أكد يوسف العمراني، المكلف بمهمة بالديوان الملكي، أن المغرب ما فتئ يدعو إلى إعادة إطلاق نظام مغاربي جديد. وكذلك على العمل على أن يشكل قوة دافعة في المنطقة وعامل استقرار وأمن في منطقة الساحل والصحراء وفاعلا مهيكلا للاندماج الإفريقي. ووصف السيد يوسف العمراني في مداخلة له، اليوم الأحد، خلال ندوة حول موضوع (التحجيم والتدمير : الحرب على الإرهاب في الخارج)، نظمت في إطار الدورة ال11 لمنتدى بروكسل (جيرمان مارشال فاند)، بشراكة مع مركز (بوليسي سانتر) التابع للمكتب الشريف للفوسفاط، إلى جانب نائب الوزير الأول ووزير الشؤون الخارجية البلجيكي ديديي ريندرز، والجنرال غراتيان مير، نائب رئيس أركان الدفاع الفرنسي، وجيف سيشنز، سيناتور أمريكي، الوضع الجيو سياسي للمنطقة ب”المعقد ” و” المجزأ “، بسبب ” عدم الاستقرار عموما والتهديدات الأمنية المتعددة ” التي تسود عددا من البلدان. احترام المبادئ الاساسية وذكر بأن ” حل النزاعات المستمرة في هذه البلدان رهين، قبل كل شيء، باحترام المبادئ الاساسية “، المتعلقة على الخصوص بالمصالحة الوطنية، واحترام الوحدة الترابية للدول، وكذا تعزيز الديمقراطية “. وشدد على أن التهديدات الأمنية المختلفة تشكل تحديا للمنطقة، ولأوروبا أيضا، بل وتمتد إلى مجموع المنطقة العابرة للأطلسي، مشيرا إلى أنه، ولمواجهة الإكراهات الأمنية الحالية والعوامل الأخرى لعدم الاستقرار، وحده ” التعاون الفعال قادر على احتواء اتساع رقعة الإرهاب العالمي “. وأبرز السيد العمراني في هذا الصدد أن حالة عدم الاستقرار التي تعرفها المنطقة، وخاصة الساحل والصحراء، تؤكد بشكل جلي على أنه لا يمكن لأي دولة أو فاعل متعدد الأطراف، مهما بلغت قوته، أن يفرض لوحده حلولا للخروج من الأزمة، مشيرا إلى أنه ” وحده مغرب عربي قوي، موحد ومندمج قادر على مواجهة التهديد الإرهابي، في الساحل، والمغرب العربي والفضاء المتوسطي عموما “. ضرورة بناء منطقة للسلام وفي السياق ذاته، أكد السيد العمراني على ” ضرورة بناء منطقة للسلام والازدهار المشترك، على أساس مقاربة تعطي الأولوية للتضامن والتعاون والوحدة، بدل العداء والمعارضة” بالنظر إلى التحديات المتعددة التي تواجهها بشكل مشترك بلدان المنطقة، والفرص الملموسة التي يتيحها الاندماج الإقليمي المدعم، والذي يشكل أرضية حقيقية لإرساء تعاون إقليمي دافع على جميع المستويات. واعتبر السيد العمراني، في هذا السياق، أن مقاربة قضية الحرب ضد التهديدات الإرهابية انطلاقا من البعد الأمني كمنظور وحيد يعد جوابا ناقصا قد ينطوي على مخاطر كبيرة في العودة إلى الوراء. وبالنسبة إليه، فإن الأمن والسلام والاستقرار لن يتحقق دون تطبيق مقاربة منسجمة وواقعية قائمة على أربعة أسس وهي التنمية السياسية، والنهوض بالاقتصاد، والتعاون الأمني وإصلاح الحقل الديني، السبيل الوحيد لمحاربة التطرف العنيف. وفيما يتعلق بالمغرب، أكد السيد العمراني أنه، وبالإضافة إلى النجاح الذي عرفه إصلاح الحقل الديني الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تروم المقاربة المجددة ومتعددة الأبعاد التي اعتمدها المغرب على المستويين الإقليمي والدولي لمحاربة الإرهاب وتهديد التطرف، النهوض بالإسلام المعتدل والمتسامح والمنفتح، وكذا تفكيك خطابات التطرف العنيف. تأهيل الأئمة المغاربة والأجانب ومن ثمة، يضيف السيد العمراني، تبدو ” الأهمية الخاصة التي تم إيلاؤها لتأهيل الأئمة المغاربة والأجانب، وكذا المرشدين والمرشدات، من خلال برامج للتكوين الديني تتلاءم والتعاليم الصحيحة لإسلام معتدل ومتسامح يتقاسمها مجموع البلدان التي تعتمد المذهب المالكي “. وبعدما أكد على أن التغيرات المناخية تشكل “تهديدا للأمن الدولي”، شدد السيد العمراني على أن ” الحفاظ على الاستقرار البيئي يتطلب أيضا بحث القضايا المرتبطة بالتغيرات المناخية والأمن الغذائي ” مضيفا أن نجاح السياسة الطاقية للمغرب في مجال محاربة التغيرات المناخية وحماية البيئة تعزز الموقع الريادي للمملكة في هذا المجال، من خلال احتضان (الكوب 22) بمراكش في نونبر المقبل”. ولم يفوت السيد العمراني الفرصة للتذكير على أنه وأمام ظرفية دولية غير مستقرة بسبب تحديات غير مسبوقة، من الضروري، سواء بالنسبة للاتحاد الأوروبي أو جواره الجنوبي، العمل سويا من أجل ” إعادة بناء النظام العالمي وتعزيز الإجراءات المؤسساتية القادرة على الحفاظ على الاستقرار “. خلق فضاء من البلدان المستقرة وأعرب عن أسفه في هذا الإطار ” لكون السياسة الأوروبية للجوار، التي كانت تهدف إلى خلق فضاء من البلدان المستقرة، مزدهرة وسلمية في جوارها، لم تحقق الأهداف المرجوة بسبب عدم ملاءمة بعض الآليات، والتراجع الكبير لجوار الاتحاد “. وحسب السيد يوسف العمراني، فإن الاتحاد الأوروبي يجد نفسه اليوم أمام تحدي تقديم حلول عاجلة لوضعيات معقدة، كأزمة اللاجئين، على سبيل المثال، معتبرا أن ” الوقت قد حان بالنسبة للاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراته وإعادة النظر في استراتيجيته الداخلية”، معربا عن أمله في أن تتوج المشاورات التي ستقوم بها الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغيريني في يونيو 2016 بوضع استراتيجية شاملة وطموحة للاتحاد الأوروبي في مجال السياسة الخارجية والأمن، مهما كانت نتائج الاستفتاء حول انسحاب أو بقاء بريطانيا في الاتحاد في 23 يونيو، وتقديم التصور الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي في يوليوز 2016.