يعد النهوض بالاستثمار وتحفيزه عبر صندوق الاستثمار الاستراتيجي، ركيزة أساسية لإنجاح إنعاش مستدام وشامل طال انتظاره من طرف الفاعلين الاقتصاديين بعد الأزمة المرتبطة بوباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). ويخصص هذا الصندوق الذي أطلق عليه جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه يوم الجمعة المنصرم إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، "صندوق محمد السادس للاستثمار"، لتمويل أوراش البنية التحتية الكبرى وتعزيز رأسمال المقاولات بما يمكنها من تطوير أنشطتها ومن ثم الحفاظ على فرص الشغل وتوفيرها. وتعتبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص جوهر هذا الصندوق الذي سترصد له 15 مليار درهم من ميزانية الدولة. وأكد جلالة الملك بهذا الخصوص أن تخصيص هذه الاعتمادات "يشكل حافزا للشركاء المغاربة والدوليين، لمواكبة تدخلاته، والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الإنعاش، وتوسيع أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي". ولتوفير الظروف الملائمة لقيام هذا الصندوق بمهامه، على الوجه الأمثل، وجه جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية بأن يتم تخويل الصندوق الشخصية المعنوية، وتمكينه من هيآت التدبير الملائمة، وأن يكون نموذجا من حيث الحكامة والنجاعة والشفافية. وتشمل تدخلات الصندوق مجالات متنوعة و ذات الأولوية على رأسها، إعادة هيكلة الصناعة، والابتكار والقطاعات الواعدة، والمقاولات الصغرى والمتوسطة، والبنيات التحتية، والفلاحة والسياحة. وفي ما يخص الفلاحة على سبيل المثال، ينتظر بذل مجهودات كبيرة في ما يتعلق بالاستثمار الفلاحي في إطار الاستراتيجية الجديدة "الجيل الأخضر 2020 – 2030" التي تضم مشاريع ضخمة في مجالات الفلاحة والصناعات الزراعية. وينتظر قطاع السياحة الذي يعد أحد القطاعات الأكثر تضررا من أزمة كوفيد-19، أي بريق أمل لإعادة تدوير عجلة القطاع وتعويض الخسائر المتكبدة خلال الأزمة الصحية، ما من شأنه إنعاش مجموعة من المهن المرتبطة بالنشاط السياحي، ومنها على الخصوص، الفنادق والمطاعم والنقل السياحي. ومن أجل تدبير هذا التنوع بشكل جيد، سيرتكز "صندوق محمد السادس للاستثمار" في تدخلاته على صناديق قطاعية متخصصة، تابعة له، حسب المجالات ذات الأولوية، التي تقتضيها كل مرحلة، وحسب حاجيات كل قطاع. وبهذا الخصوص، أكد السيد المهدي الفقير، الخبير الاقتصادي المتخصص في تقييم السياسات العمومية، أن "صندوق محمد السادس للاستثمار" يرتكز على "نموذج حكامة جماعية، قائم على الأداء النوعي، وموجه نحو أهداف ونتائج قادرة على إعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني، وعلى تعزيز خلق فرص شغل، مع الحفاظ على مصادر الدخل". وحسب الخبير الاقتصادي، فإنه من المهم أن يكون هذا الصندوق السيادي قادرا على القيام بدوره الابتكاري بشكل كامل، وذلك من أجل العمل على إحداث تحول بشأن مختلف البنيات المجتمعية والاقتصادية الإنتاجية، لمواكبة عملية تنفيذ النموذج التنموي الجديد المندمج الذي يمكن من خلق قيمة مضافة، وتحقيق جميع شروط التنمية المستدامة. من جانبه، أكد السيد زكرياء ملياني، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن إحداث هذا الصندوق الاستراتيجي، سيكون له وقع إيجابي ملموس على الاقتصاد الوطني، لا سيما في ما يتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص على المستويين المحلي والدولي، في القطاعات ذات الأولوية كالفلاحة والسياحة والبنيات التحتية والابتكار والصناعة. وأبرز الأستاذ الجامعي أن صندوق محمد السادس للاستثمار سيكون نموذجا اقتصاديا ذا جودة عالية وعلامة مميزة للاقتصاد الوطني، مضيفا أن إحداثه يندرج في سياق المبادرات الرامية إلى إنعاش الاقتصاد الوطني، وخلق وحماية مناصب الشغل التي تأثرت بفعل الأزمة الصحية لكوفيد-19. ومما لا شك فيه، فإن "صندوق محمد السادس للاستثمار" سيعطي دفعة قوية للنمو الاقتصادي، للانطلاق مرة أخرى على أسس متينة، وبناء مستقبل مزدهر وواعد بالنسبة للمقاولات بشكل عام، وبالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، والمقاولين الذاتيين بشكل خاص.