي المرغوب إذا كان في إطار من الصراحة والتواصل الدائمين.
فبعيدا عن منطق التحريض الذي تنتهجه الكتائب التي فاتها قطار التغيير والتي تخشى على مصالحها الفئوية، يمكن للمتابع أن يلحظ في التصريح الحكومي الذي قدمه السيد بنكيران أمام ممثلي الأمة مواصفات سياسة لغوية راشدة تؤسس لنقاش حقيقي بعيد عن المزايدات الإيديولوجية والأجندات الخارجية. ويمكن تلخيص معالم هذه السياسة المندمجة في العناصر التالية:
على المستوى اللغوي: استرشادا بالنص الدستوري الذي أشار إلى أن “العربية (ستظل) اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها…”، التزمت الحكومة بتطوير وتنمية استعمال اللغة العربية وإصدار قانون خاص بها. وتفعيلا لمقتضيات الدستور المغربي الجديد، ستعمل على تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدماجها في الحياة العامة والتعليم، والانفتاح على اللغات الأجنبية . وهذا لن يتم إلا وفق رؤية وظيفية تحدد مجالات التداول اللغوي بين اللغات الوطنية والوافدة.
على المستوى المؤسساتي: تلتزم الرؤية اللغوية للحكومة بإخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية إلى الوجود وتمكينها من شروط الاشتغال المادية والقانونية تطبيقا للمرسوم الملكي الشريف ولمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين القاضية بإحداثها، وللنصوص التشريعية الواردة في هذا الإطار. كما يفترض البرنامج تعزيز دور المعهد الملكي للغة الأمازيغية وإعادة النظر في قانونه التأسيسي بما يتلاءم والرؤية الشمولية للسياسة اللغوية، التي من المفروض أن يقوم المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية بضبطها وخلق الانسجام المجتمعي والتوزيع الوظيفي للغات المختلفة.
على المستوى الثقافي: التزمت الحكومة بتنزيل النص الدستوري الداعي إلى الاهتمام بالتعبيرات الثقافية الوطنية المختلفة باعتبارها جزءا مكونا للهوية المغربية المشتركة.
تؤشر هذه العناصر الملمحية الأولى على رغبة لدى سادة القرار الجدد القيام بحل شمولي للقضية اللغوية من خلال الحسم في النقاش اللغوي بعيدا عن تسويفات الحكومات السابقة وضعفها التدبيري، وتجاوزا لكل أدلجة للنقاش اللغوي. ويفترض هذا الحل أن تكون المقاربة مستحضرة لأبعاد السياسة اللغوية كما تداولتها التجارب العالمية التي أطرت تجاربها بمبادئ استرشادية أساسية: السيادة الثقافية والسياسية للدولة، والحفاظ على التنوع والتعدد اللغويين، وعلاقة اللغة بالتنمية الاقتصادية والمعرفية. وإذا أضفنا لهذه العناصر العمق العقدي للمجتمع المغربي وانتماءه الحضاري نكون آنئذ أمام صورة لغوية أقرب إلى التنزيل والأجرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.