موجة حر متعبة للعباد، تضرب البلاد، وحرارة الشمس كأنها لسان نيران يلتهم ما تبقى من صحة المواطن المنهك. مواطن اليوم، بين سندان الضغوطات الحياتية ومطرقة تقلبات الجو، أصبح أشبه بظل باهت لا يملك من حوله إلا الهواء. كل ذلك بسبب ضغوطات الحياة المعاصرة والغلاء، وصعوبة العيش، وأجواء العمل المرهقة، والأسر المتوترة، كلها عوامل تشكل عبئا ثقيلا على كاهل المواطن، تضعف من صحته البدنية والنفسية، وتجعله عرضة لأي هبة من هبات الطبيعة. موجة حر يكتوي بنارها المياومون وعمال المهام الصعبة المقرونة برفع الأثقال وقضاء الساعات الطوال تحت الشمس ولا خيار سوى الصبر، فلا مهية بدون عمل مهما قست ظروف الجو. ما يزيد الطين بلة خطر سوء التغذية المرتبط بفساد بالأسواق، ومواد كيميائية تغرق الخضر والفواكه. كما الصناعة الغذائية تلهث وراء الربح السريع على حساب الصحة العامة. فكيف لمواطن يقتات على "الطاكوس" وإخوته من الوجبات السريعة التحضير أن يواجه تقلبات الطقس القاسية؟ وكأن القدر لم يكتف بما يعانيه المواطن، فيرسل له موجة حر تلهب الأرض. مواطن يعاني من نقص المناعة، وضعف في القلب، وأمراض مزمنة، يصبح فريسة سهلة لتقلبات الجو وأشعة الشمس الحارقة. حتى ملابس العيد، تلك الفرحة البسيطة التي ينتظرها الكبار والصغار، أصبحت مهددة بفعل غلاء الأسعار الفاحش. فهل يترك تحدي توفير لقمة العيش متسعا للتفكير في شراء ملابس جديدة؟ وكأن الأزمات لا تكفي، فكثرة المناسبات تضاعف من ثقل المصاريف، وترهق الميزانيات المنهكة، وتؤدي إلى الارتماء في أحضان القروض دون تردد، فكيف لشخص يعاني من ضائقة مالية أن يشارك في طقوس كل مناسبة مجتمعية فرضتها أجواء المفاخرة، وفي ذلك يتنافس المتنافسون، أو كما يقولون تظهر قرون خروف العيد في آخر "زلافة" من "الحريرة". كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من الحياة معاناة حقيقية، وأنفاسا صعبة تحت الضغط المستمر. فكيف لمواطن يعيش في مثل هذه الظروف أن يواجه تقلبات الجو المباغثة؟ إنها نشرة إنذارية من الدرجة الأولى للأحزاب التي تعهدت بتنزيل الحماية الاجتماعية، ولكل من يساهم في تدهور صحة المواطنين البدنية والنفسية، ولكل المهتمين بالأسرة المغربية. فهل من مجيب؟