رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تشبيه الاحتجاجات التي تشهدها بلاده بما حدث في دول الربيع العربي، مؤكداً أن "من واجبه تطهير" ساحة تقسيم في إسطنبول رغماً عما سماها الجماعات الإرهابية. وفي خطوة اعتبرت استعراضاً للقوة في مواجهة مظاهرات المعارضة، قال أردوغان أمام عشرات الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا في حديقة بإسطنبول "إلى الجهلة الذين يظنون أن تركيا تعيش ربيعاً عربياً، عليهم أن يعلموا أن ربيع تركيا بدأ عام 2002، ولكن هؤلاء لهم أعين ولكنها لا ترى مسيرتنا النضالية التي بدأت منذ عهد رئيس الوزراء عدنان مندريس إلى يومنا هذا، وهي تتجلى في صناديق الاقتراع". وتطرق أردوغان للاعتصامات في حديقة غيزي بساحة تقسيم قائلا إنها "ليست حكرا لأي مؤسسة أو جماعة وإنما ملكاً لشعب تركيا، وسأقوم بإخلاء تقسيم رغما عن كيليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض والجماعات الإرهابية". وتابع "أبلغت الوفود التي قابلتها بأننا سنخلى حديقة غيزي من المتظاهرين بعد تحويل ملف المشروع إلى القضاء"، مضيفاً أنه أكد للوفود بأننا سنحترم القضاء وإن سمح بمشروع تطوير ساحة تقسيم فسنذهب للاستفتاء وسنحترم الإرادة الوطنية. ودعا أردوغان -الذي حيّا كل أحياء إسطنبول بالاسم- الشعب التركي إلى عدم تلبية دعوة لمعارضين إلى التظاهر. وردا على الانتقادات الغربية لتعامل حكومته مع الاحتجاجات والتي وصفت ما حدث في تقسيم ب"الحرية"، قال أردوغان "إن الحرية ليست الاعتداء على حريات وممتلكات الآخرين، ونحن من فتحنا باب الحريات في تركيا ومن يرغب من المعارضة بإسقاط الحكومة فإن صناديق الاقتراع هي الحكم والانتخابات المحلية مقبلة".
وأشار أردوغان إلى أن من يريدون رؤية ما الذي يجري في تركيا عليهم أن ينظروا إلى هذا التجمّع، معتبراً أن هناك إعلاما غربيا يخفي هذه الحشود وينشر الأكاذيب ويشوه الحقائق. وقال إن وسائل الإعلام الدولية والبرلمان الأوروبي لا يريان ما يحدث في سوريا وفلسطين، مضيفاً أن تركيا ليست دولة تقوم بعمليات ضد الدول عبر وسائل الإعلام الدولية، ونحن لا نقع في فخ وألاعيب أي طرف ولا تؤثر فينا أبداً. أنصار أردوغان احتشدوا بالآلاف قبل الخطاب بساعات (الفرنسية) حشد وقبل التجمع الحاشد الذي ألقى فيه أردوغان خطابه، وصل نحو ألف عنصر أمن إضافي من مختلف المحافظات إلى إسطنبول، كما احتشد أنصاره قبل الخطاب بساعات طويلة ملوحين بالأعلام التركية ورايات حزب العدالة والتنمية الحاكم. وكان لافتا وجود نساء بعضهن غير محجبات في الحشد الذي امتد على مسافة كيلومترات عدة من الحديقة التي ألقى فيها كلمته. وهتف أنصار أردوغان "يجب كسر الأيدي التي تمتد إلى الشرطة"، و"الشرطة هنا، أين اللصوص؟" كما أطلقوا هتافات التكبير. من جهته قال الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين إيجمان باجيس إن احتجاجات غيزي بارك خطط لها منذ ستة أشهر، واعتبرها "محاولة للقيام بتحرك ينتهي بتغيير النظام في تركيا". إضراب وانتقاد على الجانب الآخر، أعلنت اثنتان من كبرى النقابات التركية اليوم أنهما ستنظمان اليوم الاثنين إضرابا عاما في كل أنحاء تركيا "تنديدا بأعمال العنف التي ارتكبتها الشرطة بحق المتظاهرين المناهضين لأردوغان". والجهتان صاحبتا الدعوة هما الاتحاد النقابي للعمال الثوريين (ديسك) الذي يضم 420 ألف عضو، والاتحاد النقابي لموظفي القطاع العام (كيسك) الذي يضم 250 ألف عضو. وفي إطار ردود الفعل الغربية على الاحتجاجات، دعت ألمانيا تركيا اليوم إلى "احترام حرية التظاهر والتعبير". وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستفين شيبرت "إن الحكومة الألمانية حذرت مرات عدة من أنه يجب ضمان حرية التظاهر والتعبير واحترام المواطنين المسالمين". يذكر أن الشرطة تدخلت الليلة الماضية -بعد أسبوعين من المظاهرات المناهضة للحكومة- وأخلت بالقوة حديقة غيزي وساحة تقسيم في إسطنبول، وتعهد محافظ إسطنبول بعدم السماح بتجمع المحتجين في الميدان بعد فض اعتصامهم هناك الليلة الماضية، قبيل انتهاء المهلة التي حددها أردوغان بإخلائها من المحتجين أمس الأحد.