دكار – جرى يوم أمس السبت بالعاصمة السنغاليةدكار، حفل تقديم كتاب "قدم الصدق في إظهار الحق" الصادر مؤخرا، والذي يتناول علاقة الشيخ إبراهيم نياس بالمملكة المغربية للأستاذ بابكر عمر نيانغ. وجرى حفل تقديم الكتاب بجامعة أنتا ديوب (UCAD2) بحضور العديد من الشخصيات الدينية من بينها على الخصوص الشيخ عبد الأحد الشيخ امباكي مستشار رئيس جمهورية السنغال ماكي سال، والشيخ تيجان عبد العزيز سي الأمين رئيس الإطار الوحدوي للإسلام في السنغال (CUDIS) والشيخ محمد الماحي علي سيسي الناطق الرسمي باسم الخليفة العام للفيضة التيجانية الإبراهيمية الشيخ محمد الماحي إبراهيم نياس، وممثل عن السفارة المغربية بدكار. ويتناول الكتاب الصادر باللغة العربية لمؤلفه الأستاذ بابكر عمر نيانغ، تاريخ الشيخ إبراهيم نياس وعلاقته بالمملكة المغربية عرشا وحكومة وشعبا. ويقول الكاتب في مقدمته إنه يسعى للكشف عن "أصناف التعاون وعمق الجذور المشتركة في الأصل والدين واللغة، سعيا لتوثيق صفحات تاريخ توطدت فيها عرى التواصل وتفتحت فيها آفاق مستقبل تستند على الوحدة والثوابت الدينية المتمثلة في الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية ومنهج التصوف". وأبرزت مختلف الكلمات التي ألقيت خلال هذا اللقاء، أهمية هذا الكتاب الذي يوثق ويكرس الروابط القائمة بين الشيخ إبراهيم نياس والمملكة المغربية، مذكرة بالعلاقات العريقة والتاريخية بين الطرق الدينية في السنغال والملوك المغاربة. وفي كلمته هنأ محمد الماحي علي سيسي الناطق الرسمي باسم الخليفة العام للفيضة التيجانية الإبراهيمية الشيخ محمد الماحي إبراهيم نياس، المؤلف على هذا العمل، الذي جاء ثمرة جهد كبير بذله من أجل تجميع المعلومات ودراسة الوثائق والمخطوطات، لإعداد هذا الكتاب الذي يثري خزانة الحضرة التيجانية. وسلط المتحدث الضوء على العلاقات الروحية بين السنغال والمملكة المغربية والتي تعود إلى قرون خلت، مؤكدا أن هذا الكتاب يقدم "تأملات عميقة" في العلاقة بين الشيخ إبراهيم نياس والعرش العلوي المجيد. ويشيد المؤلف في هذا الكتاب بشكل خاص بنضال جلالة المغفور له الملك محمد الخامس من أجل استقلال بلاده، مشيرا إلى أن هذه المعركة توجت بالنجاح، لأنها "ارتكزت بشكل خاص على العلم". واستحضر الشيخ محمد الماحي علي سيسي المكانة التي يحظى بها المغرب لدى العلماء السنغاليين وكون العديد منهم درسوا وتكونوا في المملكة ويساهمون حاليا في إشعاع الإسلام في إفريقيا والعالم، مؤكدا أن المغرب يشكل للسنغاليين والأسرة الدينية "رمز الدين". وأضاف أن هذه العلاقات لعبت أيضا دورا كبيرا في تعميق الروابط القوية التي نسجها المغرب عبر التاريخ مع سائر دول القارة الإفريقية في كافة مجالات الحياة خاصة في المجال الديني ولكن أيضا من الناحية الثقافية والاجتماعية والعلمية. وفي كلمته بالمناسبة ذكر السيد محفوظ عبد الرحمان مستشار الشؤون الدينية بسفارة المغرب بدكار، أن الظروف الوبائية الاستثنائية التي فرضتها الجائحة حالت دون حضور وفد رسمي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كما كان متوقعا للمشاركة في هذا الحدث. وتقدم بالشكر والثناء للشيخ بابكر عمر نيانغ على هذا العمل الذي يوثق للعلاقات الروحية العميقة للشيخ الأكبر إبراهيم نياس مع سلاطين وملوك الدوحة العلوية الشريفة، المملكة المغربية، ومع أهل العلم والصلاح فيها. وقال إن هذا الكتاب يوثق للثوابت في هذه العلاقات المتميزة التي أساسها الوفاء والولاء، وحفظ العهد كما يؤسس لما توليه إمارة المؤمنين في المملكة المغربية من فائق عناية وتقدير واحترام للعلم والعلماء وأهل الفضل والصلاح في دولة السنغال. وأضاف أن الكتاب يكرس ثوابت العلاقات التاريخية القائمة بين البلدين والشعبين، مجددا التأكيد بهذه المناسبة على عزم المغرب تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، على المضي قدما في تعزيز وترسيخ هذه العلاقات الأخوية بين المملكة المغربية والجمهورية السنغالية. ومن جانبه ذكر المؤلف بابكر نيانغ، أن فكرة تأليف الكتاب جاءت أثناء ندوة أقيمت بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة بالرباط في إطار الأنشطة الثقافية المنظمة موازاة مع الدروس الحسنية الرمضانية سنة1440ه/2019 . وقال إنه خلال إحدى الجلسات طرحت سيدة سؤالا حول علاقة الشيخ إبراهيم نياس بالعرش العلوي، مشيرا الى أنه منذ تلك اللحظة جاءت فكرة البحث والاطلاع على المتوفر من الوثائق الشخصية للشيخ نياس ومقابلة شخصيات على صلة بالملف، والتوجه لفرنسا لجمع ما تفرق من وثائق خاصة في مركز الوثائق الديبلوماسية ثم تحليل وتوثيق المسار في كتاب. ويشمل الكتاب ذي الستة فصول، إهداء من خليفة صاحب الفيضة التيجانية الشيخ أحمد التيجاني إبراهيم نياس وتقديما من الأستاذ إبراهيم أحمد نيانغ أول إفريقي من جنوب الصحراء حصل على الإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس سنة 1967. ويتناول الفصل الأول تاريخ أسرة الشيخ إبراهيم نياس التي تعود أصولها الى الجد العربي محمد الرضى الأكبر، القادم من المغرب العربي الكبير اتفاقا ومن المملكة المغربية على القول الأرجح، ثم عن أول اتصال لأسرة الشيخ نياس بالمملكة المغربية عن طريق الحاج عبد الله الكبير في عام 1910. ويرصد الفصل الثاني المسيرة الخالدة مع المغرب والوشائج الأخوية والروحية التي تجلت مظاهرها منذ رحلة الحج الأولى للشيخ إبراهيم ومراسلاته مع العلماء وبشكل خاص مع الشيخ أحمد سكيرج العياشي الأنصاري. أما الفصل الثالث فيتطرق لمتابعة بعض أسفار إبراهيم نياس من قرار سفره للمغرب سنة 1944 في وقت تزامن فيه انطلاق المظاهرات في ربوع المغرب ضد المستعمر الفرنسي وما رافق من تعنت المستعمر في استخراح تصريح سفر له. ثم رحلة حجه الرابعة. وتناول الفصل الرابع قصائد ومراسلات للشيخ، فيما تطرف الفصل الخامس لمجموعة تقارير في وثائق الخارجية الفرنسية منع تداولها في فترة من الفترات. وتطرق الكتاب في فصله السادس لزيارات جلالة الملك محمد السادس للسنغال عام 2001 و2004 و2016 وما شكلته تلك الزيارات من بعد لدى أسرة الشيخ إبراهيم نياس. كما يسلط الضوء على أهم مواقف المملكة المغربية تجاه أسرة الشيخ إبراهيم نياس ويقدم نبذة عامة عن الدور الذي تقوم به مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.