يبدو أن قضية إغلاق قطاعات كبيرة تابعة للحكومة الفيدرالية الأمريكية مات زال إلى غاية نهاية هذا الأسبوع بعيدة عن الحل، لاسيما أن مواقف الرئيس دونالد ترامب وقادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس لا تشي بأي استعداد للاتفاق على تسوية حول الجدار الذي يعتزم ترامب بناءه على الحدود مع المكسيك. ولدى مغادرته إلى العراق، حيث زار القوات الأمريكية المرابطة هناك، أخبر ترامب الصحفيين أنه لن يقدم أي تنازل ما لم يحصل من الكونغرس على الأموال الضرورية لبناء الجدار، وهو الوعد الذي قطعه إبان حملته الانتخابية ويسعى بإصرار الى تحقيقه ليقينه بأن قضية أمن الحدود تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لقاعدته الانتخابية “المحافظة جدا”. وقال ترامب “من الضروري التوفر على جدار حماية الحدود أمر حيوي وغير قابل للتفاوض”. يشار إلى أن إغلاق قطاعات حكومية فيدرالية بأكملها، بدأ يوم السبت الماضي عندما تعذر تجديد ميزانيات التسيير لما لا يقل عن تسع إدارات وعشرات الوكالات الفيدرالية من خلال التصويت على مشورع قانون في الكونغرس، وهو الامر الذي أجبر، في نفس الوقت، حوالي 800 ألف موظف فدرالي على المكوث في منازلهم. وبدأ المأزق بخصوص التمويل الفيدرالي الأسبوع الماضي عندما وافق مجلس الشيوخ على اتفاق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري كان سيسمح باستمرار الخدمات الحكومية حتى فبراير. وخصص الاتفاق السالف الذكر مبلغ 1.3 مليار دولار لأمن الحدود ، ولكن ليس خصيصا لبناء الجدار. كما صادق مجلس النواب، من جانبه، على نفس “الحزمة” مع إضافة 5.7 مليار دولار جراء الضغط الذي مارسه الرئيس ترامب على الجمهوريين في مجلس النواب. لكن تصويتا إجرائيا تم الجمعة الماضية في مجلس الشيوخ أظهر أن الجمهوريين بحاجة الى ال60 صوتا الضرورية لتمرير مشروع القانون متضمنا المبلغ اللازم لبناء الجدار. وقد أدى هذا المعطى إلى دخول البيت الابيض في مفاوضات مكثفة مع الكونجرس. حيث طلب ترامب من ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ أن يعمد الى تمرير مشروع القانون بالأغلبية البسيطة (51 صوتا). هذا المطلب قوبل بالرفض من قبل ماكونيل مخافة الإقدام على سابقة خطيرة. وبالتالي أخفق الطرفان في التوصل الى اتفاق ممهدين الطريق إلى إغلاق حكومي، السبت الماضي، هو الثالث من نوعه برسم سنة 2018. من جهته، حذر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ ، تشارلز شومر ، الرئيس ترامب من أنه لن يتم تمرير أي مشروع قانون في مجلس الشيوخ يتضمن أحكاما تتعلق بتمويل بناء الجدار على امتداد الحدود مع المكسيك. وخاطب السيناتور عن نيويورك الر ئيس ترامب قائلا، “السيد الرئيس، إذا أردت إعادة فتح المرافق الحكومية، فعليك ببساطة التخلي عن الجدار”. ورد دونالد ترامب بأن الموظفين الفدراليين يقفون معه إلى أن يتم احراز النصر في هذه القضية. وفي انتظار ذلك، يبدو الرئيس ترامب وخصومه الديمقراطيين على أهبة الاستعداد للمبارزة في صراع يرهن مصير مئات الآلاف من الموظفين الفدراليين ويؤخر العودة إلى حياة طبيعية يتوق إليها الأمريكيون.