يفخر المغرب بانخراط فئات واسعة من أبنائه وبناته، في عملية الخدمة العسكرية، التي تستقطب كفاءات شابة تسعى لتلقي تدريب مهني يفتح أمامها آفاقا واسعة لخدمة الوطن في كافة المجالات. إذ تشكل تأدية هذا الواجب الوطني مرحلة هامة في حياة العديد من الشباب، ذكورا وإناثا، غايتها تلقين مبادئ المواطنة النبيلة وبذر روح المسؤولية إزاء الوطن، من خلال تأهيل عسكري يقوي الاعتماد على النفس. "نأدي الواجب الوطني ونوسع آفاقي المعرفية"، هذه التجربة الإنسانية الفريدة على مستويات عدة، والتي يعنى بها الأشخاص البالغون ما بين 19 و25 سنة، مع إمكانية استدعاء الأشخاص البالغين أكثر من 25 سنة والذين استفادوا من الإعفاء لأداء الخدمة العسكرية إلى حين بلوغهم 40 سنة إذا زال سبب إعفائهم، تهدف إلى إذكاء روح الانضباط في صفوف الشباب المنخرطين. هذه السنة، وابتداء من يوم 16 ماي الجاري، سيتم الشروع، وفق بلاغ لوزير الداخلية، في عملية انتقاء وإدماج المجندين للخدمة العسكرية، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، المتعلقة باتخاذ التدابير اللازمة لإدماج الفوج المقبل للمجندات والمجندين في الخدمة العسكرية برسم 2022. وكان جلالة الملك قد أكد في خطاب أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، أن الخدمة العسكرية " تقوي روح الانتماء للوطن، كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام". وشدد جلالة الملك على أن "جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، وذلك بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية". فعلى مدى 12 شهرا، المدة التي تستغرقها الخدمة العسكرية، يتلقى المجند خلال الأشهر الأربعة الأولى تكوينا أساسيا عاما وتكوينا عسكريا. وخلال الأشهر الثمانية الموالية، يتلقى تكوينا متخصصا لتطوير كفاءاته المهنية. ويستعرض دليل الأشخاص المدعوين للخدمة العسكرية على الموقع الخاص بالإحصاء المتعلق بالخدمة العسكرية، القيمة المضافة التي تمنحها هذه الخدمة، إذ تسمح للمجند بتلقي دروس وتجارب هامة. وتتوج التداريب التي توفرها هذه الخدمة، إلى جانب التكوين المهني المتميز ومتعدد الاختصاصات المتوفرة لدى وحدات القوات المسلحة الملكية، مسار المجند بشهادات مهنية تفتح آفاقا مهنية واعدة في مختلف المجالات، وتمكنه من اكتساب خبرات جديدة. وتبرز الوثيقة أن عملية الإحصاء تجرى كل سنة ولمدة ستين (60) يوما. ويعلن عن تاريخ بداية ونهاية مدة عملية الإحصاء بموجب مقرر لوزير الداخلية يتم تبليغ مضمونه إلى علم العموم، ليتم بعد ذلك استخراج أسماء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لأداء الخدمة العسكرية انطلاقا من قاعدة البيانات الموضوعة رهن إشارة وزارة الداخلية، بناء على معايير موضوعية تشرف على وضعها لجنة مركزية. وفي المرحلة، الموالية، تتولى السلطات الإدارية المحلية دعوة الأشخاص الذين سيستدعون لأداء الخدمة العسكرية إلى ملء الاستمارة الخاصة بهذه الخدمة، من خلال التسجيل في الموقع الإلكتروني المخصص لها www.tajnid.ma. لتتم، بعد ذلك، دعوة الأشخاص المعنيين بواسطة إشعار مكتوب تسلمه السلطة الإدارية المحلية، مقابل وصل. وفضلا عن تطوير القدرات المعرفية والمهنية للمجندين، تمنح الخدمة العسكرية، وفق الموقع الخاص بهذه الخدمة، امتيازات عديدة للمجندين، تشمل الاستفادة من أجرة وتغطية صحية وتأمين. وتلقى الخدمة العسكرية إقبالا مهما ونوعيا من لدن الشباب، خاصة فئة الإناث، كما تشير إلى ذلك المعطيات الصادرة عن عملية الإحصاء المتعلق بالخدمة العسكرية برسم السنة الجارية، والتي جرت في الفترة الممتدة من 13 دجنبر 2021 إلى 10 فبراير 2022. إذ أن عدد الشباب الذين استكملوا إجراءات الإحصاء المتعلق بالخدمة العسكرية برسم سنة 2022، بلغ ال178 ألفا و166، مقابل 133 ألفا و820 سنة 2019. عملية الإحصاء هذه، جرت تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وحسب الأرقام ذاتها، التي كان قد كشف عنها، في فبراير الماضي، ممثل وزير الداخلية باللجنة المركزية للإحصاء الخاص بالخدمة العسكرية، حسن أغماري، فإن عدد الشابات اللائي تطوعن للخدمة العسكرية بلغ 29 ألفا و13 شابة أي بنسبة تفوق 16 بالمائة من مجموع الشباب الذين تم إحصاؤهم، مقابل 13 ألفا و614 سنة 2019، وهي نسبة مثلت آنذاك 10.17 بالمائة، وهي الأرقام التي تظهر جليا أن نساء المستقبل يتحلين بروح المواطنة وحس المسؤولية ذاتهما، أسوة بأقرانهن من الفتيان. ويظل الانخراط في الخدمة العسكرية مبادرة تجسد روح المسؤولية والمواطنة الحقة التي يتحلى بها الشباب المغربي، هم رجال ونساء مستقبل هذا الوطن، خدمة لأهداف نبيلة، تقوم على ترسيخ قيم المواطنة وإذكاء روح الانتماء للوطن والذود عن مصالحه العليا.