اختتم مجلس المستشارين، مساء اليوم الثلاثاء 08 غشت، في جلسة عمومية، دورة أبريل للسنة التشريعية 2016- 2017، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور والمادة السادسة من النظام الداخلي لمجلس المستشارين. وبهذه المناسبة، أكد رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش،أن حصيلة هذه الدورة تعد “هامة على مختلف واجهات عمل المجلس” سواء على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، أو على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، وكذا انفتاح المجلس على محيطه. واعتبر بن شماش، في مستهل كلمته، أن التفاعل مع مضامين الخطابات السامية للملك محمد السادس، لاسيما خطاب العرش لهذه السنة، “يقتضي الانكباب الجدي على إعداد خارطة طريق تنفيذية تستلهم تلك المضامين لتثمين ومواصلة مجهود استكمال الأوراش الإستراتيجية التي أطلقناها، من جهة، ولكن لتصويب الاختلالات وتجاوز مكامن الضعف في عملنا بغرض ترشيد الحكامة البرلمانية والرقي بنجاعة تدخلاتنا، من جهة ثانية”. وأوضح أن المجلس وافق خلال هذه الدورة، على مستوى التشريع، على 46 مشروع قانون، منها 34 مشروع يتعلق بالموافقة على اتفاقيات دولية تواكب الالتزامات القارية والدولية للمغرب و12 مشروع قانون يهم مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، يأتي في مقدمتها مشروع قانون المالية رقم 73.16 للسنة المالية 2017. واعتبر رئيس مجلس المستشارين أن الاتفاقيات الدولية – سواء الثنائية منها أو المتعددة الأطراف- تشكل الجزء الوافر من مشاريع القوانين التي وافق عليها المجلس خلال الدورة، لافتا إلى أن عددا لا بأس به من هذه الاتفاقيات يتعلق بالدول الإفريقية، وذلك تنفيذا للتوجه الملكي السامي المتجدد نحو إفريقيا، وذلك منذ أن بادر جلالته إلى اتخاذ قرار استئناف شغل عضوية المغرب في المؤسسة الإفريقية القارية، وكذا على إثر زياراته لعدد من الدول الإفريقية، التي تم خلالها التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات الثنائية، والتي شملت دولا مثل روندا واثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا ونيجيريا ومدغشقر وغانا. كما أن باقي النصوص المصادق عليها، يضيف بن شماش، تتراوح بين طابعها الحقوقي والاقتصادي والاجتماعي، من بينها، مشروع القانون الخاص بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومشروع القانون الرامي إلى نقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة، والمساهمة في تحصين الملكية العقارية وحمايتها من السطو غير المشروع، بموجب القانون المنظم للحقوق العينية. فضلا عن مشروعي قانونين متعلقين بإحداث وكالتين جديدتين، تعنيان بالتنمية الرقمية وبتنمية الاستثمارات والصادرات. وفي نفس السياق تم إقرار قوانين، ذات طبيعة تكافلية وتعنى ببعض الفئات المجتمعية، من قبيل الموافقة على مشروع القانون المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وتعديل القانون المنظم للتعاونيات، والموافقة على مشروع القانون المحدث لنظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، دون إغفال المجال الرياضي وتأطيره بقواعد حمائية من تعاطي المنشطات. أما على مستوى مراقبة العمل الحكومي، فقد عقد المجلس خلال هذه الدورة 35 جلسة عامة، استغرقت حوالي 68 ساعة عمل، جاءت جلسات الأسئلة الشفهية في مقدمتها ب 14 جلسة، وتلتها الجلسات التشريعية ب 9 جلسات، ثم الجلسات الخاصة التي بلغت 6 جلسات، بالإضافة إلى 3 جلسات مشتركة مع مجلس النواب، و3 جلسات شهرية متعلقة بالسياسة العامة. وأشار بهذا الخصوص إلى أن المعدل العام لحضور أعضاء المجلس بالجلسات العامة بلغ حوالي 56 في المائة من إجمالي أعضائه في مجموع الجلسات، مبرزا أن جلسات الأسئلة الأسبوعية تعرف استقرارا نسبيا من حيث عدد الحاضرين بمعدل حضور حوالي 69 مستشارا في كل جلسة. أما على مستوى الأنشطة الرقابية والاستطلاعية للجان الدائمة، يضيف بن شماش، فقد ورد على اللجان الدائمة في ظل الحكومة الجديدة، 19 طلبا من الفرق والمجموعات، تفاعلت الحكومة مع 4 طلبات منها، يتعلق الأول بإعراب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عن استعداده لحضور أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، والثاني بدفع وزارة العدل بعدم اختصاصها بمناقشة قضايا حقوق الإنسان، في حين تم عقد اجتماع واحد للجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، نوقش خلاله وضعية المكتب الوطني المغربي للسياحة، واجتماع لجنة المالية حول الإطار العام لإعداد لمشروع القانون المالي لسنة 2018 تطبيقا لأحكام القانون التنظيمي لقانون المالية. وبخصوص المهام الاستطلاعية والزيارات الميدانية، فقد استقبلت اللجان الدائمة 5 طلبات في هذا الشأن، استجابت الحكومة لاثنين (2) منها، تتعلقان بزيارة مقالع الرمال بمدينتي القنيطرة والعرائش، ولميناء الناظور والمركز الحدودي بني انصار، وهي الآن في طور الإعداد من لدن لجنتي المالية والداخلية، وننتظر رد الحكومة بخصوص الطلبات الثلاثة الأخرى. وتميزت هذه الدورة باستكمال الإجراءات القانونية المرتبطة بتشكيل لجنتي تقصي الحقائق حول المكتب الوطني المغربي للسياحة وترخيص الحكومة باستيراد النفايات. وشدد بن شماش على أن الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية تظل موعدا هاما لطرح قضايا الشأن العام الوطني، موضحا أن الحكومة أجابت بهذا الصدد خلال 14 جلسة عامة انعقدت في هذه الدورة على 242 سؤالا شفهيا، من أصل 749 سؤالا توصل بها المجلس خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أبريل 2017، من ضمنها 51 سؤالا آنيا و 191 سؤالا عاديا، بينما تمت الإجابة على 147 سؤالا كتابيا من أصل 186 بنسبة 79 في المائة. كما عقد المجلس ثلاث جلسات شهرية (03) خاصة بتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، تمت برمجة تواريخ انعقادها، بصفة مسبقة في مستهل الدورة، وبتنسيق مع مجلس النواب. وأبرز أن قطاع التربية الوطنية والعلاقات مع البرلمان يعد الأكثر حضورا في أشغال جلسات الأسئلة العامة الأربعة عشر التي عقدها المجلس خلال هذه الدورة، متبوعا بقطاع الصحة، الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والشغل والإدماج المهني ، ثم قطاعات الطاقة والمعادن، والسياحة والنقل الجوي، وكتابة الدولة المكلفة بالنقل. وبالنسبة للقطاعات الحكومية الأقل حضورا، يوضح بن شماش، يأتي في المقام الأول قطاعي الاقتصاد والمالية، والفلاحة والصيد البحري اللذين اعتذرا عن الحضور 13 مرة، متبوعين بقطاعات الداخلية، والخارجية، وكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري ب 12 مرة، فقطاعي الصناعة والاستثمار والتجارة وكتابة الدولة المكلفة بالمياه والغابات ب11 مناسبة، علما بأن المعدل العام لاعتذار جميع أعضاء الحكومة خلال الجلسات 14 المخصصة للأسئلة الشفهية بلغ حوالي 36 في المائة. وسجل بن شماش أن أهم ما ميز عمل مجلس المستشارين على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، خلال هذه الدورة، يكمن في التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم مع مجالس البرلمانات في البلدان الصديقة، إضافة إلى الزيارات واللقاءات الهامة التي قام بها مجلسنا على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف. وأبرز أن عمل وفود مجلس المستشارين اتسم بالدفاع عن القضايا الكبرى للمملكة، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمملكة، والترويج للنموذج الديمقراطي والتنموي المغربي المتفرد، وكذا الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتأكيد مواقف المغرب بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم حفظ الأمن والسلم الدوليين. وفي إطار هذه الدينامية التي ميزت العمل الدبلوماسي، أوضح ذات المصدر أن المجلس استقبل 30 وفدا برلمانيا وحكوميا وشخصيات دبلوماسية، كما شارك في 20 تظاهرة برلمانية إقليمية ودولية وقارية. أما على مستوى العلاقات مع برلمانات الدول الإفريقية، فقد سجل بن شماش أنه إضافة إلى احتضان البرلمان المغربي للدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، فقد تميزت الدورة على الخصوص بزيارة رئيس مجلس الشيوخ الرواندي، تخللتها مباحثات ثنائية ولقاءات مع مسؤولين في الحكومة والمؤسسات الدستورية الوطنية، فضلا عن تفعيل مجموعات التعاون والصداقة مع مختلف الدول، وإحداث مجموعات على مستوى إفريقيا في إطار تنزيل المخطط الاستراتيجي الخاص بالقارة الإفريقية. أما على مستوى العلاقات مع المنظمات والهيئات الدولية، يضيف بن شماش، فقد احتضن المجلس، بتنسيق مع مجلس النواب فعاليات كل من المؤتمر 24 للاتحاد البرلماني العربي، والدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، إلى جانب المؤتمر 25 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي. وفي إطار هذه الدينامية القوية التي تعيش على إيقاعها الدبلوماسية البرلمانية، شدد بن شماش على أن المجلس سيواصل عمله خلال الدورة المقبلة عبر محطات ومواعيد هامة تتمثل في زيارات لرؤساء المجالس المماثلة، واحتضان المجلس لعدة ندوات ومؤتمرات إقليمية وقارية ودولية.